شددت سيدة الأعمال سحر بنت حمد المرزوقي، على أن دور المرأة يتنامى في الحركة الاستثمارية في السعودية، وقالت:«أصبح لدينا قاعدة عريضة من سيدات الأعمال اللاتي بدأن في التفاعل مع الحركة الاقتصادية في السعودية ويسهمن في المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية محلياً ودولياً».وأوضحت أن الهيئة العامة للاستثمار في السعودية أنشأت مراكز الخدمات الشاملة في مناطق عدة من السعودية من خلال تخصيص أماكن مستقلة للنساء لخدمة المستثمرات ووضع خطط عمليةٍ لتعزيز الثقافة الاستثمارية لدى سيدات الأعمال وتوجيههن نحو فرص الاستثمار المتوافرة. وأشارت إلى الدور الداعم الذي تلعبه الهيئة مع صندوق المئوية لتشجيع المرأة السعودية لدخول عالم المال والأعمال من طريق إنشاء أعمال خاصة بالنساء يسهمن خلالها في توفير فرض وظيفية لبنات جنسهن. ولفتت إلى أن مساهمة المرأة تتزايد، ولكنها ما زالت محدودة، لأن تطور المجتمع والمؤسسات ليس على الوتيرة نفسها في الأصعدة المختلفة، «إلا أنه يتعين على الأجهزة الحكومية في هذا العصر الجديد أن يتوافر لديها قدر أكبر من الفهم للحاجة إلى سياسات أكثر استجابةً للمتطلبات النسائية». واعتبرت المرزوقي أن سياسات الاقتصاد أصبحت شبه محايدة إزاء الجنس من حيث الذكورة والأنوثة،«كما أن السياسات الاقتصادية التي تتعلق بالمتغيرات والأهداف الاقتصادية مثل الواردات والصادرات وميزان المدفوعات لا تبدي سوى نزر يسير من التمييز بين الذكور والاناث في توفير العوامل الرئيسية للتغيرات الكلية في الوقت نفسه الذي تتحمل فيه تبعاتها». لافتة إلى إن الدول التي تزيد فيها نسبة النساء المشاركات في الناتج القومي تقل فيها المتطلبات الاستهلاكية وترتفع معدلات الادخار، ويؤدي ذلك إلى تعزيز الاستثمارات ورفع درجة النمو الاقتصادي، مؤكدة أن انخفاض معدلات مشاركة العنصر النسائي يسهم في زيادة نسبة الإعالة أو التبعية الاقتصادية على المواطنين. وعن المعوقات التي تقف في وجه سيدات الأعمال قالت المرزوقي إن «70 بليون ريال من الأرصدة المجمدة في البنوك بسبب ندرة الفرص والنظرة السلبية لعمل المرأة، مؤكدة أنه لا شك في أن وضع المرأة السعودية يشهد حراكاً متجدداً فكرياً، اقتصادياً، واجتماعياً، وهو ما يعتبر مؤشراً للوعي بأهمية دورها وتأثيره في تنمية المجتمع والرغبة في مواصلة دعم دورها وتعزيزه للمشاركة في بناء الوطن، وإلا لماذا يتكدس في خزائن البنوك السعودية أكثر من 70 بليون ريال، هي حجم الأرصدة النسائية في السعودية، التي قدرتها آخر الاحصاءات، إذ لا يُستثمَر منها سوى 30 في المئة فقط». من جهتها، أكدت سيدة الأعمال منيرة الشنيفي الوكيل الشرعي أن أبرز العوائق وأنه من المفترض أن يكون هناك تغير في المنهجية والرؤية السابقة ومحاولة جعل سيدة الأعمال تستفيد من جميع الخدمات والمراكز الموجودة واستحداث إدارات عدة منها: إدارة الملفات الحكومية وفتح أربعة ملفات واحد منها خاص بوزارة التجارة ويطرح فيها مشكلة الوكيل، «لا سيما أننا منذ سنوات عدة طالبنا بإلغاء شرط وجوده لتتمكن سيدة الأعمال من استخراج سجل تجاري في المجالات النسائية البحتة. أما الأعمال غير النسائية مثل المقاولات والعقار فإنها تحتاج بالتأكيد إلى وجود مدير بوكالة بعد أن تغير المسمى من وكيل إلى مدير بوكالة إلا أن هذا الأمر لا يزال يمثل عائقاً أمامها فالمضمون هو نفسه لم يتغير خصوصاً أن بعض الوكلاء يقومون باستغلاله، إذا لم تكن المرأة على دراية بطريقة التوكيل وإعطائه صلاحيات معينة». وأضافت: «أن نظرة المجتمع لعمل المرأة فيها نوع من سوء الفهم أو اللبس في مواضيع حساسة ولا بد من إزاحة الغبار عنها لفهمها جيداً، وتم تصنيفها من أربع زوايا وهي: التعليم، الدين، الناحية الاجتماعية، بمعنى: هل يوافق المجتمع على وجود المرأة في مواقع العمل المختلفة، وأخيراً الاقتصاد». وأشارت إلى أن سيدة الأعمال السعودية برزت وأثبتت قدرتها على مد قنوات الاقتصاد الوطني بالأعمال الإنتاجية والاستثمارية التنموية، «ومع ذلك لا بد من أن نؤكد أن نسبة إسهامها في النشاط الاقتصادي ضعيفة، إذ لا تتعدى 6 في المئة، على رغم أنها تمثل أكثر من 50 في المئة من عدد السكان، فما زالت مشكلة «الوكيل» تؤرق الكثير من المستثمرات السعوديات، على رغم بدء بعض الجهات في تجاوز هذه العقبة، كما أن الروتين الإداري ما زال يعصف بالكثير من الجهود النسائية الهادفة إلى إقامة مشاريع جديدة، ومن ثم لا بد من التأكيد على أن دور الأقسام النسائية التي افتُتحت في بعض الجهات الحكومية ما زال محدوداً». وأوضحت أن «مجالات الاستثمار المتاحة أمام المرأة السعودية ما زالت محدودة متمثلة في المدارس، المشاغل النسائية والعقار، على رغم البدء في السماح لها رسمياً بأنشطة جديدة إلا أن التقدم في هذا الجانب يسير ببطء شديد، مع أن زيادة إسهام المرأة في النشاط الاقتصادي سيظل قراراً نابعاً من صميم المجتمع بالدرجة الأولى، ومع التطور النوعي في نظرة المجتمع لأهمية دور المرأة في عملية التنمية الاقتصادية إلا أن العراقيل ما زالت قائمة. وتعد الجهات الحكومية عاملاً رئيسياً في بطء تنفيذ القرارات الوزارية الداعمة لها، وعلى سبيل المثال القرار ال120 الذي يتضمن 9 نقاط لتعزيز مشاركة المرأة في التنمية، من أبرزها افتتاح المصانع النسائية وقصر العمل على المرأة في محال بيع الملابس النسائية كما أن المرأة السعودية الراغبة في الاستثمار تواجه مشكلة التمويل، على رغم التشجيع الحكومي، مشددة على أن الثقافة الاستثمارية لدى سيدات الأعمال ما زالت قاصرة ومحدودة للغاية وعشوائية في كثير من الأحيان، كما أن الثقافة الحقوقية تشكل أزمة عميقة في حياة المرأة ومجمع المشكلات التي تعاني منها المرأة (سيدة الأعمال) بسبب جهلها بالقوانين». وتحدثت المرزوقي عن مسألة الخوف من الخسارة وعدم امتلاك الثقافة الاستثمارية بقولها: «بشكل عام نسبة كبيرة من سيدات المجتمع السعودي لا يملكن ثقافة استثمارية، وهذا الأمر عائد لأمور عدة، أولها أن المرأة بطبيعتها تهوى التقليد والمنافسة، إضافة إلى وجود عوائق كثيرة تمنع دخول المزيد من النساء في المجال الاستثماري والتوسع فيه وتدفعهن إلى الإبقاء على أرصدتهن ورؤوس أموالهن مجمدةً كودائع بنكية ومحافظ استثمارية، أهمها عامل الخطر، والمتمثل في فقدان المال كله في حال خسارة المشروع. وفي حقيقة الأمر لا يمكننا أن نردّ غياب الوعي الاستثماري إلى جهة معينة إنما هي مجموعة عوامل مجتمعة وأدوار متبادلة، بمعنى أن المرأة يقع عليها عبء البحث عن المشاريع الاستثمارية الرائجة، كما أن الغرفة التجارية عليها أن تقوم بتوعية النساء بالمخاطر وإرشادهن لمشاريع استثمارية لا خطر فيها، إضافة إلى أن الجهات المسوّقة للأفكار الاستثمارية عليها دور، وهو يتمثل في التسويق، لأنني أمام طرفين أحدهما «مرسِل» وهو الذي يقدم أفكاراً ترويجية تصل إلى الحد الأدنى من التفكير عند الطرف الآخر وهو «المستقبِل»، وعلى سبيل المثال بعض القطاعات توجِّه عبارات تسويقية تخاطب شريحة معينة قد لا تستطيع فئة أخرى تملك رأس المال أن تفهم المصطلح المستخدَم أثناء التسويق، كما أن الكثير من النساء لا يعرفن الخدمات التي تقدمها الغرفة التجارية لهن». وطالبت منيرة الجهات الحكومية بضرورة تذليل العقبات التي تقلل من مشاركة المرأة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني التي حددتها الدراسات بأكثر من 100 عقبة في مختلف المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، التشريعية، والبيئية، وقالت إن الوزارات المعنية مطالبة باتخاذ الإجراءات كافة من أجل تنمية المناخ الاستثماري أمام المستثمر المحلي، ودعت إلى استحداث حلول جذرية للقيود الإجرائية، لتعزيز الاستثمارات النسائية في المجالات المختلفة، ونشير هنا إلى أهمية فتح المجال أمام المرأة للاستثمار في أسواق العقار والسندات وإقامة المصانع، ونؤكد أن الاستثمارات النسائية ما زالت في جوانب تقليدية شائعة مثل: المشاغل، المدارس والمحال التجارية فقط، ونشدد على أهمية وجود إرادة مجتمعية وقناعة بأهمية العطاء النسائي وتوفير الضمانات وإزالة العراقيل التي تحول دون فرص التوظيف للنساء. وحول المشاريع المجدية التي يمكن أن تسهم فيها المرأة لامتصاص هذه السيولة، قالت سحر المرزوقي ومنيرة الشنيفي إن أهم المشاريع غير المشاغل والمدارس والمحال التجارية هو الدخول في المشاريع الصناعية (الصناعات الصغيرة) كصناعات البلاستيك، الزجاج، الديكور وغيرها وتحدثتا عن القطاعات المرشحة للنمو، والتي يمكن للمرأة الاستثمار فيها وهي قطاع الصناعة بكل أقسامه والقطاع الصحي كالمستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة والصيدليات، وكذلك الاستثمارات العقارية النسائية في السعودية والتي تبلغ 32 بليون دولار. من جهة أخرى، قالت المشرفة على كرسي بحث «دور المرأة السعودية في تنمية المجتمع» في جامعة الملك سعود، عضوة اللجنة الوطنية النسائية بمجلس الغرف التجارية الصناعية الدكتورة نورة العدوان إن من أهم المعوقات التي تواجه المرأة في العمل الاقتصادي هو عدم توافر المعلومات الكافية عن الفرص الاستثمارية المتاحة، لكون البيئة الاستثمارية متغيرة مع الظروف المحلية والعالمية، يضاف إلى ذلك وجود عدد من الأنشطة الاقتصادية التي لم تفتقد وجود البيئة التشريعية والتنظيمية لها كما هي الحال في نشاط المشاغل النسائية. ولفتت إلى أن المرأة في السعودية حديثة عهد بالعمل الاقتصادي، ولذا لن تكون المقارنة متكافئة بالمرأة الأوروبية للفارق الزمني في دخول كل منهما المجال، وعلى رغم ذلك نشهد نمواً كبيراً في السنوات الخمس الماضية في مساهمة المرأة السعودية مقارنة بالدول الأخرى. وأكدت أن السيدات يفضلن الاستثمار في المجالات القريبة من طبيعتهن، ولا يمكن أن نتنبأ بالمشاريع المجدية إلا من خلال دراسة الجدوى الاقتصادية لكل مشروع، «وللأسف نجد أن سيدات عدة فشلت مشاريعهن، وتكبدن خسائر جسيمة، لقلة خبرتهن في هذا المجال». وشددت على أن الغرفة التجارية لها دور أساسي ومهم في مساعدة سيدات الأعمال والمستثمرات في وضع دراسات الجدوى الاقتصادية وتوفير المعلومات، وهو ما يؤكد أهمية وجود مركز خاص بالمستثمرات في كل غرفة لتزويدهن بالمعلومات والمستجدات التي تحتاج إليها المستثمرة. من جهتها ذكرت الكاتبة الاقتصادية عالية الشلهوب أن نسبة مشاركة المرأة في إجمالي العمالة في القطاع الخاص 0,8 في المئة فقط، وهى تعد نسبة ضئيلة للأسباب المذكورة آنفاً. تتركز النسبة الكبرى منهم 55 في المئة في قطاع الخدمات الجامعية والاجتماعية والشخصية، يليه قطاع تجارة الجملة والتجزئة بنسبة 18 في المئة. ووفقاً لأحدث تقرير للتنمية البشرية 2008، جاء ترتيب السعودية بالنسبة إلى مؤشرات تمكين المرأة رقم 92 من 93 دولة. وتبلغ معدل البطالة بين الذكور حوالى 6,9 في المئة بينما ترتفع النسبة بين الإناث لتبلغ حوالى 24,9 في المئة في عام 2008، وإن كانت انخفضت النسبة عن الأعوام السابقة، إذ بلغت في عام 2006 حوالى 26 في المئة. وبلغ عدد السجلات التجارية في عام 2008 (43) ألف سجل تمثل 20 في المئة من الإجمالي بقيمة تقدر بحوالى 8 بلايين ريال، وهو لا يتناسب مع حجم الأموال المجمدة، مع مراعاة أن نسبة كبرى من هذه السجلات تكون لأسماء نسائية فقط، ولكن في الأصل هي للزوج أو الأبناء.