أكد روائيون أن صدور أكثر من 50 رواية العام الماضي، مؤشر إلى نمو الحراك الثقافي على المستوى المحلي. وأرجع هؤلاء كثافة الإقبال على الرواية إلى أسباب مختلفة (سياسية واقتصادية واجتماعية) ناهيك عن التطورات التي حصلت للعالم كثورة الاتصالات. «الحياة» استطلعت آراء عدد من الروائيين والروائيات، حول تقويمهم للكم والكيف، ورؤيتهم للكتابة الروائية في المملكة؟ يقول الروائي حامد بن عقيل إنه لم يطلع إلا على ثلاث روايات سعودية صدرت عام 2009، «إضافة إلى بعض مسودات لروايات سعودية نعدها للإصدار عن طريق دار جدار للنشر عام2010، لكنني أنظر إلى الرواية السعودية نظرة محايدة تماماً. ليس صدور هذا الكم أمراً مبشراً ولا العكس، سنحتاج إلى سنوات قبل أن نستطيع الفرز، وتكوين رأي واضح حول روايتنا المحلية أو الأسماء التي تكتبها». وأضاف صاحب رواية «الرواقي»: أعتقد بأن صدور هذا الكم من الروايات ليس أكثر من مؤشر على أننا بدأنا منذ سنوات قلائل الكتابة، وبداية التحول من الشفوية إلى التدوين، وهذه خطوة أولى جيدة، لكنها لا تعني أن ما سيتلوها سيكون مميزاً. يكفي أن نستمر في الكتابة لأن الزمن هو الكفيل ببيان ما إذا كان ما نكتبه يستحق البقاء أم لا». ويرى القاص والروائي فارس الهمزاني أن خروج روايات سعودية كثيرة، «يدل على نمو حراك ثقافي على المستوى المحلي، وهو ما يعطي دعماً كبيراً في صناعة النشر السعودية والعربية»، مشيراً إلى أنه لو تمت مقارنة نتاج الرواية السعودية خلال العاميين الماضيين، «لنجد أنها تتجاوز عدد الروايات السعودية منذ الستينات وحتى مطلع القرن الجديد»، مضيفاً وعلى رغم أن الجودة في النوعية لا الكمية، «إلا أنها تشكل تظاهرة رائعة في مسيرة الأدب السعودي، وأعتقد بأن طفرة الأعمال الروائية ستتجه نحو آفاق عالية، ويكفينا فخراً أن هناك ثلاث روايات سعودية رشحت للبوكر العربية وهذا انجاز بحد ذاته». نحن لا نزال في العتبة الأولى ومحاولاتنا ستتجه للأفق في القريب العاجل». ويؤكد الروائي مطلق البلوي أن الكتابة الروائية في المملكة «تتحدث عن شيوعها وانتشارها بهذه الكمية وهذه الكثرة عدد من الباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي المحلي قبل سنوات، وأعزوها لأسباب مختلفة»، لافتاً إلى أن الزمن «كفيل بإبقاء الأجود فنياً والقارئ الآن قارئ واعٍ يستطيع أن يقرأ الرواية - أية رواية- بأدوات معتبرة». وتعتقد الروائية أثير عبدالله بأن هُناك إجماعاً على وجود طفرة أدبية في الساحة السعودية، «ولا سيما في مجالي الرواية والقصة القصيرة وهي نتيجة طبيعية وأمر متوقع بحكم أن الجيل الأخير هو جيل قارئ ومُثقف. فالكاتب ليس إلا قارئاً من الطراز الأول قبل أن يكون كاتباً، إضافة إلى الدعم «المستحدث» من وزارة الثقافة والإعلام للأدب والأدباء، وهذا ما لم يَكُن موجوداً في الأعوام الماضية». وتضيف صاحبة رواية: «أحببتك أكثر مما ينبغي»: أظنُ بأن هذه إحدى فوائد أن يكون وزير الثقافة «أديباً ومُثقفاً» قبل أي صفة أُخرى، أما بخصوص إصدارات 2009، فحقيقة أنا لم أحظَ بالاطلاع على كُل الأعمال التي أُصدرت خلال العام الماضي. لكنني قرأت الكثير منها. بطبيعة الحال هُناك تفاوت في مستوى الأعمال المطروحة وإن كانت هُناك أسماء تُنبئ بُمستقبلِ أدبي رائع، وأنا أراهن على أسماء عدة مُبدعة. وأُدرك تماماً بأننا سنحظى بالكثيرِ من الأعمال العظيمة خلال السنوات المقبلة». الرواية طريق لتكون آثماً بلا إثم وتقول الروائية عزة السبيعي إن أي كم سيكون مفيداً «وسيحمل معه اختلافاً سيشدنا للبحث عن الأفضل فيه، على رغم أن 50 رواية ليس بالكثير على كل حال في بلد يتجاوز عدد سكانها 20 مليون نسمة، أما الكيف فسيحكمه من سيبقى في ذاكرتنا من الروائيين». وأضافت صاحبة رواية «ما لم تقله نوف»: الرواية في المملكة لم تنشط وتظهر إلا قبل عقد ونصف العقد، وحتى هذا الظهور كان صادماً جداً، لذا كتابة الرواية في بلادنا أسهل طريقة لتصبح آثماً بلا إثم، لكنني مع ذلك أتوق لأحكام منصفة من ذائقة قراء واعين ما إن تصبح روايتي على أرفف المكتبات». واعتبر القاص عبدالله الزماي أن كثيرين ينظرون إلى الرواية المحلية، «كما لو أنها كائن فضائي أو مخلوق غريب هبط علينا فجأة، لذلك لم نحسن التعامل معه في مظاهر عدة فهناك من تكبر عليها وحكم عليها بالفشل قبل ولادتها، وهناك من اعتبرها مرحلة زمنية عابرة وخطاب اجتماعي معين كان صامتا ينتظر دوره ليتحدث، وغيرها من أحكام عمومية كثيرة تطالعنا كل يوم حتى مللنا منها ومن تقاربها وتناسخها بهذا الشكل، بينما لم نر من يتحدث عن الأعمال الإبداعية بتجرد وبشكل استثنائي وخاص، وفق رؤى فنية خالصة إلا عند قلة قليلة». ويضيف الزماي: لذلك أنا لا أمتلك رؤية معينة حول الرواية المحلية، ولا أحب أن أقع في ما انتقده، ولا أنظر إلى الرواية المحلية بنظرة عامة واحدة، فالراوية المحلية عندي تعني أعمال كثيرة مختلفة ومتعددة، بتعدد مستويات كتابها وتباين رؤاهم واختلاف تقنياتهم الكتابية، أنا بعكس الكثيرين أثق بالمبدع المحلي وانتظر منه الكثير، والأمثلة كثيرة على أن المبدع المحلي تجاوز نفسه وتغلب على مجتمعه غير المعترف به، وتم الاعتراف به عربياً وعالمياً».