بكين - أ ف ب - تستفيد حركة الرقص المعاصر الناشئة في الصين، من حماسة مصممي الرقص والراقصين الذين يجدون في كنفها شعوراً نادراً بالحرية، في مجال يعتبر تقليدياً أداة ترويج دعائي للسلطة. ويقول أبو الرقص المعاصر الصيني ويلي تساو الذي ولد في هونغ كونغ ان «الرقص المعاصر يسمح بالترويج لشعور بالحرية والتعبير والفردية وهذا ليس المعيار المعتمد في الصين، في معظم الأحيان». في عُرف النظام الشيوعي، شكل الرقص أداة لل «بروباغندا» (الدعاية السياسية) لتلقين الجماهير من خلال عروض باليه «شيوعية مثقفة» كمثل عرض «مفرزة نسائية حمراء» الذائع الصيت والمدرج في برنامج الباليه الوطني الصيني في جمع بين الكلاسيكية والفن التقليدي. غير ان هذه الجمالية الثورية المطعمة برموز كثيرة، تقف على نقيض الرقص الذي قدم في الأيام الأخيرة خلال المهرجان الثاني للرقص المعاصر في بكين. ويقف وراء المهرجان ويلي تساو الذي يناهز الخمسين ويترأس ثلاث فرق للرقص في الصين ويرغب بعدما جال العالم، في بزوغ جيل شاب من الراقصين. عرضت حوالى أربعين فرقة أعمالها، وأتت من مناطق عدة في الصين. من بين الراقصين النجوم الجدد، تاو يي (23 سنة) الذي كان راقصاً في فرقتين صينيتين شهيرتين قبل ان ينطلق منفرداً ليؤسس العام الماضي فرقته الخاصة «تاو دانس ثياتير». ويشرح الشاب الحليق الرأس: «لم تعد تجربتي كراقص تكفي لاحتواء خيالي، فوجدت أنني احتاج الى فسحة أكبر لأنميه». في المهرجان الذي استقبله مسرح ريادي صغير في بكين وغص بالحاضرين على امتداد أمسيات العروض، قدم يي عمله الفني «سكيتش» برفقة راقصتين اتخذتا خلاله وضعيات جسدية وتلاعبتا بالأضواء على إيقاع البيانو، في أسلوب يذكر بحركات الرقص الياباني الذي يعرف باسم «بوتو». يقول تاو يي «ان الرقص المعاصر في الصين حديث العهد، وهذا النوع من المهرجانات فرصة ذهبية للمصممين الشباب أمثالي ولأولئك الذين يهوون الرقص المعاصر، لا نجد في الصين فرصاً كثيرة مماثلة، بالنسبة إلينا انها أشبه باحتفال». على رغم ان ويلي تساو درس في الولاياتالمتحدة، شرع يعلم في أكاديمية الرقص في بكين في نهاية ثمانينات القرن العشرين، إلا ان هذا الاختصاص الفني لم يحظ بعد بالدعم الذي يحظى به الباليه. ويقول تاو يي: «لدينا أربع فرق فقط، أما في أوروبا، وفي بلجيكا مثلاً هناك أكثر من مئة فرقة، الصين شاسعة ومن المؤسف ألا يكون فيها سوى اربع فرق، ارغب في أن أساهم في تطوير الرقص». صارت السلطات الصينية تتنبه الى مصلحة الصين في أن تشارك هذه الفرق في مناسبات خارج حدودها نظراً الى مساهمتها في تحسين صورة البلاد. غير ان ذلك لا يعني بالنسبة الى ويلي تساو ان يضحي الراقصون ومصممو الرقص بحريتهم. ويرى تساو أنه «ينبغي لنا ان نكون حذرين عندما نحاول التفاوض مع الحكومة لتمنحنا الأموال، ذلك انه عندما يمدك رب عملك بالنقود، يكون عليك في المقابل أن ترد له صنيعه، ونحن نرغب راهناً في أن نكون أرباب أنفسنا».