ستكون روح صاحبة الصوت الاستثنائي الحزين الرخيم إديت بياف، حاضرة مساء غد في قصر بيت الدين الشهابي في جبل لبنان، لتشهد على استعراض تؤديه وريثتها صاحبة الصوت الرخيم باتريسيا كاس التي تقدّم لها تحيّة في الذكرى الخمسين لرحيلها. لا يقتصر العرض على موهبة صاحبة «عندما يأخذني بين ذراعيه» (Quand il me prend dans ses bras) الفريدة، بل يعكس أيضاً مشاعر القلق والفرح والشغف اللامتناهي بالحياة والحبّ التي عاشتها بياف طيلة حياتها المضطربة. ولا يقضي المشروع الذي يقدّم في 45 دولة، بإعادة أغنيات ذاع صيت معظمها في العالم برمّته، بل يذهب أبعد من ذلك. وتقول كاس في بيان وزّعته مهرجانات بيت الدين: «عندما رأى المشروع النور شعرت بالقلق لعلمي بأنّ أداء بياف لا يقتصر على الموهبة بل يقترن بالاحترام والشجاعة والثقة بالنفس والإلمام بهذه المسيرة الحياتيّة. فهل كنت مستعدّة لخوض التجربة؟ سؤال وتعجّب». وتضيف: «سرعان ما تواردت إلى خاطري صورٌ وشعرت شيئاً فشيئاً بثقة كبيرة لترجمة هذا المشروع الطموح على أرض الواقع». وتشرح أن حفلة بيت الدين «كاس تؤدي بياف»، تُخلِّد ذكرى المغنية الكبيرة من خلال أداء أغنياتها ولكنها أيضاً تمنح الجمهور فرصة اكتشاف لقاءاتها والمشاعر التي أثرّت في مسيرتها. وأوكلت كاس مهمّة إخراج موسيقى المشروع الى مؤلف موسيقى الأفلام أبيل كورزينيوفسكي صاحب الموهبة الاستثنائيّة. وقد نجح من خلال تأليفه الموسيقي في أن يمنح أغنيات بياف نكهة جديدة، ما أعطى هذا المشروع وهذه الأسطورة بعداً جديداً تستحقه. وتشير المغنية الفرنسية الى أن هذه الحفلة التاريخية التي تقدم في قصر بيت الدين هي «استعراض أردته مذهلاً ومعاصراً ومسرحياً وحضرياً وكأني به معزوفة موسيقيّة بالصوت الصورة ولحن يخرج عن المألوف». وتضيف: «في كلّ لحظة كنت حريصة على احترام بياف وعملها مع مراعاة موهبة أبيل كورزينيوفسكي في مسيرته الفنيّة. ولم يكن بديهيّاً بالنسبة إلي أن أجد سبيلي في هذا العالم فيما أبقى وفيّة لنفسي ولكياني. وأعترف بأنّ المحاولة لم تكن يسيرة في معظم الأحوال، ولكنّ السحر والكيمياء فعلا فعلهما في نهاية الأمر». ويتخلل العرض الذي ينتظره اللبنانيون ونفدت بطاقاته كلها قبل موعد الحفلة بأسابيع، أداء أغنيات ألفها الجمهور الفرنكوفوني، لكنها أُخرجت في نسق جديد وأداء أغنيات مجهولة من الرأي العام. وريثة بياف في سطور وُلدت باتريسيا كاس في فورباخ في مقاطعة لورين ولها سبعة أخوة. تحوّلت إلى ظاهرة في عالم الفنّ بفضل أغنيات كثيرة مثل «Mon Mec a Moi» و»La Demoiselle qui chante blues». في العام 1998 سيطرت على عالم الأغنيات وحققت 6 انتصارات في عالم الموسيقى، فحصدت ملايين المعجبين حول العالم. وأصبحت كاس، فجر الألفية الثانية، إحدى الفنانات الفرنسيّات الأكثر رواجاً في العالم. في العام 2002 دخلت السينما إلى جانب البريطاني جيريمي آيرونز في فيلم «And Now...Ladies and Gentlemen» من إخراج كلود لولوش. وفي العام 2008، وبعدما حققت مبيعات تعدّت 16 مليون أسطوانة في 47 دولة، أخرجت استعراض «Kabaret» الذي ألقت فيه تحيّة على عالم الثلاثينات وجال الاستعراض على 35 دولة في سنتين، وعُرض 145 مرّة. تعتبر كاس في روسيا أكثر الفنانين الدوليين شهرة. وفي الصين كان لها حفلات موسيقيّة في شنغهاي وفي بيجينغ. أمّا في فيتنام ولاوس وخصوصاً في كوريا، فهي نجمة لا نظير لها. سطع نجمها في أميركا وبلجيكا وسويسرا وألمانيا وقلدتها الحكومة الألمانية أعلى الأوسمة. وفي العام 2011 أخرجت دار «فلاماريون» إلى الأسواق السيرة الذاتية التي تحمل اسم L'ombre de ma Voix لتتصدر أرقام المبيعات. وفي العام 2012 حين نالت كاس وسام الآداب والفنون من رتبة ضابط من حكومة بلادها، أعلنت عن استعراض «كاس تغني بياف». وفي السنة نفسها شاركت في فيلم «Assassinée» من إخراج تيري بينيستي.