لجم المدير الفني للمنتخب المصري لكرة القدم حسن شحاتة منتقديه عندما نجح في قيادة "الفراعنة" للدور نصف النهائي من نهائيات كأس الأمم الأفريقية المقامة حالياً في أنغولا. وبات على شفير انجاز غير مسبوق في تاريخ الكرة المستديرة في القارة السمراء وهو إحراز اللقب الثالث توالياً. وهي المرة الثالثة على التوالي التي ينجح فيها شحاتة في قيادة "الفراعنة" إلى دور الأربعة، علماً أنه دخل تاريخ كرة القدم المصرية والأفريقية من الباب الواسع عام 2008 عندما توج مع مصر باللقب الثاني توالياً والسادس في تاريخها. وبات أول مدرب مصري يقود منتخب بلاده إلى لقبين قاريين متتاليين، وأول مدرب في القارة السمراء يفوز بلقبين متتاليين منذ الغاني تشارلز غيامفي الذي قاد منتخب بلاده إلى لقبي 1963 و1965, علماً أن الأخير هو المدرب الوحيد الذي نال اللقب ثلاث مرات بعدما قاد غانا الى لقبها الرابع عام 1982 في ليبيا. وفي حال قدر لشحاتة الملقب ب"المعلم" التتويج بلقب النسخة الحالية فانه سيعادل رقم غيامفي، لكنه سيكون أفضل منه بكثير لأنه حقق ذلك في مناسبات متتالية. وكان شحاتة حقق إنجازاً رائعاً عندما قاد مصر إلى اللقب القاري قبل 4 أعوام في مصر، وعوض بالتالي فشله في معانقة الكأس القارية عندما كان لاعبا متألقاً في صفوف المنتخب المصري في السبعينيات, وعادل وقتها (2006) إنجاز مواطنيه مراد فهمي عام 1957 ومحمود الجوهري عام 1998. وكعادته, لا يسلم شحاتة من الانتقادات في بلاده قبل أي بطولة قارية يدخل غمارها وذلك منذ تعيينه على رأس الإدارة الفنية عام 2004, لكنه في كل مرة يثبت بأنه دائماً على حق سواء في اختياراته التكتيكية أو الفنية أو تشكيلة اللاعبين, وما يفعله في النسخة الحالية ليس سوى دليلاً واضحاً على ذلك من خلال اعتماده على لاعبين مخضرمين وواعدين. وأسكت شحاتة منتقديه من خلال المشوار الرائع للفراعنة في البطولة الحالية والتي حقق فيها 4 انتصارات متتالية حتى الآن، أبرزها على نيجيريا والكاميرون وبنتيجة واحدة 3-1، علماً أن منتخبه تخلف بهدف في المباراتين ونجح في العودة وتحقيق الفوز. وواجه "المعلم" صعوبات كثيرة في مرحلة الإعداد بدءاً من المعنويات المهزوزة للاعبيه بسبب نكسة الفشل في التأهل إلى المونديال بالسقوط في المباراة الفاصلة أمام الجزائر التي ستكون منافسته على بطاقة النهائي الخميس, أو ناحية الغيابات المؤثرة في خط الهجوم بسبب إصابة القوة الضاربة المكونة من محمد أبو تريكة ومحمد بركات وعمرو زكي، فضلاً عن ابتعاد محمد شوقي بسبب ضعف مستواه. لجأ شحاتة إلى لاعبين واعدين من طينة محمد ناجي جدو ومحمد عبد الشافي وأحمد المحمدي ومعتصم سالم وعبد العزيز توفيق ومحمود عبد الرازق شيكابالا وأحمد رؤوف والسيد حمدي وأحمد عيد عبد الملك, فبات هدفاً لانتقادات وسائل الإعلام المحلية التي احتجت كثيراً على استبعاد احمد حسام "ميدو" ومحمد حمص لخبرتهما الكبيرة في الملاعب القارية, بل أن بعضهم شكك في إمكان تخطي "الفراعنة" للدور الأول. لكن شحاتة وب"ضربة معلم" أثبت العكس ونجح في مواصلة نتائجه الرائعة مع المنتخب في العرس القاري، رافعاً رقمها القياسي في السجل الخالي من الخسارة إلى 17 مباراة متتالية بفضل أحد اللاعبين الواعدين غير المرغوب فيهم من الصحافة المصرية، وهو مهاجم الاتحاد السكندري محمد ناجي جدو الذي سجل ثلاثة أهداف في 3 مباريات لعبها حتى الآن في البطولة، علما أنه كان احتياطياً فيها كلها. وأعرب شحاتة عن سعادته الكبيرة بتألق جدو الذي رفع رصيده الى 4 أهداف في 5 مباريات دولية فقط (سجل هدف الفوز في مرمى مالي في المباراة الودية قبل البطولة), وقال "انه لاعب واعد ينتظره مستقبل كبير, ما قام به حتى الآن يعتبر إنجازاً, لأنه من الصعب على أي لاعب احتياطي القيام بما فعله جدو, لكنه أثبت انه من اللاعبين الكبار وجدير بالثقة والمسؤولية التي وضعها فيه الجهاز الفني". كما أعرب شحاتة عن سعادته بما حققه المنتخب حتى الآن, وقال "إنها ثمرة عمل شاق ودؤوب وجدي, هذا هو المنتخب المصري الذي شكك بعضهم في قدراته قبل انطلاق البطولة, إنه أفضل منتخب في القارة السمراء للنسخة الثالثة توالياً". وأشاد شحاتة بلاعبيه, عازياً "هذا الإنجاز" إلى تضافر جهود " اللاعبين والطاقم الفني والطبي والإداري, نحن سعداء بهذا التأهل الذي يؤكد أننا نسير في طريقنا نحو الاحتفاظ باللقب خطوة بعد أخرى, وسنواصل الطريق حتى نعود بالكأس". وزاد: "هذا هو وضعنا الطبيعي, نحن أبطال أفريقيا وجئنا إلى هنا للدفاع عن لقبنا وها نحن في نصف النهائي وعلى بعد خطوتين من اللقب السابع في التاريخ". ووصف المباراة أمام الجزائر ب"العقبة الصعبة". البداية من بوركينا فاسو شارك شحاته مع المنتخب المصري في بطولات أفريقيا أعوام 1974 في مصر و1976 في إثيوبيا و1978 في غانا و1980 في نيجيريا، إلا انه لم يحقق حلمه بالفوز باللقب القاري حيث خرج منتخب بلاده من دور الأربعة في هذه البطولات. وانتظر شحاتة عام 2003 ليعانق اللقب القاري كمدرب في بوركينا فاسو عندما قاد منتخب الشباب. وتألق شحاتة كلاعب في صفوف الزمالك والمنتخب واحترف في صفوف كاظمة الكويتي أواخر الستينيات، قبل أن يعتزل اللعب منتصف الثمانينيات. ودرب شحاتة أندية مصرية عدة أبرزها الاتحاد السكندري الذي كان بوابة تألقه في العمل الفني, والزمالك والشمس والسويس والمينا والمقاولون العرب، قبل أن يعيّنه الاتحاد المصري مدربا للمنتخب الأول خلفاً للإيطالي ماركو تارديللي. وجاء قرار الاتحاد بعد عدم توصله إلى اتفاق مع الفرنسي الجنسية البولندي الأصل هنري كاسبارجاك والبرتغالي هومبرتو كويليو اللذين غاليا في طلباتهما المادية, ورفض اللجنة الفنية لاقتراح الألماني ثيو بوكر. ويعد شحاتة المدرب ال19 في مسيرة المنتخب المصري الذين يتقدمهم حسن حجازي ومراد فهمي ومحمد الجندي وفؤاد صدقي ومحمد عبده صالح الوحش وحمادة الشرقاوي وعبد المنعم الحاج ومحمود الجوهري وطه إسماعيل ومحسن صالح وفاروق جعفر وأنور سلامة. أما المدربون الأجانب فهم الألمانيان كرامر وفايتسا واليوغوسلافي بوبوفيتش والويلزي مايكل سميث والفرنسي جيرار جيلي والإيطالي تارديللي.