قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني إن «الوضع العالمي والإقليمي في المنطقة يزداد سوءاً، فالتوترات القديمة لازالت كما هي، ولكن برزت في الساحة تحديات جديدة»، وأكد أن تنظيم «داعش» لايزال «يمثل التحدي الأكبر لنا جميعاً، وسورية في خضم الدمار المتزايد وإراقة الدماء لازالت تنتظر منا الحل، والعنف الشرس في ليبيا لايزال مستمراً، وما يدعى بعملية السلام في الشرق الأوسط في مرحلة جمود، والشكوك في شأن طموحات إيران المزعزعة للاستقرار لاتزال قائمة، كما أن اليمن بات على شفير صراع خطر، ولاتزال منطقتنا توصف بأنها الملاذ الأسوأ الذي يحتضن التطرف والإرهاب، وفي الوقت ذاته تعتبر أكبر مستورد للمقاتلين الأجانب، هذا فضلاً على الانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي لم يسهم في تعزيز الاستقرار المنشود». وأكد الزياني في كلمة له ألقاها ليل أول من أمس، في افتتاح منتدى أبحاث الخليج الذي ينظمه مركز أبحاث الخليج في جامعة كمبريدج البريطانية، أن الدول الخليجية «حذرة في شأن التعاطي مع الملف النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه بين مجموعة دول 5+1 وإيران»، وقال: «نحن في مجلس التعاون كنا دائماً حذرين في شأن أي اتفاق غير شامل ولا يأخذ في الاعتبار التطلعات الإيرانية الإقليمية المغرضة وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى»، وأضاف: «علينا أن نقلق جميعاً من احتمال استمرار هذه المطامح القديمة مع توافر المزيد من الأموال لتمويل هذه الأنشطة». وأوضح أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزير الخارجية الأميركي «شددوا في اجتماعهم الذي عقد في الدوحة هذا الشهر، على رفضهم الدعم الإيراني للإرهاب وللأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، مؤكدين عزمهم على التصدي للتدخلات الإيرانية». ولفت إلى أن «منظومة مجلس التعاون قامت باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين قدراتها وإمكاناتها المشتركة»، مشيراً إلى «أنه في ظل إعادة تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط فإن دول المجلس عليها أن تستعد لما هو أسوأ، بينما تعمل وتأمل في ما هو أفضل». وأشار الزياني إلى «أن التطرف نشأ عن الفراغ الفوضوي الذي أعقب حرب العراق عام 2003 والحرب الأهلية الأخيرة في سورية، مما أدى إلى قيام مجموعات ذات ولاءات ومعتقدات مختلفة باستغلال ذلك الفراغ، ومنها (داعش) الذي دخل إلى الساحة ونصب نفسه دولة الخلافة في العالم». ورأى أن «داعش» استطاع «احتلال الأراضي متخطياً الحدود المعترف بها دولياً»، معتبراً أن «استعادة الأراضي التي احتلها (داعش) ليس بالأمر السهل، إلا أنه بالإمكان دحره عسكرياً متى ما عملت مختلف أطراف التحالف وفق نهج جيد التنسيق»، ولفت إلى ضرورة «تكوين حكومة وطنية شاملة في العراق تضم مكونات الشعب العراقي كافة، وتغيير النظام في سورية حتى ينتهي (داعش)». وعن مشكلة التطرف في المنطقة، أشار الزياني إلى أنها «لا تقل خطورة عن (داعش)، لأن من الممكن عبور الحدود السياسية واستعادة الأرض، بيد أنه من الصعب للغاية العبور إلى عقول الأفراد الذين غرست في أذهانهم فكرة الجهاد والتطرف لأي سبب كان»، وأوضح «علينا أن نحاول منع حدوث تغذية الأفكار الهدامة كأول خطوة نبدأ بها، وأن نتأكد من تعليم مواطنينا خصوصاً الشباب منهم التمييز بين الصح والخطأ بالمفهوم الديني والدنيوي، وكذلك التأكد من سلامة برامجنا التعليمية وتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي وفوق كل ذلك التربية الأسرية». ... والمنتمون ل«داعش» مؤهلون في جامعات أوروبا وأميركا! أوضح الزياني أن «الذين تم تجنيدهم في (داعش) لا ينتمون بالضرورة إلى الطبقة الفقيرة أو غير المتعلمة، إذ إن الكثير من المقاتلين حاصلون على درجات جامعية، والكثير منهم من أوروبا وأميركا وأستراليا وغيرها من دول العالم المتقدمة، إذ أتيحت لهم كل الفرص ومع ذلك هم يتطوعون للقتال مع (داعش)»، وقال إن التطرف «مرض قد يخرج عن السيطرة، وكل دولة متأثرة به تبذل ما بوسعها بصورة فردية للحد من الأخطار لديها داخل حدودها، موضحاً أن التطرف فكر خاطئ، وتفسير لا يمت بأية صلة لمعاني الإسلام الحقيقية، ومع ذلك فإن عقيدة ومعتقدات المتطرفين تدفعهم إلى ارتكاب المزيد من الاعتداءات الوحشية». ودعا الأمين العام إلى تعاون وتنسيق أشمل على الصعيد العالمي لمكافحة الارهاب، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية ومنذ عقد من الزمن كانت قد دعت إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وقدمت دعماً مالياً بلغ 110 ملايين دولار لهذا الغرض. وقد تحققت رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - بإنشاء مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب أخيراً، والذي يترأس مجلسه الاستشاري سفير المملكة العربية السعودية في الأممالمتحدة، مما يدل على أن دول المجلس تقوم بدور ريادي على المستوى الدولي لمكافحة الإرهاب.