دحض مصدر سعودي مسؤول ما تردد خلال الأيام الماضية عن الخسائر المتلاحقة في السوق السعودية والادعاءات حول أسباب هبوط السوق الأيام الماضية، وربطها ببيع جهات حكومية «كبيرة» أسهمها، بهدف توفير سيولة في ظل استمرار تراجع النفط وإصدار سندات دين لتمويل عجز الموازنة. وقال المصدر: «إن هذا الادعاء غير صحيح جملة وتفصيلاً، إذ وفقاً للبيانات اليومية الواردة من شركة السوق المالية (تداول) فإنه لم يحدث أية عمليات بيع أو شراء من الحكومة والصناديق التي تتبع جهات حكومية خلال الأيام والأسابيع الماضية، تخرج عن المستويات المعتادة في إطار القرارات الاستثمارية لتلك الجهات». وأضاف المصدر: «إن إجمالي ملكية الصناديق التابعة للحكومة خلال الفترة من 1-1-2015 حتى 18-8-2015 لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر». وأكد المصدر أن الحكومة «لم تتداول في أي من الأسهم المدرجة في السوق السعودية خلال الأيام والأشهر الماضية»، لافتاً إلى أن ما أشير إليه من تداولات تمت من الصناديق التابعة للحكومة التي تستثمر أموالها الخاصة، مثل التأمينات الاجتماعية، وصندوق التقاعد. كما أكد أن شركة السوق المالية «تداول» تطبق أفضل نماذج الإفصاح المعمول بها في الأسواق المالية العالمية، وأنها توفر يومياً بعد إغلاق السوق بيانات عن تغيرات كبار الملاك في الشركات المدرجة، بما في ذلك ملكية الحكومة (صندوق الاستثمارات العامة)، وأنها تعمل بشكل مستمر وفي ظل التشريعات الصادرة عن هيئة السوق المالية على تعزيز الإفصاح، وتوفير المزيد من البيانات التي تهم المستثمرين، بما يتيح لهم اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، وفق معلومات دقيقة. بدوره، قال المحلل المالي علي الجفري ل«الحياة»: «إن غالبية المحللين يتفقون مع رأي المصدر الحكومي، كون الدولة مرت في مراحل حرجة أكبر من الحالية، ولم تقم بعمليات بيع بهذه الطريقة»، مضيفاً: «الدولة لا تضارب، بل تستثمر في أسهم ذات عوائد مجزية». وأضاف الجفري: «إن صناديق الدولة، وأهمها صندوق الاستثمارات العامة، من المستحيل أن تبيع بهذه الطريقة، ولم تبع في ظروف أصعب من هذه، بل تشتري حين تجد الفرص الجيدة في مثل هذه الأوقات»، مبيناً أن الدولة «مستثمر بعيد المدى، ولا يمكن أن تقوم بهكذا خطوة». واستدرك بالقول: «لكنني لاحظت من خلال متابعتي الأيام الماضية أن هناك من واقع العمليات، عمليات بيع كبيرة من المصارف لبعض المتداولين بالتسهيلات، وهذا أمر واضح، ولكن أي ادعاءات بأن الدولة تقوم بذلك فهذا أمر مستحيل، كون الدولة تبحث عن توزيعات مالية عالية، وتستثمر بموارد أخرى أقل فائدة، فلذلك لا يمكن أن تتخلى عن استثماراتها الجيدة». وحول ما تمر به السوق من حال هلع وعمليات بيوع عالية، قال الجفري: «السوق تمرّ في فترات هبوط وصعود، حالها كحال أية سوق في العالم، ولكن بعض الأخبار في الأيام الماضية، خصوصاً توصيات صندوق النقد الدولي، زادت من حالات الخوف بعد التضخيم الإعلامي لها». وأضاف الجعفري: «صندوق النقد الدولي طرح مقترحات، وليس بالضرورة الأخذ بها، وهي آراء وتوصيات، وليست أمراً محتوماً، وكثيراً ما قدم الصندوق توصيات للمملكة في بعض الأوقات الممتازة. وكان الاقتصاد متعافياً خلالها، واقترح اقتراحات لو أخذت بها المملكة لأضرت باقتصادها»، لافتاً إلى أن عملية دعم الوقود كانت بأمر ملكي لدعم المواطنين ولا يجب أن تتم مقارنتها بدول أخرى، ومن الأمثلة المقترحات التي قدمها الصندوق خلال أزمة النمور الآسيوية، وكانت توصيات الصندوق خاطئة تماماً، وهو في النهاية ليس من يرسم سياستنا. ولفت إلى أن «التشاؤم بدأ بالازدياد مع هبوط أسعار شركات كبرى، وهو بسبب بيع أسهم التسهيلات»، مؤكداً أن هناك الآن «فرصاً نادرة في السوق، خصوصاً مع مكررات الربح في السوق التي تقل عن 17 ضعفاً، إضافة إلى أن مكرر ربح بعض الشركات أقل من 11، أي أقل من مكرر ربح السوق»، مرجحاً أن يتوقف المؤشر عند النقطة 7800. من جهته، قال المحلل المالي محمد العتيبي: «إن في مثل هذه الأوقات تكثر الإشاعات عن السوق»، لافتاً إلى وجود مستفيدين من حالات الهلع في سوق يتحكم بجلّ معاملاته الأفراد، مضيفاً: «لا يوجد محلل واحد لم يحذر من استمرار تحكم الأفراد في السوق، وهم المتفاعلون مع أية إشاعة من دون دراية اقتصادية، ولا يمكن لأي اقتصادي أن يتوقع أن تقوم الدولة بالبيع في هذه الفترة». وحول وضع السوق حالياً، قال العتيبي: «إن السوق السعودية مع الأسواق العالمية الأخرى التي تمر حالياً بتقلبات، خصوصاً الآسيوية منها»، مضيفاً: «طالما النفط في وضع انخفاض سيستمر التأثير النفسي هو المسيطر، وأعتقد سيكون هناك تحسن خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أن هناك فرصاً جيدة الآن لقطاعات لم تتأثر بتقلبات النفط». وأشار إلى أثر الأحداث الجيوسياسية وانخفاض أسعار النفط، مؤكداً أن «تضخيم سلبية الوضع الراهن ليست لمصلحة السوق، ويجب أن تتم التهدئة»، معتبراً خروج مصدر مسؤول للحديث في هذا الوقت «أمر جيد، ويجب أن يتبعه مزيد من الإيضاحات خلال الأيام المقبلة».