قرية الشامية التابعة لجبل القهر، حالت طبيعتها الصخرية والوعرة والقاسية دون وصول التنمية، حيث لا يوجد طريق وصل إليها فبعد أن تجتاز قرية الرهوة على قمة جبل القهر تبدأ بالنزول من الجهة المقابلة للجبل عبر طريق وعر جدا، فتبدأ بالانحدار إلى منطقة تسمى الواديين التي يحيط بها الجبل، فتتفاجأ ببعض الكهوف المسكونة على قمة الجبل وبعض الغرف والمساكن الحجرية التي لا تتعدى في غالب الأحيان حجرة واحدة أو حجرتين في مناطق متناثرة هنا وهناك يمر خلالها طريق وعر جدا فوق الصخور يؤدي إلى منطقة الشامية، وهذا الطريق يتصل أحيانا عبر وصلات أسمنتيه قام المواطنون برصفها على نفقتهم الخاصة، ولا زال أهالي الشامية بمحافظة الريث يعانون من نقص الخدمات الضرورية التي ليس للإنسان غنى عنها..«عكاظ» زارت الشامية والتقت عددا من ساكنيها. يقول الشيخ فيصل جابر المصغري شيخ قبائل المصاغرة بالريث، أنه قرية الشامية يسكنها قبائل عدة من المصاغرة وآل المسعود وآل أمشحنة، حيث يواجه أبناء القرية معاناة مستمرة مع الطريق المؤدي إلى القرية، مشيرا إلى أن هناك طريقا واحدا يربطهم بمركز جبل القهر بطول حوالي 20 كم، وأضاف: طالبنا في البداية بفتح طريق للقرية وقمنا بمراجعات عدة ورفعنا أكثر من خطاب ولم تقابل أصواتنا المبحوحة صدى من المسؤولين غير الوعود الواهية، وعند اليأس من الحلول في فتح الطريق قام السكان بجمع مبالغ لفتح الطريق حتى يتسنى لهم الاتصال بالعالم الخارجي وقضاء مستلزماتهم، ونقل مرضاهم» مبينا أن معظم أصحاب القرية ظلوا في حالة بيع دائم لأغنامهم للحصول على المال لفتح الطريق، وقد نجحوا في فتح الطريق بعدما اشتروا الأسمنت ووضعوه في بعض الأماكن الخطرة. ويشير محمد ضعيف المصغري، إلى أن التكلفة التي لحقت بهم لفتح الطريق وصلت لنصف مليون ريال وهو عبارة عن طريق خطر يمر من فوق الصخور وتحته هاوية، كما أنهم اجتهدوا في كتابة عبارات تنذر بالخطر الشديد لسالكي الطريق، ما يعني أن الطريق لا يسلكه إلا مغامر بحياته أو مجبور عليه، وأضاف: ولكن الضرورة أجبرتنا على ذلك مع أننا نتوقع الموت في أي لحظة فهو شبح دائم وهاجس لكل السكان». أما المواطن مفرح ضعيف المصغري، فأشار إلى ضرورة إسراع الجهات المعنية بالتدخل لصيانة الطريق وتعبيده، حيث رفعوا أكثر من خطاب للجهات المعنية، فتم تشكيل لجان من قبل المجلس البلدي واللجان المحلية، والتي أوصت تلك اللجان بضرورة صيانة الطريق ولكن بقيت هذه التوصيات حبرا على ورق وما زالت المعاناة مستمرة لمدة تقارب من اثنين وعشرين سنة دون مبالاة، مشيرا إلى أنه وبسبب وعورة الطريق فقد وقفت عائقا أمام وصول الخدمات والتنمية لقرية الشامية، وتسببت في جعل السكان يعيشون حياة بدائية. تعب المراجعات وبين المصغري، أن أغلبية سكان القرية يعيشون في الكهوف والصفيح والخيام والبعض يسكن مع زوجته وأطفاله داخل الكهف، أما الذين حالفهم الحظ من سكان الشامية فهم في أحسن الأحوال يسكنون في حجرة أو حجرتين من الحجر والطين ولكن بلا ماء أو مقومات للحياة الضرورية. وناشد علي بن أحمد الشحني، المسؤولين بالنظر في حالهم، وقال: «يئسنا من النداءات والمراجعات التي لم يكن لها نتيجة سوى تعب المراجعة وطول الانتظار، فقد تعرض الكثير من السكان للموت نتيجة الطريق الذي لم تقم خدمات الطرق والنقل بجازان بزيارته لأكثر من 22 سنة». تعليم محدود يقول المواطن محمد جابر المصغري: بناتنا ونساؤنا محرومات من التعليم لا يعرفن حتى أمور دينهن، أما البنين فقد تم فتح مدرسة ابتدائية عام 1419 ه ونحن نطالب بفتح مدرسة ابتدائية للبنات وقد قمنا برفع أكثر من خطاب لفتح مدرسة للبنات من عام 1414 ه ولم يلبى طلبنا حتى الآن مع أن اللجان المحلية ومجلس المنطقة، أوصوا بذلك. وأشار موسى يحي ضعيف المصغري نحن نناشد المسؤولين بفتح مدرسة ابتدائية للبنات وفتح متوسطة بنين حتى يصل العلم لقريتنا فهو أساس كل شيء ومحو الجهل عن بناتنا ونسائنا. البدل النائي أما المعلم إبراهيم مدخلي والمعلم نايف كامل مدير مدرسة الشامية فأشارا إلى أن معلمي قرية الشامية لا يعانون وعورة الطريق أو غياب الخدمات فحسب بل يعانون أيضا مرارة التجاهل لمعاناتهم من قبل الجهات المعنية ويرون زيادة مخصصات البدل النائي وعدم توفير وسائل النقل التي يضطرون لاستئجارها لإيصالهم إلى قرية الشامية لتأدية واجبهم تجاه وطنهم ومهنتهم، كل تلك المشاكل التي ذكرتها انتقاصا لحقوقنا مقارنة بما يبذله المعلمون من تضحيات ويعتصرهم سكوت المسؤولين عن معاناتهم وأضاف المعلم أحمد العروي لا نريد سوى الإنصاف حتى تتحقق للمعلمين العدالة الوظيفية التي يستحقونها وأن يحظى طلابهم بفرصة مواصلة تعليمهم لينهضوا بمنطقتهم ويساهموا وليساهموا في بناء وطنهم كغيرهم من أبناء الوطن. محرومون من الخدمات ويشير المواطن جابر مفرح الشحني، إلى أنهم في الشامية محرومون من الخدمات الصحية، فبعض المرضى يموتون قبل الوصول لمحافظة الريث التي تبعد عنهم أكثر من خمس ساعات عبر الطرق الوعرة التي يسلكها المواطنون، وأرجع جابر السبب إلى بعد قرية الشامية عن المراكز الصحية وصعوبة الطريق وقلة المواصلات . أما الشيخ مفرح كلفوت الشحني إمام وخطيب جامع قرية الشامية فيقول: نشأنا نحن وأباؤنا وأجدادنا في الشامية ورغم قدم القرية إلا أنه لم تصل إليها أي خدمة سوى الكهرباء التي تنقطع من حين لآخر، أما لمن أراد الوصول بمريضه إلى مستوصف القهر يضطر إلى حمل مريضه على أكتافه ويعبر به 18 كيلو عبر طرق صخرية وعرة تستغرق الوصول ساعات طويلة، وأضاف «وإذا كانت الحالة خطرة فإننا نضطر إلى النزول بهم عبر طريق القهر الوعرة أيضا سيرا على الأقدام حتى نصل بهم إلى مستوصف الريث في المحافظة الرئيسية وهي مسافة طويلة جدا وشاقة». ويقول المواطن علي الوبراني نحن سكان قرية الشامية نسكن الكهوف والخيام التي لا تقينا من البرد القارص الذي تتميز به قرية الشامية وأضاف: كلنا أمل في إسكان خيري لسكان القرية حتى يخفف من معاناة الأهالي وليس ذلك بغريب على حكومتنا فهي تسعى دائما لراحة المواطنين . فيما انتقد يحي محمد جابر المصغري الجهات المعنية في تطوير المتنزهات التي توجد في قرية الشامية وطالب بتوفير حماية للآثار التي تمتاز بها القرية والتي ترجع إلى حقبة من الزمن. من جهته أوضح محافظ الريث عثمان الراجحي، أن هناك مطالبات من المجلس المحلي لرفع أكثر من خطاب للجهات المعنية بضرورة توفير الخدمات الضرورية من سفلتة الطريق وإنشاء مدارس وغيرها من الخدمات، وأضاف «هناك توصيات من المجلس البلدي بضرورة سفلتة طريق الشامية وتوفير المدارس وبعض الخدمات»، مبينا أنه تم رفعها للجهات المعنية لاتخاذ اللازم». ( جميع التعليقات على المقالات والأخبار والردود المطروحة لا تعبر عن رأي ( صحيفة الداير الإلكترونية | داير) بل تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولإدارة الصحيفة حذف أو تعديل أي تعليق مخالف)