تل المقير (العراق) -أ ف ب - يمكن لمدينة أور السومرية، حيث رأى النبي ابراهيم النور، على ما جاء في كتاب التوراة، ان تصبح بشهرة اهرامات الجيزة في مصر إذا توافرت الارادة السياسية لذلك. ولم تكشف الحفريات التي أجراها في القرنين التاسع عشر والعشرين علماء آثار بريطانيون وأميركيون سوى حوالى عشرين في المئة من المدينة، الواقعة قرب الناصرية في جنوب العراق. ويقول ضيف محسن، المسؤول عن حماية الموقع: «عند استئناف الحفريات، سيتم الكشف عن أطنان من القطع الاثرية تكفي لملء صالات المتاحف. ثمة احتمال بأن يصير هذا الموقع اشهر من موقع الجيزة»، حيث اهرامات خوفو وخفرع ومنقرع فضلاً عن ابي الهول. ويضيف، وهو يتنقل في قطاعه «يعتبر بعض علماء الاثار ان اخراج المدينة من التربة الى النور يتطلب اكثر من ثلاثة عقود». وأسست مملكة أور قبل أكثر من 4500 سنة، وهي مطمورة تحت تلة كبيرة تعصف بها الرياح، على قمتها معبد «إينا زيكورات» المهيب، وهو بناء حجري متدرج مخصص لالهة القمر السومرية إنانا. وكانت المدينة أحد اوائل مراكز الحضارة القائمة على ضفاف الفرات الخصبة، حيث استخدمت الرموز المسمارية للمرة الاولى في تاريخ الانسانية. وبلغت المدينة عصرها الذهبي لتمتد الى ايران خلال حكم الملك أور نامو (بين 2112 و2095 تقريبا قبل الميلاد)، وهو مقاتل مميز ومؤسس ثالث سلالات سومر. وفي عهده ازدهر الاقتصاد والثقافة والفنون والشعر. وكانت المملكة خاضعة لهيكلة ادارية مكتملة وسادت فيها مجموعة من التشريعات. ويؤكد ستيف تيني، استاذ العلوم الاشورية في جامعة بنسلفانيا (الولاياتالمتحدة) التي بادرت الى اجراء الحفريات العلمية الاولى بالتعاون مع المتحف البريطاني بين عامي 1922 و1943 «ان ثمة وثائق جمة غير مكتشفة». ويأمل باكتشاف نصوص جديدة لفهم الثقافة والديانة السومرية المتعددة الالهة على نحو افضل. ويقول: «لا نملك نصوصاً تتناول اورنامور وخلفاءه او تتمحور على الطقوس والصلوات». وقد يتبين ان موقع اور فريد تماما في حال تأكد ان فيه ما يعتقد بانه منزل اب الديانات السماوية الثلاث النبي ابراهيم. ويقول ضيف، وهو يقف قبالة مبنى من 27 حجرة، اعيد ترميمه بأمر من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين استباقا لزيارة كان يعتزم الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني القيام بها عام 1999 للعراق ولم تحصل، «نظنه عاش في هذا المكان ذلك اننا وجدنا اسمه محفوراً على احدى الصخور، خلال حفريات العام 1922». ولا يحمي أور سوى سياج هش وبعض الحراس، وثمة احتمال بأن تظل المدينة موقعاً ضائعاً في بلد يزعزعه العنف ويهتم لإعادة اعماره اكثر من الاهتمام بآثاره. وتقول آن بروز وهي ديبلوماسية ايطالية مسؤولة عن فريق الاعمار المناطقي (بي ار تي) في محافظة ذي قار: «لا تزال ثمة حاجة لفعل الكثير ومن الضروري بذل الجهد بالتعاون مع الحكومة المركزية في حال اراد العراق الافادة من قدراته الضخمة ليصير قبلة سياحية». وتؤكد ان المحافظة تضم فضلاً عن أور 47 موقعاً «ذات قيمة اثرية بارزة». وتقول ان السلطات في المحافظة لا تملك الموازنة الكافية لاطلاق حفريات ضخمة وانها «تركز جهودها على الكهرباء وشبكة الصرف الصحي والمدارس والطرقات وامدادات المياه الجارية، وهذه مسائل تتقدم على الاثار».