في الوقت الذي يعتبر عدد من المشاهدين الفضائية الفلسطينية ناطقة باسم حركة «فتح»، بحكم ما تبثه من مواد تلفزيونية منذ الانقسام الداخلي الفلسطيني في مواجهة فضائية «الأقصى»، الذراع الفضائي لحركة «حماس»، يبدو أن «فتح» ذاتها لا تتعامل معها وفق هذه الرؤية. أو على الأقل هذا ما يمكن استنتاجه من قرار «المجلس الثوري» للحركة، وكذلك ما يعرف باسم «التعبئة والتنظيم» بتكليف شخصيات «فتحوية» بالعمل على إنشاء فضائية خاصة بالحركة، على اعتبار أن الفضائية الفلسطينية هي في نهاية المطاف فضائية الشعب الفلسطيني، وتتبع الرئيس محمود عباس، الذي هو رئيس لكل الشعب الفلسطيني. وعلى رغم تكليف «الثوري» سفير فلسطين لدى مصر نبيل عمرو، و«التعبئة والتنظيم» الناطق الرسمي باسم «فتح» فهمي الزعارير بهذه المهمة، ما يوحي بوجود حال من «اختلاط الحابل بالنابل» في هذا الاتجاه، تتفق الغالبية داخل الجسم الفتحوي على أهمية إنشاء هذه الفضائية، وعلى أنها تحقيقها لا يزال بعيداً بعض الشيء، وأن ما يجرى الإعداد له هو «فضائيات خاصة صديقة لفتح»، على حد تعبير الزعارير الذي يؤكد أن «فتح في أمس الحاجة إلى فضائية»، ويقول: «طوال فترة عمل الثورة الفلسطينية التي أطلقت حركة فتح شرارتها، وحتى قيام السلطة الفلسطينية، سخرت فتح طاقتها وكوادرها الإعلامية، لخدمة الثورة، ومن ثم خدمة مشروع الدولة المستقلة، فكانت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، وكانت إذاعة فلسطين، وجريدة صوت الثورة... والحال لم يكن الإعلام المرئي محبذاً بالنسبة الينا، لكوننا كنا نرى أن فضائية حزبية تكلف الكثير من الأموال، في وقت كنا فيه أنفسنا جزءاً من الكل الفلسطيني الذي تعبر عنه فضائية فلسطين، إلا أن حركة حماس لم تؤمن بهذه الرؤية، وأطلقت فضائيتها الحزبية الناطقة باسمها». ويضيف: «نحن الآن في مرحلة مختلفة، وباتت فضائية حركة فتح حاجة ملحة، وقد كُلفت من التعبئة والتنظيم في الحركة بالترتيب لإنشاء هذه الفضائية، ولكن هناك مشكلة تواجهها ولا تتعلق في الكوادر، إنما بتوافر الأموال اللازمة لإطلاقها، فأي فضائية تتكلف مبالغ طائلة ما بين بنية تحتية ومصروفات ثابتة، وسواها». ويشير الزعارير الى ان «التعبئة والتنظيم» قطع شوطاً في ما يتعلق بالإجراءات الرسمية والحصول على التراخيص، لكن عدم تأمين التغطية المالية اللازمة يحول دون انطلاق الفضائية «الفتحوية»، رافضاً التعليق على ازدواجية التكاليف داخل الجسد «الفتحوي» الواحد، مكتفياً بالقول: «أي فضائية لا تحمل رؤية حركة فتح، وأهدافها، وتنضبط بقرارات مؤسسات الحركة لن تكون فضائية فتحوية، بالتالي ليست ناطقة باسم الحركة، ويمكن أن تندرج في إطار الإعلام الصديق... ربما تطلق فضائيات بإشراف كوادر في فتح قريباً، لكنها ليست بالضرورة فضائية فتح الرسمية». وعن الاتجاه نحو فضائية «فتحوية» في وقت تعبر فضائية فلسطين إلى حد كبير عن توجهات الحركة، يقول الزعارير: «تلفزيون فلسطين تلفزيون وطني، وليس فضائية حزبية تنطق باسم فصيل أو آخر... أحياناً يُحمّل التلفزيون الفلسطيني أكثر مما يحتمل، وربما لاحظ البعض انحيازه إلى فتح أو منظمة التحرير بعد الانقلاب الذي قامت به حماس في غزة... الحاصل أنه تلفزيون السلطة، والناطق باسمها، ويتبع مؤسسة الرئاسة، لكنه بالتأكيد ليس تلفزيون فتح، أو الفضائية التي نأمل بأن تجد لها متسعاً بين الفضائيات، وأن تُخصص الأموال اللازمة لإطلاقها قريباً». ولا يرى المدير العام للتلفزيون الفلسطيني محمد الداوودي أن قيام فضائية فتحوية سيؤثر سلباً على الفضائية الفلسطينية، ويقول: «أعتقد أنها ستؤثر إيجاباً، فإنشاء أي قناة فضائية في ظل وجود هذا الكم من الفضائيات سيزيد من حجم التنافس، بالتالي يحسن جودة المنتج الإعلامي الفلسطيني، ويزيد حدة التسابق نحو الكشف عن الخبر وتغطيته، ويمنح مزيداً من الصدقية ناجماً من تعدد الأصوات، وهذا لمصلحة المشاهد في النهاية». ويرفض الداوودي ما يقال عن أن الفضائية الفلسطينية باتت فضائية «فتح»، ويقول: «تلفزيون فلسطين تابع للرئاسة، بالتالي يعمل وفق هذا الإطار، وتأسس بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية، وقّعه الشهيد ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير آنذاك، بالتالي فإن الرئاسة ومنظمة التحرير هما مرجعية التلفزيون الفلسطيني، وليس فصيلاً بعينه».