تعمل تركياوالولاياتالمتحدة على وضع خطط لتوفير غطاء جوي لمقاتلي المعارضة السورية والتعاون في إخراج مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من شريط من الأرض على امتداد الحدود التركية وذلك لتعزيز أمن أنقرة عضو حلف شمال الأطلسي وتوفير ملاذ آمن للمدنيين. وشاركت تركيا على استحياء في التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد "داعش" لكنها في الأسبوع الماضي أجرت تغييرا جذريا حين سمحت للتحالف باستخدام قواعدها الجوية وقصفت أهدافا في سورية مرتبطة بالتنظيم المتشدد. وتستضيف تركيا اكثر من 1.8 مليون لاجئ سوري وتدعو منذ فترة طويلة الى إقامة "منطقة حظر طيران" في شمال سورية لابعاد "داعش" والمسلحين الأكراد عن حدودها وللمساعدة في وقف تدفق اللاجئين الذين يحاولون العبور اليها. ولم يتم الاعلان عن ترتيبات رسمية في هذا الشأن مع واشنطن لكن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قال اليوم (الاثنين) إن "أنقرةوواشنطن متفقتان على الحاجة إلى توفير غطاء جوي للمعارضة السورية المعتدلة في قتالها ضد داعش". وقال داود اوغلو "ما لدينا الآن هو غطاء جوي لإخلاء منطقة من داعش ودعم المعارضة المعتدلة حتى تستطيع السيطرة على تلك المنطقة". وأضاف "لا نريد أن نرى داعش على حدود تركيا". وفي واشنطن قال مسؤولون أميركيون إن مناقشات تجري بشأن حجم ونطاق منطقة آمنة على الحدود تخلى من مقاتلي "داعش" وتتيح لمسلحي المعارضة المعتدلة العمل بحرية. وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس باراك أوباما وطلب عدم نشر اسمه "الهدف هو إقامة منطقة خالية من داعش وضمان المزيد من الأمن والاستقرار على حدود تركيا مع سورية". واستبعد مسؤولون أميركيون التعاون مع تركيا في إقامة منطقة حظر جوي رسمية. وسيعقد حلف شمال الأطلسي اجتماعا طارئا لمناقشة القضايا الأمنية غدا الثلثاء بناء على طلب تركيا. وقال شخصان مطلعان على المناقشات إن من المتوقع أن تطلع أنقرة حلفاءها على الاجراءات التي تتخذها ولكنها لم تطلب اي دعم بالطائرات أو القوات خلال الأعداد للاجتماع. وقال الامين العام لحلف الأطلسي ينس شتولتينبيرج إن "تركيا لديها جيش قوي للغاية وقوات امن قوية جدا لذا فانه ليس هناك اي طلب بدعم عسكري اضافي من الحلف". وإلى جانب ضرباتها في سورية شنت المقاتلات التركية غارات لليلة الثانية على التوالي أمس الأحد استهدفت معسكرات للانفصاليين الأكراد في العراق وذلك في اطار ما وصفه مسؤول كبير في الحكومة بمعركة "شاملة ضد كل التنظيمات الإرهابية". وأثار تجديد الحملة العسكرية على حزب "العمال" الكردستاني الذي يخوض منذ 30 عاما تمردا ضد الدولة التركية ينطلق جزئيا من معسكرات في شمال العراق شكوكا في أن هدف تركيا الحقيقي هو كبح جماح الطموحات الإقليمية للأكراد وليس قتال "داعش". وتخشى تركيا أن تؤدي المكاسب التي حققتها وحدات حماية الشعب الكردية في سورية بمساعدة قصف جوي من التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة إلى تشجيع النزعة الانفصالية بين الأكراد الأتراك وتقوية شوكة حزب "العمال". ويقول الأكراد الأتراك إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يسعى أيضا من خلال تجديد الصراع المفتوح مع حزب العمال الكردستاني إلى تقويض التأييد للمعارضة المؤيدة للأكراد في الداخل قبل الانتخابات المبكرة المحتملة عبر إثارة المشاعر القومية. وفي إبراز للطريق المحفوف بالمخاطر الذي تسلكه أنقرة بينما تقاتل "داعش" في سورية والمقاتلين الأكراد في العراق قالت وحدات حماية الشعب الكردية إن الجيش التركي قصف مواقعها في قرية على مشارف بلدة جرابلس الحدودية التي تسيطر عليها "داعش". وأكد مسؤول تركي كبير أن الجيش رد على قصف تعرض له عبر الحدود في وقت متأخر أمس الأحد لكنه قال إنه لم يتضح اي الجماعات هي التي قصفت تركيا مشددا على أن الجيش التركي لا يستهدف وحدات حماية الشعب. وقال المسؤول التركي منوها عن إن أنقرة تجري تحقيقا بشأن اتهامات وحدات حماية الشعب لها، وأكد ان "العملية العسكرية الحالية تستهدف تحييد التهديدات الوشيكة للأمن القومي التركي ومستمرة في استهداف داعش في سورية وحزب العمال الكردستاني في العراق". وأضاف "حزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية في سورية، وآخرون ما زالوا خارج نطاق الجهد العسكري الحالي". وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان والناطق باسم وحدات حماية الشعب ريدور خليل إن "الوحدات حققت مكاسب جديدة اليوم الاثنين ضد داعش في شمال سورية عندما استولت على بلدة قرب نهر الفرات بعد هجوم استمر شهرا استهدف قطع خطوط إمدادات التنظيم المتشدد. وظهر الجناح المسلح لحزب "الاتحاد الديمقراطي" بوصفه الشريك الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه على الأرض حتى الآن للتحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة في قتاله ضد تنظيم "داعش" في شمال سورية. لكن هذه الجماعة الكردية تربطها صلات بحزب "العمال" الكردستاني الذي تعتبره تركيا والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة منظمة إرهابية. ويشترك الحزبان ليس في الأفكار فحسب بل في المقاتلين أيضا إذ يجذب حزب "العمال" أكرادا سوريين إلى معسكراته في شمال العراق وأكرادا أتراك من أعضاء حزب "الاتحاد". ونقلت صحيفة حريت عن رئيس الوزراء التركي قوله اليوم الاثنين إن حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري يمكن "أن يكون له مكان في سورية الجديدة" إذا لم يسبب قلقا لتركيا وإذا قام بقطع كل علاقاته مع إدارة الرئيس السوري بشار الأسد وتعاون مع قوى المعارضة. وأكدت واشنطن مرارا تصنيفها لحزب "العمال" الكردستاني على أنه تنظيم إرهابي وشددت على أنها تحترم حق تركيا في اتخاذ إجراءات ضد الجماعة المتشددة. وقال إردوغان يوم الجمعة الماضي إن "عمليات تركيا ضد المتشددين من الإسلاميين والأكراد واليساريين ستستمر محذرا من أن جميع المنظمات الإرهابية ستواجه العواقب إذا لم تلق أسلحتها". وتأتي خطوات تركيا ضد حزب "العمال" الكردستاني على الرغم من مفاوضات السلام التي أطلقتها العام 2012 لإنهاء تمرد أسقط 40 ألف قتيل منذ العام 1984. وأعلن الحزب الكردي أن هذه الخطوات أفرغت عملية السلام من مضمونها. وقال داود اوغلو إن قوات الأمن التركية ألقت القبض على 1050 مشتبها بانتمائهم لتنظيم "داعش" والانفصاليين الأكراد واليساريين المتطرفين في الأيام القليلة الماضية مضيفا أن ما بين 50 و60 منهم من الأجانب. وقالت وسائل إعلام محلية إن الأغلبية العظمى منهم من الأكراد واليساريين وليس من أعضاء "داعش".