كشف عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، بعضاً من كواليس المفاوضات مع الدول الست التي أتاحت إبرام الاتفاق النووي في 14 تموز (يوليو) الماضي. وأشار إلى أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري اعتبر أن طهران هي «ضحية لنجاحاتها في المنطقة»، وأبلغها وجوب إبقاء حظر الأسلحة عليها، من أجل إنجاح الاتفاق. وأعلن نائب الوزير الإيراني أن بلاده رفضت وقف تسليح «حزب الله» اللبناني، وكشف انها كانت تخشى هجوماً أميركياً عامَي 2006-2007. وكان عراقجي يتحدث خلال جلسة خاصة مع مديرين في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (إيريب). لكن الموقع الإلكتروني للهيئة نشر تصريحات نائب الوزير، ثم سحبها بعد اعتراض الأخير، معتبراً أن نشر حديث خاص «يتعارض مع الأمن والمصالح القومية» لإيران، و»يتنافى مع أخلاقيات المهنة». وشدّد على أن النص المنشور يتضمّن أخطاء. وسحبت غالبية وسائل الإعلام الإيرانية الناطقة بالفارسية، تصريحات نائب الوزير. وقال عراقجي: «لو أردنا القنبلة (الذرية)، لشكّل الاتفاق النووي هزيمة مطلقة. ولكن إذا أردنا تخصيباً لليورانيوم مشروعاً دولياً، وامتلاك برنامج نووي سلمي تماماً، يشكّل الاتفاق حينها نصراً ضخماً. قلت دوماً إننا إذا حكمنا على برنامجنا النووي استناداً إلى معايير بحت اقتصادية، (يتبيّن أنه يشكّل) خسارة كبرى، وهذا يعني أننا إذا أجرينا حساباً لتكاليف الإنتاج، فلا معنى له إطلاقاً. لكننا دفعنا هذه التكاليف من أجل شرفنا واستقلالنا وتقدّمنا. لن نخضع لبلطجة آخرين، وبرنامجنا سيصبح صناعياً وسيستحق تكلفته مع الوقت». وأشار إلى أن الأميركيين حصلوا على هدفهم الرئيس في المفاوضات، وهو «منع إيران من امتلاك أسلحة نووية». وأضاف: «لم تكن لدينا مشكلة في ذلك، ومنحناه للعدو، عبر طريقين: قبول قيود وبعض الإشراف» على البرنامج النووي الإيراني. وتابع: «يمكن للجانب الآخر القول إنه منع قنبلة نووية إيرانية... لم نكن نريدها ونعتبرها محرّمة» دينياً. وتحدث عراقجي عن «نعمة من الله»، بعد نجاح الوفد الإيراني في إنجاز أمر أصدره مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي بإبقاء ألف جهاز للطرد المركزي في منشأة «فردو» المحصنة للتخصيب قرب مدينة قم، مذكّراً بأن الأميركيين «لم يكونوا موافقين على جهاز واحد للطرد المركزي» في المنشأة. وعلّق عراقجي على مشاركة حسين فريدون، شقيق الرئيس حسن روحاني، في مفاوضات فيينا، مشيراًَ إلى انه كان «صلة الوصل» مع الأخير، ومستدركاً أنه «لم ينخرط مباشرة في المفاوضات». وكشف أن فريدون كان خلال تواصله مع روحاني، يستخدم أحياناً لهجة محلية يصعب فهمها، وكانت تُستخدم كثيراً خلال الحرب بين إيران والعراق (1980-1988). وأقرّ بحدوث «مناقشات» في شأن مسائل إقليمية، خلال المفاوضات النووية، ولكنه نفى التوصل إلى اتفاق في هذا الصدد، وزاد: «قال كيري مرات: أنتم (الإيرانيون) ضحية نجاحاتكم في المنطقة. حقّقتم نجاحات في اليمن وسورية والعراق ولبنان، واكتسبتم نفوذاً. وفي هذه الظروف، إذا رفعنا الحظر المفروض على تسلّحكم، فهذا الأمر سيقتل الصفقة، وسنعجز عن الدفاع عنها، لا مع حلفائنا ولا مع العرب ولا مع إسرائيل ولا مع الكونغرس. لن نتوصل إلى اتفاق، لذلك علينا إبقاء الحظر على الأسلحة». وشدد عراقجي على أن خامنئي أشرف على كل مرحلة في المفاوضات، و»تدخل حين تطلّب الأمر». ولفت إلى أن الوفد الإيراني «شعر بوحدة مرات، في السنتين الماضيتين (أي خلال المفاوضات)، وبأن علينا تحمّل الثقل كله، وبأن أي شخص كان يجلس وينتظر ليرى ما ستفعله وزارة الخارجية». وعارض مصادقة مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني على الاتفاق النووي، معتبراً أن الأمر «ليس حكيماً، اذ أن الاتفاق يتضمن بنوداً طوعية، ستتحوّل التزامات إجبارية إذا صادق عليها البرلمان». ولفت عراقجي إلى أن طهران رفضت خلال المفاوضات وقف تسليحها «حزب الله» اللبناني، وزاد: «قلنا إننا لا نستطيع وقف تسليح «حزب الله»، وإننا لسنا مستعدين للتضحية بذلك في سبيل برنامجنا النووي. لذلك سنتابع ذلك». وكشف أن المسؤولين الإيرانيين كانوا يخشون أحياناً، عامَي 2006-2007، أن «يفيقوا على وقع عمليات عسكرية» تشنّها الولاياتالمتحدة على بلادهم، لافتاً إلى اجتماعات لقادة عسكريين من أجل تحليل خرائط وتبيان مواقع قواعد عسكرية وأماكن نشر مقاتلات.