قدّم مغني البلوز الأميركي الشهير «بي بي كينغ»، حفلة على شاطئ المرفأ الأثري الفينيقي في مدينة جبيل اللبنانية، ضمن مهرجان بيبلوس الفني، أمام جمهور من كل الأعمار جاء ليشاهد «الأسطورة» عن كثب ويستمع إلى أغنياته وألحانه التي طبعت تاريخ البلوز. وقبل أن يطلّ بي بي كينغ، تمركزت على المسرح فرقته التي تضم ثمانية موسيقيين رافق بعضهم «كينغ» منذ أكثر من 30 سنة. وتوزع الموسيقيون على آلات نفخية والدرامز والأورغ والباص والغيتار، وتهادت موسيقاهم التي طغى عليها صوت الترومبيت وأنغام الغيتار الكهربائي، على إيقاع أمواج بحر المدينة الفينيقية. ثم دخل «كينغ» بخطوات ثقيلة بمساعدة مرافقيه وسط تصفيق جمهور استقبله وقوفاً. وبقامته الطويلة التي أتعبتها أعوامه ال 87، جلس على كرسي مخملي كلاسيكي الطراز في وسط المسرح، وعلق في عنقه غيتاره «لوسيل» الذي رافقه منذ منتصف خمسينات القرن الماضي، ثم رمى ريشته قبل أن تتصاعد نوتاته في سماء جبيل. «شكراً جزيلاً، أقدر ذلك»، قالها «ملك البلوز» الذي أمضى نحو 60 سنة من حياته ينشر هذه الموسيقى. ومازح الجمهور مراراً، وقبل أن يبدأ الغناء، توجه إلى الحاضرين سائلاً: «هل أنتم مستعدون؟»، ثم أجاب نفسه قائلاً: «أنا لست كذلك». غنى «بي بي كينغ» قليلاً، وهتف له الجمهور اللبناني بالإنكليزية «أسطورة، أسطورة»، وكان تارة يغمض عينيه الصغيرتين منسجماً مع موسيقاه، وطوراً يهز رأسه وكتفيه، داعياً الجمهور إلى التصفيق ورافعاً خنصره. لم يخف كينغ الذي جاب أهم مسارح العالم، إعجابه بالجمهور، وأنشد مقاطع من أبرز أغنياته على غرار «افريداي آي هاف ذي بلوز» التي سجلها على طريقته في عام 1955، وهي من الأغنيات المهمة في مشواره الفني. وكرر مرتين أغنية «كي تو ذي هايواي» العائدة إلى أربعينات القرن العشرين. وقدّم أيضاً «روك مي بايبي»، وهي أغنية بلوز سجلها في عام 1964 وعرفت نجاحاً كبيراً آنذاك، ويقوم توزيعها الموسيقي في شكل أساسي على الغيتار. ثم أسمع الجمهور مقاطع من «دراونينغ ذي سي أوف لوف» و «ذي ثريل ايز غون» التي أنشدها في مطلع سبعينات القرن المنصرم، وكتبها كل من روي هاوكنز وريكدارنيل في عام 1951. وترك الجمهور مقاعده وتجمع حوله تحت الخشبة منشداً معه «يو آر ماي سانشاين». وفي نهاية الحفلة، تمنى كينغ أن يكون الجمهور «الرائع»، كما وصفه، قد أمضى وقتاً ممتعاً، وسأل: «هل سأعود إليكم يوماً ما؟». وقال مغادراً: «تعبت. سأذهب الآن». ثم وقف وارتدى سترته واعتمر قبعته وانسحب.