أبدأ مقالي هذا مستعينة بالله أن يمدني بالصبر وبعض الحكمة، حتى أتمكّن من إنهائه من دون أن تصرخ حروفي مُعلنة رفضي وغضبي واستغرابي. صُدمنا الأسبوع الماضي عندما علمنا أن القاضي أجل النظر في قضية طفلة بريدة، حتى يسمع أقوالها وحتى تأتي هي بنفسها لتقول كلمتها، وانتظرنا اليوم المحدد لحضورها، حتى نعلن فرحنا بالحكم الذي كنا نتوقعه، وربما من سوء توقعاتنا المكتظة بالأمل أن تكون هذه سنة الأفراح والليالي الملاح، بعد بطلان الحكم بفسخ زواج منصور وفاطمة رمزي الصمود، لنقرأ في الصحف عن قضية مشابهة حدثت في مصر الشقيقة عن حكم أثلج صدورنا نتجت منه محاكمة والدين مصريين ورجل خليجي، لأنهما ومحامين ومنسقاً (تكالبوا جميعاً) على طفلة، وقاموا بتزويجها للرجل العجوز في مقابل 14 ألف جنيه، عشرة منها للوالدين ثمن بيعهما لابنتهما، وأربعة يتقاسمها (المنسقون)، وقامت الدنيا هناك ولم تقعد، وما زالت المنظمات الإنسانية تقف مع الفتاة وترعاها في إحدى الدور، لأن والديها الكريمين ليسا أهلاً لحضانتها، إذ عرضاها لجريمة بشعة في مقابل عشرة آلاف جنيه. في خضم فرحتنا السابقة، صدمتنا الأخبار الجديدة بانتهاء قضية طفلة بريدة التي تدرس في الصف الخامس الابتدائي (بعدما اعتبرتها المحكمة إنسانة كاملة الأهلية، ولها الحق في تقرير حياتها، فقد أعلنت قبولها بالثمانيني، وأقرت بأنها وافقت أمام المأذون، وأغلقت القضية بجملتين (تم تلقينها إياهما)، وما زلنا مع الصدمة، لأننا كنا نتوقع أن القضية ستعيد الحق لأصحابه، ولنعلن للعالم بأسره انتهاء هذه المهازل التي شوّهتنا كثيراً وأدمت قلوبنا. السؤال هل يحق للأم أن تتنازل؟ وهل يجوز اعتبار الطفلة كاملة الأهلية؟ ومن الذي تأكد وتحقق من أنها ليست ملقنة ومهددة هي ووالدتها؟ ولماذا صمتت الأم؟ أسئلة كثيرة تباغتنا، ولا نجد لها تفسيراً، وأعتقد أنها ستظل بلا تفسير. سؤال يلح عليّ كثيراً بعد قراءتي لأخبار التزويج المشابهة لطفلة بريدة، لماذا لا يتم استصدار قانون يمنع منعاً باتاً تزويج الصغيرات لأقل من 18 عاماً؟ لماذا لا يلزم المأذون بالتدقيق في عمر العروس؟ ولماذا لا يتم استصدار قانون يحتم منع تزويج الفتيات إلا بموافقة الأم الحضورية حتى وإن بلغت 18 عاماً؟ لماذا لم يتم توقيف المأذون الذي عقد العقد من دون أن يشاهد شهادة ميلاد الفتاة؟ ولماذا لم يتم توقيف الأب والعريس حتى ولو أعلنت الفتاة موافقتها الملقنة؟ لماذا لا يتم التحقيق مع الأم، لنعرف ما هي الضغوط التي تعرضت لها، وجعلتها توافق على عيش ابنتها مع الثمانيني في جو من عدم التكافؤ الواضح؟ من المؤكد أن الثمانيني لديه أبناء وبنات في نصف عمره الأربعينات مثلاً ما هي الصيغة التي ينادي بها الأبناء على العروس الجديدة لوالدهم هل (يا عمة... أم يا خالة)؟ وكيف؟ [email protected]