انفضت الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء اللبناني أمس، من دون الاتفاق على التعيينات الأمنية والعسكرية أو على تأجيل البحث فيها، على رغم أن نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل قدم الى المجلس لائحتين: الأولى بأسماء المرشحين لمنصب رئيس الأركان في الجيش خلفاً للحالي اللواء وليد سلمان، الذي يحال غداً على التقاعد لبلوغه السن القانونية، والثانية بأسماء المرشحين لتولي قيادة الجيش خلفاً للعماد جان قهوجي فور انتهاء التمديد له في أيلول (سبتمبر) المقبل، أي في الوقت ذاته الذي يحال فيه الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى الممدد له اللواء محمد خير. وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية، أن لائحة مقبل للمرشحين لرئاسة الأركان ضمت العمداء: حاتم ملاك، مروان حلاوي، دريد زهر الدين، أمين بومجاهد وغسان عبدالصمد، فيما ضمت لائحة المرشحين لمنصب قائد الجيش العمداء: مارون حتي، ألبير كرم، فرنسوا شاهين، شامل روكز، ريشار الحلو وكلود الحايك. لكن الوزراء المنتمين الى «حزب الله» و«تكتل التغيير والإصلاح» اعترضوا، من حيث المبدأ، على الطريقة التي طرح فيها مقبل أسماء المرشحين لرئاسة الأركان وقيادة الجيش، بذريعة أنه جرت العادة سابقاً، أن يصار الى إجراء مشاورات تمهيداً لطرح اسم مرشح واحد تترك لمجلس الوزراء الموافقة عليه. وكشفت المصادر نفسها أن الوزراء جبران باسيل ومحمد فنيش وحسين الحاج حسن تولوا الرد على مقبل، وطلبوا تأجيل البحث في التعيينات بذريعة أنهم في حاجة الى التشاور مع مرجعياتهم السياسية، إضافة الى أن هناك ضرورة لتأخير إصدار التعيينات لإنضاج الظروف السياسية للتوافق على تسوية توفر الحلول للمشكلات العالقة. إلا أن مجلس الوزراء - وفق هذه المصادر- لم يتخذ أي قرار في خصوص تأجيل البحث في التعيينات، ما يعني أن القرار بدءاً من اليوم يصبح بيد وزير الدفاع، فهل سيبادر الى تأجيل تسريح اللواء سلمان تمهيداً للتمديد له في رئاسة الأركان على أن يأتي التأجيل له من ضمن سلة واحدة تشمل أيضاً العماد قهوجي واللواء خير، خصوصاً أنه ألمح الى أنه يفضل أن يتم ذلك في سلة واحدة، يفترض أن يترتب عليها رد فعل من «تكتل التغيير والإصلاح» وحلفائه. وهل يبادر مقبل اليوم الى إصدار مذكرة في هذا الشأن لأن من غير الجائز الشغور في رئاسة الأركان، أم انه سيتريث في إصدارها لإعطاء فرصة للمسعى السياسي، مع أن الأجواء التي سادت الجلسة لا توحي بذلك. وكانت الجلسة عقدت برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام الذي افتتحها بطرح ملف أزمة النفايات بناء لإلحاح العدد الأكبر من الوزراء الذين نقلوا عنه قوله إن هناك حلولاً تلوح في الأفق، وإن اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف ستجتمع في اليومين المقبلين لمناقشتها، وإن تصديرها الى الخارج وارد ولدينا حلول محلية تحتاج إلى الإنضاج». وتوقف سلام، كما يقول هؤلاء الوزراء، أمام المناقصات الجارية لتلزيم معالجة أزمة النفايات بما فيها استحداث محارق، إضافة الى أخرى تتعلق بنفايات بيروت وضواحيها. وقال إن فتح مظاريف المناقصات سيتم قريباً وإن هناك شركات عالمية تشارك فيها وهذا ما سيحصل بدءاً من 11 آب الجاري. وقال سجعان قزي: «بالنسبة إلينا في حزب الكتائب، لا أولوية على أولوية النفايات، وأنت يا دولة الرئيس افتتحت الجلسة بالحديث عنها، ولا شيء في نشرات الأخبار ووسائل الإعلام سوى هذا الموضوع، وبالتالي لا يجوز البحث في أي آلية قبل النفايات وهذا يستدعي تضامن مجلس الوزراء لتوفير الحل، ونحن نتضامن مع مجلس الوزراء في الإنتاج لا في التعطيل الذي لا يعطينا الفرصة لطرح الحلول، لأن ليس أمامنا سوى إيجادها، والدليل أن كل الاحتياطات الأمنية التي اتخذت في السابق كانت لمنع حصول ردود فعل على أكوام النفايات وما حصل أمام منزلك ومن ثم أمام منزل الرئيس فؤاد السنيورة والاعتداء الذي تعرض له الوزير رشيد درباس لم يكن سوى رد فعل على تراكم النفايات مع أن هناك من اتخذ منها ذريعة للقيام بذلك». وطرح قزي حلولاً لمعالجة النفايات، بعضها موقت والآخر دائم، ودعا الى تحرير أموال البلديات لأن بعضها ليس لديه المال لاستئجار شاحنة لنقل النفايات، وفض المناقصات والتلزيم. وأعاد أكرم شهيب ووائل أبو فاعور تأكيد استعدادهما للمساعدة، من خلال استحداث مطمر في كسارات ضهر البيدر، وردم جزء من المنطقة البحرية في خلدة، لأن مياهها ملوثة فنكسب مساحة جديدة من الأرض شرط أن تعالج النفايات في المنطقة وفق الأصول الصحية والبيئية. وانتقد بطرس حرب «الكلام الاستعراضي لوزراء نسمعه في كل جلسة». وقال: «نحن هنا لاتخاذ القرارات لا للاستعراض، لأننا في حاجة إليها استجابة لمطالب اللبنانيين، والشعوبية لا تصرف هنا، والأفضل أن نتعاطى بجدية مع الأمور التي نتداولها». أما مقبل، فعرض اللائحتين بأسماء المرشحين لرئاسة الأركان وقيادة الجيش، وقال: «أنا أطلب من مجلس الوزراء أن يبادر الى التعيين، لأنني لا أستطيع الانتظار ولو ليوم واحد من دون رئيس أركان، بينما نستطيع الانتظار الى أيلول لنعين قائداً جديداً للجيش فور انتهاء التمديد للعماد قهوجي». ورد باسيل: «من يحضر هذه الأسماء لا يريد الوصول الى التعيين، وأنت أحضرتها لئلا يحصل هذا التعيين، ليكون في وسعك التمديد»، واكتفى حرب بالتعليق: «احترنا معكم، تريدون التعيين أم لا، وإلا لماذا تصرون يومياً على التعيين؟». وعاد باسيل ومعه فنيش والحاج حسن إلى تأكيد أن «التعيين لا يتم بهذه الطريقة وبعرض لائحة من دون التشاور، ونطلب تأجيل التعيين». لكن حرب رد: «التعيين من وجهة نظرك كما أفهم هو في اختيار الاسم الذي تريده». وشدد فنيش على تأجيل التعيين لإعطاء فرصة للمبادرات السياسية، ورد مقبل مكرراً كلامه: «لا أستطيع الانتظار ولو ليوم واحد». وهنا سأل درباس عن طبيعة هذه المبادرة ومدى صحة ما تداوله بعض وسائل الإعلام، وردّ فنيش: «اسأل صاحبها»، من دون أن يسمي الشخص الذي يقصده. فيما لمح أبو فاعور الى أنه عرف أن المطروح رفع سن التقاعد لدى العسكريين وأمور أخرى. وعاد درباس إلى الحديث عن الهبات، وقال: «لدينا قرض من البنك الدولي ب30 مليون دولار لشؤون الإنماء، وفي حال لم نتخذ أي إجراء لتحويله الى البرلمان قبل 17الجاري سنخسر القرض». ولفت الى أن أي قانون لا يعمل لمصلحة شخص. وتحدث عن الماريشال بيتان كيف بادر بقانون إلى تصحيح وضع البستاني الذي يهتم بحديقته، ما دفع برجال القانون الى تسميته بقانون البستاني. ومع أن سلام شدد على ضرورة إقرار الهبات والقروض لئلا يخسرها البلد، فإن باسيل تدخل موجهاً كلامه الى عدد من الوزراء، وقال: «ما زال لدينا الوقت لبدء معركتنا (في إشارة الى التعيينات العسكرية)، أما إذا كنتم تريدونها الآن فلا مانع لدينا». في هذه الأثناء سمع وزراء بعض ما دار بين درباس والحاج حسن الذي قال له: «أعتقد أن الأمور ستكبر كثيراً ولن يلجأ أحد إلى الشارع في رده على زميله، لكن علينا التنبه وأن نتدارك الوضع من الآن». ولوحظ أن سلام لم يتدخل كثيراً في السجال بينما انضم أشرف ريفي الى المشاركين فيه وقال: «في قانون الدفاع نصوص واضحة تجيز تأجيل التسريح أو الاستدعاء من الاحتياط وبمذكرة تصدر عن وزير الدفاع بطلب من قائد الجيش». لكن باسيل اعترض مجدداً وقال: «لكن لا يحق لأي وزير أن يأخذ صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعاً، ونريد التعيين ولا يجوز لوزير الدفاع أن يلغي ثلثي أعضاء الحكومة لاتخاذ أي قرار يتعلق بالتعيين». ورد فنيش أيضاً: «للمرة الأولى أسمع بأن وزيراً يُحضر معه لائحتين بأسماء مرشحين لمناصب عسكرية من دون أن يرفقها بنبذة عنهم، ويطلب منا في آخر ساعة أن نوافق على اسم من كل لائحة من دون العودة الى مرجعياتنا». وقال مقبل: «حيرتموني، تتحدثون ليلاً نهاراً عن التعيين وأتعرض للانتقادات لهذا السبب، والآن أحضرت لكم الأسماء وفوجئت بأنكم تعترضون وتطلبون تأجيل البحث فيها». وقال ريفي: «نحن الآن أمام استحقاق تعيين رئيس أركان جديد، ولا أفهم لماذا يعترض البعض على تأجيل التسريح أو الاستدعاء من الاحتياط، على رغم أن النصوص في قانون الدفاع واضحة ولا تخضع للاجتهاد». وتدخل باسيل وقال: «لا أعتقد التأخر في التعيين سيؤدي الى الشغور في المؤسسات، طالما أن الأقدم رتبة يشغل المركز الشاغر». ورد ريفي: «بالتأكيد لا شغور في المؤسسات العسكرية والأمنية، وفي حال عدم تعيين من هم أقدم رتبة فإن قانون الدفاع يسمح بتأجيل التسريح أو الاستدعاء من الاحتياط، وكان هذا الأمر استخدم في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بالنسبة الى رئيس الأركان ومدير المخابرات (العميد إدمون فاضل)». لكن باسيل وفنيش ردا عليه بقولهما إن الحكومة في حينها كانت مستقيلة، ما استدعى رداً من ريفي مفاده أن قانون الدفاع لا يلحظ وضع الحكومة ويعطي صلاحية لوزير الدفاع، وهذا ما فعله فايز غصن. وكرر باسيل وفنيش طلبهما تأجيل التعيينات لبلورة حلول لكل القضايا العالقة لتأتي في سلة واحدة. وسأل قزي: «وماذا عن انتخاب رئيس جمهورية في هذه السلة؟». فرد الحاج حسن: «يمكن أن يشمل الرئاسة الأولى، ولنعط الفرصة لهذه المساعي ولنترك الأمور بلا تعيين ليتولى المنصب من هو أعلى رتبة». وجدد وزير المال علي حسن خليل التحذير من التأخر في الإجازة للحكومة الاكتتاب في سندات الخزينة «يوروبوند» ومن إمكان خسارة الهبات والقروض، وحتى العجز عن دفع رواتب موظفي القطاع العام. وفضل شهيب وأبو فاعور عدم الدخول في السجال حول التعيينات، وشددا على أن ما يهمهما في ظل الظروف الدقيقة التي يمر فيها لبنان عدم حصول أي فراغ في المؤسسات العسكرية والأمنية لما لها من دور في حفظ الاستقرار، فيما الحرائق مشتعلة في الجوار. لذاك لاحظ معظم الوزراء أن لا جدية لوجود مسعى يستدعي تأجيل بحث التعيينات، وأن الهدف من استحضارها يضمن كسب الوقت لقطع الطريق على مقبل الذي يستعد اليوم لإصدار مذكرة بمثابة سلة واحدة تشمل التمديد لقهوجي واللواءين سلمان وخير والعميد فاضل، لأن قانون الدفاع يسمح بتأجيل تسريحهم أو استدعائهم من الاحتياط. ولدى طرح رفع سن التقاعد للعسكريين، حصلت معارضة، لأن معظم الوزراء يعتبرون انه يؤدي الى تخمة وتضخم في عدد العمداء الذين لا يمكن استيعابهم أو الافادة منهم وانه لا بد من تأخيره، وفق رأي قيادة الجيش التي ترتأي تأجيل اقراره ما بين 3 و4 سنوات ليعاد النظر في هيكلية المؤسسة العسكرية ويرتب اعباء مالية على الخزينة. وعن رفع سن التقاعد 3 سنوات قال ريفي وعبدالمطلب الحناوي بصفتهما ضابطين متقاعدين: «نحن مشمولان بذلك، لانه لم يمض على خروجنا من الخدمة اكثر من هذه المدة». مقررات الجلسة وإثر انتهاء الجلسة، أعلن وزير الإعلام رمزي جريج أن سلام تطرق الى ملف النفايات، فقال: «تمكنا من اتخاذ اجراءات خففت موقتاً حدة المشكلة في بيروت والضاحية. كما أن بعض البلديات في المناطق الأخرى لجأت الى حلول لمواجهة الوضع. لكن هذه الحلول ليست نهائية، وجبال النفايات تتراكم في مختلف المناطق في انتظار المعالجات». وقال إن جهوداً حثيثة تُبذل لمعالجة المشكلة الملحة»، موضحاً أن «أحد الخيارات التي تتم دراستها بعناية تصدير النفايات الى الخارج ونأمل بالتوصل إلى قرار خلال أيام قليلة». وأكد أن «الحل الجذري الذي تأخر إقراره كثيرا يكمن في اعتماد المحارق». وقال إنه «في غضون يومين أو ثلاثة ستتبلور حلول مرحلية لملف النفايات. وإطلاق المناقصات في شأن المحارق سيتم خلال الشهر الجاري». وإذ أوضح سلام تفهمه غضب اللبنانيين جراء مشكلة النفايات، قال: «نحن في السلطة الإجرائية نتحمل المسؤولية الأولى في هذا الموضوع، الذي يعود مع غيره من المواضيع، إلى المناخ السلبي السائد في البلاد جراء الشغور في رئاسة الجمهورية والأزمة السياسية المستفحلة، ما يمنع إيجاد حلول لكثير من القضايا». وتناول سلام الوضع الضاغط، مذكراً بما عرضه في الجلسة السابقة لجهة الطابع الملح الذي يرتديه موضوع إصدار سندات خزينة موضوع الرواتب، ووجوب عدم خسارة هبات وقروض بقيمة 743 مليون دولار أميركي باتت مهددة بسبب عدم اتخاذ المراسيم والقرارات الخاصة بها. وبعدما أشار الى تلقيه كتاباً من وزير الدفاع يطلب فيه اتخاذ الإجراء اللازم في شأن شغور منصب رئيس أركان الجيش، تحدث سلام عن موضوع مقاربة العمل داخل مجلس الوزراء، آملاً في التوصل الى «مخرج عملي يُبعدنا من التعطيل وينقلنا الى الإنتاج، بحيث يستطيع مجلس الوزراء معالجة الملفات الضاغطة واتخاذ القرارات اللازمة في شأنها». ولفت سلام الى ان الحلول المرحلية لملف النفايات ستُعرض على اللجنة الوزارية». ورفعت الجلسة إلى الخميس. وعن طرح وزير الدفاع أسماء معينة للمراكز الأمنية، أجاب: «وزير الدفاع قال إن موضوع التعيينات في المراكز الأمنية الشاغرة أو التي ستشغر، يخلق بلبلة في الجيش، وأنه يرغب في عرض كل موضوع التعيينات في سلة واحدة. أما موضوع رئيس الأركان الذي سيشغر في السابع من هذا الشهر (غداً) فقد عرض عدداً من الأسماء بحسب أهلية كل منهم لهذا المركز». وعن المسعى لإيجاد حل سياسي شامل؟ أجاب: «صحيح، في مداخلة الوزير باسيل كما أحد وزيري حزب الله، قال إن هناك مساعي لبلورة حل في موضوع التعيينات العسكرية، ومن الممكن أن يؤدي إلى توافق حول اعتماد الحل المناسب». مسرحية بإخراج عاطل واعتبر وزير التربية الياس بو صعب بعد الجلسة، أنه «كانت هناك محاولة للوصول الى حلول لكن ما حصل اليوم هو مسرحية بإخراج عاطل، غير موفقة من وزير الدفاع»، لافتاً إلى أنه «يحكى عن تسوية سياسية وهناك أجواء لمبادرة تبدأ بفتح دورة استثنائية للمجلس النيابي». وأكد أنه «لم يكن هناك طرح جدي للتعيينات بل محاولة شراء وقت للوصول الى حل». وقال ريفي إن «وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله قالوا إن هناك تسوية لملف التعيينات»، بعدما كان قبل الجلسة «أننا متفائلون قليلاً في جلسة اليوم، والتطورات في المنطقة لمصلحة الدولة والجو السياسي يوحي بمؤشرات للحل». ولفت أبو فاعور إلى أن «سيناريو الجلسة اليوم كسابقيه، والسؤال المطروح هو عما سيحصل بعد الجلسة». ورد باسيل على سؤال عن الكهرباء قائلاً: «اسألوا المافيات».