كشفت الاختصاصية في الطب النفسي الدكتورة منى الصواف ل«الحياة» أن 61 شخصاً من متضرري سيول جدة، راجعوا العيادات النفسية للعلاج من اضطرابات ما بعد الكرب، موضحة أن 37 امرأة وتسعة رجال و15 طفلاً خضعوا للعلاج في عيادات الطب النفسي خلال الفترة المنصرمة. وأفادت أن السيول وما أحدثته من دمار وكوارث في المنطقة أدخلت نسبة من الناس في حال من الصدمة الشديدة، لاسيما الذين شاهدوا ذويهم يموتون وديارهم تتحطم، مشيرة إلى أنهم يصابون بتوتر شديد بمجرد تلبد السماء بالغيوم. وأوضحت أنها عايشت حالات كثيرة تتوجس من الماء، لاسيما الأطفال، مؤكدة أنها شاهدت صغيراً يرفض الاستحمام عقب أن كان يفرح بالمطر، وفتاة رفضت شرب الماء حتى أصيبت بالجفاف الشديد. وقالت: «تسهم الكارثة في إحداث كثير من الاضطرابات لدى الإنسان، وبمجرد وقوعها يدخل في حال من عدم التصديق، وتجده متخشباً غير مدرك ما حدث، بعدها يعيش نوبة القلق عن مصير ذويه»، لافتة إلى أنه يتجاوز تلك المرحلة ليعاني قلقاً من نوع آخر، يتمثل في تعويض الخسائر التي تكبدها، «وحول مصيره متسائلاً عمن سيعوضه المأوى الذي فقده والمطعم والمشرب». وبيّنت أن اضطرابات ما بعد الكرب تبدأ من شهر إلى شهرين بعد وقوع الكارثة، موضحة أنها تظهر على هيئة ذكريات مثل شريط السينما، «ويعيشون الكارثة بكل مشاعرهم من خوف يصاحبه قلق وحزن واكتئاب». ولفتت إلى أن أعلى حال اكتئاب سجلت نتيجة الكوارث استمرت 35 عاماً، رافضة إرجاع ما حل بالأهالي من أضرار نتيجة الكارثة إلى «الغضب»، معتبرة أن ذلك يفاقم معاناة المتضررين.