في أول أيام الهدنة التي أعلنتها قيادة قوات التحالف، تواصلت أمس المواجهات بين القوات الموالية للحكومة اليمنية ومعها مسلحو «المقاومة الشعبية»، وبين مسلّحي جماعة الحوثيين المدعومين بوحدات عسكرية موالية للرئيس السابق علي صالح، في ظل أنباء عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، ومحاولات جماعة الحوثيين للتقدُّم في تعز ومأرب، واستعادة مناطق خسرتها في لحج وشمال عدن. ونقلت وكالة «رويترز» عن قيادي بارز في الجماعة أن الأممالمتحدة لم تبلّغها رسمياً بوقف النار. وسُمِع تحليق لطيران التحالف في أجواء صنعاء، فيما أكدت مصادر محلية أن غارات استهدفت مواقع للحوثيين وتعزيزات عسكرية لهم في تعز ولحج ومنصات إطلاق صواريخ شمال مدينة عدن، رداً على خرق الهدنة التي فضّلت الجماعة عدم إبداء أي موقف رسمي منها، وهو ما فُهِم منه إصرار قادة الحوثيين على مواصلة القتال. وكانت قيادة التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، أكدت أن الهدنة الإنسانية التي جاءت بناء على طلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ولمدة خمسة أيام بدءاً من منتصف ليل الأحد - الإثنين مشروطة بالتزام الحوثيين والقوات الموالية لهم. وأعلن التحالف أنه سيرد على أي تحركات عسكرية للجماعة تنتهك الهدنة. وأفادت مصادر القوات الموالية للحكومة و «المقاومة الشعبية»، بأن الحوثيين واصلوا منذ الدقائق الأولى للهدنة قصف الأحياء السكنية والقرى ومواقع «المقاومة» في تعز والضالع ولحج وشمال عدن وغرب مأرب، ما أدى إلى احتدام المعارك. وأضافت أن قواتهم المتمركزة في منطقة «العلم» قصفت مطار عدن بصواريخ «كاتيوشا» من دون أن تُسجّل أضرار. وأكدت المصادر ذاتها أن مسلحي «المقاومة الشعبية» والقوات الحكومية خاضوا اشتباكات عنيفة مع مسلحي الجماعة في مدينة تعز، وحقّقوا تقدماً في وسطها وأحبطوا محاولة الحوثيين والقوات الموالية لهم التقدُّم في مناطق «مشرعة وحدنان» في جبل صبر، وقتلوا 11 مسلحاً. في الوقت ذاته، صدّ رجال القبائل في مأرب (شرق صنعاء) هجوماً في منطقة الجفينة، وقتلوا عشرة حوثيين وأجبروا جماعتهم على التراجع. إلى ذلك، قالت مصادر عسكرية ومحلية إن المعارك استمرت في محيط قاعدة العند الجوية التي يحاصرها الموالون للحكومة في محافظة لحج، في ظل تقدمهم نحو مدينة «الحوطة» عاصمة المحافظة. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصادر القوات الموالية للشرعية أن غارات لطيران التحالف أصابت خطأ مواقع لهذه القوات في محيط قاعدة العند، ما أدى إلى مقتل 12 من عناصرها. كما احتدمت المعارك في أطراف مدينة عدن الشمالية والشرقية، إذ يحاول الحوثيون التقدُّم مجدداً نحو المدينة التي فقدوا السيطرة عليها قبل نحو عشرة أيام، بعد مواجهات ضارية مع القوات الحكومية المدعومة بغطاء جوي وبحري من قوات التحالف. وذكرت مصادر الحوثيين أمس أن قواتهم «صدَّت هجوماً للقوات الحكومية ومسلحي «المقاومة» في مناطق دار سعد وجعولة وجولة الكراع شمال عدن، وقتلت مجموعات منهم ودمرت آليات، كما تمكّنت من تأمين منطقة صبر في لحج». وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، رحّب بالهدنة المعلنة، داعياً الحوثيين وحلفاءهم إلى احترامها، وطالب كل الأطراف بضبط النفس والعمل بحسن نية طوال فترة سريان الهدنة. والتقى وزير الخارجية اليمني رياض ياسين في باريس أمس نظيره الفرنسي رولان فابيوس، وعرضا المستجدّات في اليمن بعد الهدنة. في غضون ذلك، تدفّق المزيد من المساعدات الإنسانية إلى مدينة عدن، بهبوط طائرة إماراتية أمس محمّلة مساعدات طبية ومعدات خاصة بعملية تأهيل المطار. ووصل إلى المدينة المنسّق الدولي الأول للشؤون الإنسانية في اليمن، يوهانس فان دير كلاو، في أول زيارة لمسؤول دولي منذ سيطرة القوات الموالية للحكومة الشرعية على عدن. وفي الرياض قلل الناطق باسم المقاومة الشعبية اليمنية علي الأحمدي من شأن امتلاك الحوثيين وأنصار صالح صواريخ من طراز سكود بعيدة المدى، مشيراً إلى أن منصات إطلاقها دمرتها غارات التحالف عند بدء عملية «عاصفة الحزم» وقال ل«الحياة»: «في الحروب التي تجري لفرض السيطرة على منطقة محددة، تستخدم أنواع خفيفة من الأسلحة، إضافة إلى الطيران، وصواريخ سكود كبيرة الحجم وتظهر على الرادارات، لكننا في كل حال مستعدون لأي هجوم مباغت من المتمردين سواء على الأرض أم عن طريق الصواريخ البعيدة المدى». وأوضح أن الإمدادات الحوثية تصل من طريق معسكرات في صنعاء، وتتحرك باتجاه عدن من طريق محافظة البيضا، والتعزيزات الأخرى تصل من تعز عبر محافظة أبين، مضيفاً أن قوات التحالف قطعت تلك الإمدادات بعد رصد تحركها نحو لحج. وتحدث عن وجود حشود من ميليشيات الحوثيين وقوات صالح في المدينة الخضراء ومدينة السلام الواقعتين شمال عدن باتجاه لحج، مؤكداً تقدم القوات الشعبية باتجاه دار سعد لتحريرها وطرد المتمردين. وصدت المدفعية السعودية ومروحيات الأباتشي صباح أمس محاولة لاختراق الحدود الجنوبية السعودية، ومنعت تسلل مجموعة مسلحة أطلقت عدداً من قذائف الكاتيوشا والهاون على قرى في محافظتي الطوال والخوبة السعوديتين. وقتل عشرات المسلحين اليمنيين، فيما أصيب 5 مدنيين في قريتي المصفق السعودية في محافظة الطوال وأم السودي في محافظة الخوبة، والمصابون هم 3 يمنيين وسعودي وشخص خامس. وقال مصدر ل«الحياة» إن تحليق الطيران كان كثيفاً بعد كشف تحركات على الحدود، وتم رصد أكثر من 70 مسلحاً توزعوا باتجاه قرى المصفق والمكنبل ووعلان، وتم قصفهم من طريق القناصة والطيران والمدفعية، وتم القضاء على عدد كبير منهم، مشيراً إلى أنهم تمكنوا من إطلاق 3 قذائف باتجاه المصفق ومثلها باتجاه الخوبة أصيب على إثرها 5 مدنيين. وأضاف أنه تم رصد نساء وأطفال للمرة الأولى خلف المسلحين الحوثيين فروا هاربين مع مجموعة مسلحة باتجاه بلدتي الخدور والكرس اليمنيتين، إلا أنه لم يتم التعرض للنساء والأطفال الذي يحتمل أن يكون تم توظيفهم لنقل جثث القتلى الحوثيين من المناطق الحدودية.