لم تتوقع العريف كهيدس، المجندة الأميركية من أصل لاتيني، يوماً أنها ستلتقي بالرجل الذي سيشاركها حياتها وأن تتزوجه داخل خيمة عسكرية أثناء عملها مع الجيش الأميركي في العراق. وتركت المجندة ابنتها الصغيرة أناليس لدى عائلتها كي ترعاها أثناء غيابها والتحاقها بالجيش في العراق. وخفق قلبها لجندي يحمل الرتبة ذاتها ويدعى العريف البيرس وكان عاش ظروفاً مشابهة لظروفها وترك ابنته الوحيدة مكنزي لدى عائلته في الولاياتالمتحدة كي ترعاها قبل مغادرته الى العراق. تقول كهيدس ل «الحياة»: «كانت ظروفنا متشابهة وكنا نحكي لبعضنا بعض الأشياء الخاصة عن حياتنا التي تركناها خلفنا قبل قدومنا الى العراق وشعرنا بالانجذاب الى بعضنا وقررنا الزواج وفعلاً تم ذلك قبل ثلاثة شهور». كهيدس لم تر ابنة البيرس وجهاً لوجه، لكنها تتحدث معها دورياً عبر الهاتف وتحاول التعرف إليها وتؤكد «ابنتي صغيرة وهي لا تفهم مسألة كوني بعيدة عنها وابنته اكثر ادراكاً منها فتشرح لصغيرتي الموقف وتحاول افهامها اننا لا نستطيع القدوم لرؤيتهما يومياً بسبب بعد المسافة». ويتحدث البيرس عن الصعوبات التي يواجهها الصغار في فهم حياة الكبار وتعقيداتها والتضحيات التي يقدمونها لأجل صغارهم ويقول: «انهم يعتقدون اننا نبعد عنهم ساعة واحدة، ولا يستوعبون اننا نتحدث معهم عبر مسافة شاسعة تفصل بيننا المحيطات والقارات». ويضيف: «لقد وعدت ابنتي بحضور عيد ميلادها بعد أربعة شهور، وسنعود الى هناك قبل هذا الموعد، وأريد أن أفي بوعدي لها». وعن تجربة الزواج في الجيش يقول الجنديان انه وفر لهما فرصة للاقتراب أكثر من بعضما والشعور بمساندة أحدهما الآخر، اذ يمر الوقت في شكل أسرع مما لو كان الجندي وحيداً، لكن هذه التجربة تحمل بين طياتها بعض السلبيات. وتقول كهيدس: «أشعر حقاً بالمساندة والطمأنينة لأن الرجل الذي أثق به موجود الى جانبي، ونستطيع الاعتماد على بعضنا، ونحن نلتقي أثناء الغداء ونتحدث الى بعضنا ونغادر الى غرفتنا بعد انتهاء العمل». ويبرر البيرس حديثه عن سلبيات الزواج في الجيش بالقول: «نضطر الى التشاجر في أحيان كثيرة تحت ضغوط العمل، وعلى رغم الحب الذي يجمعنا والمساندة التي نشعر بها إزاء بعضنا إلا أن المشاجرات تحدث غالباً بيننا». وحينما طلبنا منه تشجيع زملائه الذين انصتوا الى حديثه على الزواج بمجندات داخل الجيش أو جلب زوجاتهم معهم، انفجر الجميع بالضحك. ويصف البيرس حياتهما داخل غرفتهما في المعسكر بأنها طبيعية وتحمل بعض المفارقات فزوجته تحب ان تُرتب، أما هو فيعشق الفوضى واليوم بات عليه أن يتعلم كيف يرتب الاشياء، كما انها نظيفة جداً وتهتم بدقائق الأمور. وتقاطعه كهيدس بالقول: «نعم انه فوضوي لكنه بدأ يتعلم شيئاً فشيئاً، إذ لا يوجد إنسان كامل». وتعترف المجندة ذات الطلة اللطيفة أنها أكثر كسلاً من زوجها وأنها تضع مجموعة من أجهزة المنبه كي يتمكن البيرس من الاستيقاظ وإيقاظها لاحقاً، قبل مغادرته الخيمة للافطار والالتحاق بالعمل. وبابتسامة ساخرة يقول البيرس: «غالباً ما ترفض أن تصحو، فأضطر الى القفز مرات عدة فوق السرير كي تستفيق من نومها، ولا أجازف بالصراخ في أذنها أو رش بعض الماء البارد فوق وجهها كي أتقي رد فعلها لاحقاً». وعلى رغم نجاح تجربة زواجهما داخل المعسكر والايجابيات التي شعرا بها نتيجة هذا الزواج إلا أن الزوجين يرفضان أن تدخل إحدى ابنتيهما الجيش مستقبلاً أو تتزوج من جندي. وعما يخطط له الزوجان بعد عودتهما الى الولاياتالمتحدة تقول كهيدس: «سأترك الجيش وأتفرغ للإشراف على تربية الفتاتين، فهن بحاجة لي، لا سيما وأن ابنته ستدخل المدرسة بعد شهور قليلة، أما هو فسيكمل مشوار عمله في الجيش. وتشير الاحصاءات الرسمية لوزارة الدفاع الأميركية الى حدوث حالات الزواج بين عشرات الجنود والمجندات الذين يؤدون الخدمة في العراق وفي أفغانستان، فضلاً عن نشوء بعض قصص الحب بين الجنسين أثناء الخدمة ينتهي بعضها بالزواج وترك أحد الزوجين العمل في الجيش.