بعد 41 سنة، عادت المغنية الفرنسية ميراي ماتيو بأغاني الحب والحنين التي طبعت ذاكرة أجيال الى مدينة جبيل الأثرية شمال بيروت مساء الخميس، بتسريحة لم تتغير وصوت لم تتعبه سنوات العمر الذي ناهز السبعين. على قرع الطبول، دخلت سيدة الأغنية الفرنسية مسرح مهرجانات بيبلوس، مرتدية ثوباً أسود من الدانتيل، مفتتحة بأغنية «كان اون روفيان» أمسيتها التي تندرج ضمن جولة فنية لمناسبة يوبيلها الذهبي في الغناء. وتوجهت المغنية البالغة من العمر 69 سنة الى جمهورها المتنوع الذي ضم لبنانيين وأجانب معظمهم تجاوز الأربعينات، بقولها: «أنا سعيدة بأن أجد نفسي في جبيل، في بلدكم لبنان حيث كنت قبل أعوام، لنحتفل معاً عبر الأغنيات بيوبيلي الذهبي. لقد أعطيتموني قلوبكم، وها أنا اقدم لكم قلبي». وعلى مدى أكثر من ساعة ونصف ساعة، غنت ميراي ماتيو بكل جوارحها كعادتها، وجابت المسرح بطوله وعرضه، في حركات متناغمة مع الموسيقى، وبخطى أنيقة كرقص الباليه، ترافقها فرقة من 12 عازفاً وكورس من ثلاثة منشدين. وكانت الحفلة أشبه برحلة مع اغانيها منذ انطلاقتها في العام 1964، لخصتها بعشرين محطة غنائية تطرقت الى مواضيع الحب والفراق والحنين والسلام، اضافة الى أغنية تتغنى بالمقاومة الفرنسية في زمن الاحتلال النازي أدتها للمرة الاولى في العام 1966، قبل ان ترفع علم فرنسا وباقة ورد قدمها لها أحد الحاضرين. وفي القسم الثاني من الحفلة، ارتدت ثوباً طويلاً أسود وقدمت أغنيتها الجديدة «سو ني ريان» التي كتبها اللبناني الأصل حسن عطيه المعروف ب «ايكار» وتمايلت على ايقاعها الحيوي، قبل ان تعود الى اغانيها القديمة، مؤدية بالفرنسية واليابانية والصينية والروسية والاسبانية والايطالية والانكليزية. وقبل ان تعرف الجمهور على قائد الفرقة الموسيقية تييري بيان ايميه، دخلت والدتها مارسيل (94 سنة) المسرح حيث حيّت الجمهور الذي صفق لها وقوفاً، وقالت ماتيو: «أنا البكر بين 14 ولداً، سبع إناث وسبعة ذكور، ووالدتي تزور بلدكم للمرة الأولى... شكراً أمي العزيزة». ثم أشعلت المسرح حين غنت «باردون موا» وغناها معها الجمهور الذي طالبها ب«جو سوي اون فام اموروز». وتوالت بعد ذلك أغنياتها المطبوعة في ذاكرة أجيال متعاقبة. وبعد أدائها أغنية «بران لو تان» شكرت الحاضرين وانسحبت، إلا أن جمهور مهرجان بيبلوس صفق لها وقوفاً وناداها باسمها نحو ثماني دقائق، مما دفعها إلى أن تعود الى المسرح بالكيمونو الصيني حافية القدمين لتغني مجدداً مع الحاضرين، قبل أن تتوارى وسط تصفيق الآلاف الذين أثنوا على كرمها الفني في ليلة لا تنسى من ليالي المهرجان. وافتتحت الدورة السادسة عشرة من مهرجانات بيبلوس الدولية في 13 تموز (يوليو) مع المغني الأميركي جون ليجند، وهي تقدم برنامجاً فنياً منوعاً يطغى عليه الجو الغربي، وتختتم في 18 آب (أغسطس) مع فرقة «آلت-جاي» البريطانية للروك البديل.