في أمسية حملت عنوان «كلمات الحب»، وفي إستعادة فنية للزمن الجميل، أمضت بلدة إهدن في شمال لبنان سهرة رومانسية على إيقاع أغنيات جاين مانسون وكلود بارزوتي. أحسنت اللجنة المنظمة لمهرجان إهدنيات هذا الصيف باستضافة المغنية الأميركية الأصل الفرنسية المَغنى جاين مانسون والمغني البلجيكي المولد والإيطالي الأصل والمنشأ والفرنسي المغنى أيضاً كلود بارزوتي، وللإثنين معاً جمهور من اللبنانيين فاق المتوقع. منذ منتصف سبعينات القرن الماضي وحتى نهاية ثمانيناته، كانت إذاعات ال FM إضافة الى الأسطوانات وأشرطة الكاسيت الموسيقية من أهم وسائل الترفيه، وقد خفقت قلوب محبي الموسيقى والأغاني العاطفية والفرنسية خصوصاً، مرات عديدة لدى بث إحدى أغنيات مانسون وبارزوتي، وما أكثرها وأرقها. ومن لم يعش في تلك الحقبة من الزمان، لا بد انه تعرف عليهما عبر أحد أفراد العائلة الأكبر سناً أو الأصدقاء المعجبين بهذا النمط الرومانسي من الأغاني. أما المكان فهو مثالي لإستضافة مغنيين من هذا الطراز، اذ إن كل تفصيل يمثل وجهاً من أوجه الرومانسية، بدءاً من الموقع الجغرافي للبلدة على سفوح جبل المكمل، وهو من أعلى القمم الجبلية في لبنان، الى هندسة الأبنية المعمارية القديمة والمعاصرة منها وصولاً الى تصميم المسرح في الهواء الطلّق وعلى بقعة أرض يحدها جدار صخري شامخ من جهة، وشجر السرو الكثيف من الجهة الاخرى. على وقع أغنية «كيزاس» الاسبانية، أي «ربما» بالعربية، أعتلت المغنية الأميركية الشقراء وعارضة الأزياء السابقة جاين مانسون المسرح، وزاد زيها الأبيض البراق إضافة إلى أدائها المرح على المسرح وهج هذه الإطلالة. وبمزيج من اللغتين الانكليزية والفرنسية رحبت بالجمهور معبرة عن سرورها الكبير للقائه وزيارة لبنان، خصوصاً إهدن التي يقال ان معنى اسمها الجنة. ومن ثم تابعت أداء أغانٍ خاصة بها وبغيرها أيضاً، ومنها «une femme» التي قالت انها كانت قد أهدتها عام 1976 الى جميع النساء، و»vie ta vie» و«fais moi danser» و«l'été indien» لصديقها الراحل جو داسان وأهدتها الى روحه. وما ان شرعت مانسون بأداء أغنيتها الشهيرة «Faisons l'amour avant de nous dire adieu» ذات الخلفية الشرقية وشاركها الجمهور الغناء. وقبل انتهاء وصلتها الغنائية فسّرت للجمهور كيف عملت مع فرقتها الموسيقية خلال فترة ما بعد الظهر على تحضير مفاجأة صغيرة تعبيراً عن محبتها للبنان شعباً وثقافةً، فحاولت أداء أغنية «وينن» لفيروز باللغة العربية مبدية رغبتها بتسجيلها مع الأخيرة في وقت قريب، ومن ثم أعادت غناء «Faisons l'amour avant de nous dire adieu» ثانية قبل أن تغادر المسرح مفسحة المجال لكلود بارزوتي الذي وعلى عكس مانسون بدأ وصلته مع أغنية «je reviens d'un voyage» ذات الإيقاع الخافت. حيّا بارزوتي جمهوره باللغة الفرنسية مع لكنة إيطالية معبّراً أيضاً عن سروره للغناء مجدداً في لبنان وشارحاً كيف يفضّل التفاعل معه من خلال الأغاني عوضاً عن الكلام. وعمل بارزوتي على بث الحماسة لدى محبيه وبصوت جهوري مع وثبات سريعة ورشيقة على المسرح غنى «mais où est la musique» ذات الإيقاع الصاخب والسريع. قدّم بارزوتي بصوته القوي 10 من أشهر أعماله الغنائية والتي بمجملها تحاكي حال الانسان في مختلف مراحل حياته، فقد غاص عبر أغنياته في الحب والسعادة والوحدة وجال على الحبيبة والأولاد والإبنة المقبلة على الزواج والصديق والفقير حتى أنه خاطب الحبيبة السابقة وزوجها معاً في أغنيتي «je ne t'écrirais plus» و«prends bien soin d'elle». وغنّى أيضاً أعمالاً من ألبومه الذي سيصدر قريباً ومنها أغنية «aime moi» مع مغنية ناداها باسم مورغان، كما خَص الجمهور بأغنية «est-ce qu'on s'aime encore» والتي استدعى من أجلها جاين مانسون لمتشاركه إياها وقد أطلت مجدداً على المسرح بفستان أسود أنيق وعلى إيقاغ تصفيق الجمهور. أما مفاجأة بارزوتي فقد جاءت أيضاً عفوية بامتياز، فعلى أثر أدائه تحية الوداع وانسحابه من المسرح وعلى وقع تصفيق وصيحات الجمهور له عاد سريعاً ليلبي ما يطلبه من أغنيات في مشاركة عفوية شيقة بين الاثنين، واختتم الأمسية كما بدأها بباقة منوعة من أغانيه ذات الطابع الوجداني الصرف. قدم النجمان مانسون وبارزوتي المختلفان والمكمّل أحدهما الآخر أشهر أعمالهما ضمن إطار طبيعي خلاب، ففي حين ظهرت مانسون تقليدية وإنطوائية بعض الشيء، بدا بارزوتي أكثر حيوية ودينامية، وقد نجحا معاً في سَحر المستمعين.