ربما تكون بكين نجحت في تفادي أزمة في أسواق الأسهم من خلال اللجوء لأسلوب التدخل العنيف في البورصات، لكن أكبر مديونية شركات في العالم والتي تبلغ 16.1 تريليون دولار وآخذة في التفاقم تمثل تهديداً أكبر بكثير للاقتصاد المتباطئ، ومشكلة لا يمكن التصدي لها. وأظهرت دراسة أجرتها "تومسون رويترز" على أكثر من 1400 شركة أن ديون شركات الصين تمثل 160 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتوازي مثلي حجم ديون الشركات الأميركية بعد تفاقمها بشدة خلال السنوات الخمس الماضية. ووفق تقديرات مؤسسة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، يُنتطر أن يرتفع جبل الديون 77 في المئة ليصل إلى 28.8 تريليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. أما معظم إجراءات التدخل الصينية في مشكلة ائتمان الشركات، فتتوجّه حتى الآن لهدف مختلف، وهو دعم النمو الإقتصادي الذي من المتوقّع أن يهبط في عام 2015 إلى أدنى مستوياته في 25 عاماً. وخفضت بكين أسعار الفائدة أربع مرات منذ تشرين الثاني (نوفمبر)، كما خفضت مستوى الاحتياطات الإلزامية للمصارف وأزالت القيود على حجم الودائع التي يمكن للمصارف إقراضها للعملاء. ويقول كبير الاقتصاديين لشؤون الصين في "رويال بنك أوف سكوتلند" لويس كويغز إنه "عند فتح خطوط ائتمان، تتزايد المخاطر من ذهاب هذه الأموال لشركات أو كيانات تعاني من مشاكل". وقدمت بنوك الصين قروضاً جديدة بقيمة 1.28 تريليون يوان (206 بلايين دولار) خلال حزيران (يونيو) بارتفاع كبير عن 900.8 بليون يوان في أيار (مايو). وتتوارى أرباح شركات الصناعات التحويلية خجلاً أمام ديونها المتفاقمة. وتوصلت دراسة "تومسون رويترز" إلى أنه في عام 2010 بلغت ديون الشركات 2.8 مرة مثل أرباحها من الأنشطة الرئيسة. وبنهاية 2014، بلغت الديون 5.3 مرة. أما بالنسبة لشركات الطاقة، فزادت المديونية من 1.1 إلى 1.4 مرة مثل أرباح الأنشطة الرئيسة. وارتفعت النسبة للشركات الصناعية من 2.5 مرة إلى 4.2 مرة. وتتوقع "ستاندرد آند بورز" أن تمثل الشركات الصينية 40 في المئة من إجمالي القروض الجديدة للشركات حتى عام 2019، لكن حجم الديون ليس المشكلة الوحيدة، فتقديم ائتمانات للشركات الأكثر كفاءة سيكون أسهل بكثير لو أن الحكومة سمحت بانهيار الشركات الفاشلة كي يتمكن السوق من تسعير ديون الشركات بسهولة. وتطلب الأمر من الحكومة سلسلة إجراءات غير مسبوقة للحيلولة دون انهيار أسواق الأسهم الصينية التي لا تزيد قيمتها كثيراً على ثمانية تريليونات دولار ولا تأتي على رأس اهتمامات الموسرين نسبيا في الصين. وبالمقارنة، فإن التصدي لمشكلة ديون الشركات يبدو أسهل بكثير من إنقاذ البورصات.