نشرت صحيفة الوطن صباح اليوم الاثنين للزميلين عصام عريشي وسلطان الفيفي تحقيق صحفي عن مايعانيه سكان قرى آل يحي وآل زيدان من ويلات تعثر المشاريع وقطع حرس الحدود للإمدادات عنهم من مواد بناء ومواد غذائية لمدة عشر سنوات وطالبو بتشكيل لجان من غير حرس الحدود للوقوف على معاناتهم . و ما بين اليأس والأمل مسافة أبعد من المجرة وأعمق من المحيط، لا يمكن تجاوزها إلا بعزيمة وقودها الصبر وانتظار غد تكون أيامه حبلى بالفرح والفرج، وهكذا حال سكان جبال آل يحيى وآل زيدان وآل النخيف التابعة لمحافظة بني مالك بمنطقة جازان؛ فرغم ما تعانيه تلك القرى من نقص في الخدمات الصحية والبلدية وخدمات المياه إلا أن سكانها يعيشون على قيد الأمل. وهذا الأمر دعا الأهالي للمطالبة بإيصال الخدمات لقراهم أسوة بباقي قرى ومحافظات المنطقة، وأكدوا أنه على الرغم من الكثافة السكانية التي تتميز بها القرى إلا أن مطالبهم وآمالهم لم تتحقق بعد. وعورة الطريق أربع ساعات هي المدة التي استغرقتها "الوطن" للقيام بجولتها على تلك القرى الجبلية بعد معاناة مع وعورة الطريق، وبعد أن تم رهن الهوية الوطنية لدى مركز حرس الحدود، كل شيء في تلك الجبال متوقف حتى الحياة تبدو جامدة لولا حياة الطبيعة، الزائر لتلك القرى يعيش حالة من الذهول لما تتميز به من طبيعة خلابة تسحر الأعين وتأسر القلوب، لم يشفع ذلك الجمال في أن يجعلها في قائمة المواقع السياحية، وهناك مشاريع حكومية تتحول لمنطقة لرعي الأغنام بعد أن تعثرت عدة سنوات، أما المصدر الوحيد لمياه الشرب هو تجمع مياه الأمطار فوق أسطح المنازل والمساجد التي تنساب في برك وخزانات أرضية، و15 صندوقا تموينيا هو الحد الأعلى المسموح به لأصحاب البقالات، ومع أن هناك توجيها واضحا من إمارة جازان لمديري الدوائر الحكومية- حصلت "الوطن" على نسخة منه- يوصي بإنها معاناة الأهالي والتعجيل بتنفيذ عدد من المشاريع تشمل سد معدس في جبال آل يحي ومشروع سد مغورة بجوار مركز آل زيدان وسد المديرة، وتنفيذ طريق آل زيدان وطريق عقبة الشايف بآل يحي إلا أن معاناة الأهالي لا تزال قائمة. وملمح آخر في تلك القرى يتمثل في شجرة "القرض" الشهيرة باستخراج الحطب والجمر وتساهم في الحد من تساقط الأعمدة؛ حيث يستعان لتثبيت وربط الأعمدة بتلك الأشجار التي أصبح منظرها كرسم كاركاتيري يضحك منه الصغير والكبير، ناهيك عن مواطنين يسهمون في الحفاظ على التاريخ بترميم إحدى القلاع الأثرية التي تسمى "بالولجة" بجبال آل يحي، والمساجد التي تحتاج لفرش وصيانة. حصون وقلاع أثرية وفي هذا السياق، قال شيخ شمل قبائل آل يحي وآل زيدان وآل النخيف سلمان بن حسين اليحيوي المالكي: إن قرانا كثيرة ليست قرية أو قريتين كي نتركها مأوى للمتسللين وبعيدة عن المنطقة المحظورة بعد الترسيم الأخير للحدود؛ حيث إن القيادة تسعى للتوطين لا للهجرة، فجبال آل يحي وزيدان وآل النخيف بها العديد من القرى العريقة التي يشهد لها التاريخ لما تشتهر به من الحصون والقلاع الأثرية وطبيعة ساحرة، ونريد أن نعيش حياتنا الطبيعية. وأشار إلى أن البعض يظنها قرى معلقة يعيش أهلها بشكل عشوائي، مؤكدا أن الحقيقة خلاف ذلك؛ فهي وبعد أن تنتهي من تجاوز عقبة الشايف تجدها أرضا منبسطة وهذا ما يجب معرفته سواء للمواطن أو المسؤول، وأن حركة البناء متوقفة منذ ثمان سنوات مع أن المنطقة مأهولة بالسكان، وأضاف أن قرى آل يحي ليست بالقليلة وهي الحدبة، والقزعة، والعصيمة، والمعنة، والعصر، واللحاح، وقرية الفاقرة، والوغرة، وهي محرومة من العديد من الخدمات الصحية والبلدية وكذلك خدمة المياه الاتصالات. تعثر المشاريع وأضاف المالكي:" ذهبت لوزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة ووعدنا بإنهاء معاناتنا، بالإضافة إلى أن القرى تعاني تعثر عدد من المشاريع، منها مشروع مدرسي؛ حيث تبرع عدد من المواطنين بالأرض المخصصة له منذ خمس سنوات، كما تعثر العديد من مشاريع السدود، وكذلك يعاني الأهالي من وعورة الطرق وخصوصا تأخر تنفيذ عقبة "الشايف"، مؤكدا أن المنازل بعيدة كل البعد عن الحزام الحدودي، مشيرا إلى أن وراءهم نقطة أخرى لحرس الحدود، وطالب بتشكيل لجنة عليا من عدة جهات وليس من حرس الحدود فقط للوقوف على وضع القرى وما يعانيه الأهالي. وعن عدم وجود متسللين بقرى جبال آل يحي، أشار المالكي إلى أن الأهالي بمثابة الحصن المنيع، وأن هناك معاهدات مع عدد من القبائل اليمنية لمنع مرور المتسللين، وما يميز قرانا الحدودية خلوها من حدوث أي مشاكل قد تواجهنا. مراسم الزواج وقال المواطن ناصر حسن سلمان أحد سكان جبال آل يحي :"منذ أربع سنوات وأنا أرغب إكمال نصف ديني ولكن العقبة الوحيدة التي تعترض طريقي هو منع أفراد حرس الحدود وصول مواد البناء لقرانا؛ فكيف لى أن أكون أسرة أو أفتح منزلا في ظل ما أواجهه من ظروف قاسية. فيما يشير سلمان جبران اليحيوي صاحب إحدى البقالات بجبال آل يحي إلى حجم معاناتهم من توفير المواد التموينية التي يحتاجها الأهالي بصورة مستمرة، لافتا إلا أن حرس الحدود لا يمكنهم سوى من توفير 15 صندوقا فقط يستهلكها الأهالي في فترة وجيرة، حيث لا تفي تلك الكمية بمتطلباتهم. وأوضح المواطن محمد حسن عواده أنه قام بترميم أحد أركان "قلعة الولجة التراثية" بعد انهياره وذلك بمادة الأسمنت، مستعينا بربط الحبال والتسلق إلى الموقع بهدف الحفاظ على تاريخها العريق في ظل غياب هيئة السياحة والآثار بجازان. مشاريع السدود وأشار المواطن جابر اليحيوي المالكي إلى أن النقطة الصحية لا يوجد بها ممرض أو ممرضة كما لا تتوفر السقيا باستمرار، لافتا الى أنهم بحاجة لسفلتة كافة الطرق، ويعانون من عدم اكتمال مشاريع السدود، وقال اليحوي:"قمنا بتقديم شكوى لديوان المظالم بمدينة أبها وعازمون على تقديم شكوى لهيئة حقوق الإنسان. فيما يشكو فرحان اليحيوي "أعزب تسعيني" من عدم وجود من يعوله ويعاني مرضا جلديا مزمنا وبحاجة لمراجعة المستشفيات بصورة متكررة، ويرغب في إنشاء مركز للرعاية الأولية يحد من معاناته مع مصارعة الألم. أما ناصر حسين سلمان فقد أدخل السجن بعد أن عثر أفراد حرس الحدود معه على 50 حبة من البلك، وبعض من مواد البناء كان ينوي بها إكمال منزله وإنشاء جدار يستر عائلته. العزلة وفرحة العيد وقال المواطن محمد جبران اليحيوي أصبحنا نعيش في عزلة حتى أعيادنا مختلفة فكيف نعيش فرحتها ونحن محرومين من التواصل مع الأقارب والأصدقاء بالقرى المجاورة، ونطالب بإيجاد حلول عاجلة لإنهاء معاناتنا. وأوضح إمام وخطيب جامع آل زيدان فيصل جروان الزيداني أنهم يعانون مع عدم توفر مواد البناء؛ حيث إن منازلهم شعبية ومتهالكة ولا زال المنع مستمرا من قبل حرس الحدود مما زاد من تفاقم الوضع، إضافة إلى أن المساجد بحاجة لصيانة وتوفير فرش للمصلين، بالإضافة إلى معاناتهم مع نقص الخدمات الصحية وعدم توفر مراكز للرعاية الأولية، ونقص كبير في خدمات المياه وحاجة الأهالي إلى مدرسة ثانوية حيث يتوفر العدد الكافي لفتحها. ويقول سالم أحمد اليحيوي :"خرجت من السجن وأعول 6 أبناء ولم أستطع توفير سكن لهم بسبب منع حرس الحدود من وصول مواد البناء". وأضاف حتى الجهات الخيرية ليس بمقدورها زيارتنا ولا يوجد بقرانا أي جمعية خيرية أو مكاتب للدعوة والإرشاد. معاناة الأسر وبين محمد اليحيوي أن جبال آل يحي لا تخلو من المشاكل الأسرية، وعزل الأهالي بتلك الطريقة يجعلها محرومة من المناشط التي تخدم المجتمع، مشيرا إلى أنه في إحدى المرات منعت لجنة إصلاح ذات البين أثناء زيارتها لقرانا من القيام بمهامها لولا تدخل أحد أعضاء اللجنة، الذي بدوره أبلغ أفراد حرس الحدود بأنه سيشكوهم للجهات المسؤولة إذا لم يمكنوه من إتمام عمله الإنساني وخصوصا أنه موفد من قبل جهة رسمية. فيما يقول علي محمد علي:" ليس لي مصدر رزق سوى ما أملكه من المواشي فكيف لي تأمين قوت أبنائي وتوفير لقمة العيش لهم وحرس الحدود لا يمكنني من ممارسة عملية البيع والشراء". وأضاف: قمت بجلب 17 رأسا من الماعز لسوق محافظة الداير وذلك لتسديد دين يطالبني به أحد الجيران إلا أن أفراد حرس الحدود منعوني واشترطوا علي بيع خمسة فقط من الماعز مما اضطرني للعودة بها جميعها. أما علي قاسم اليحيوي فيقول: خدمت في الجيش نحو 20 عاما بمدينة شرورة وبعد تقاعدي وعودتي لقريتي بآل يحي لم أتمكن من بناء منزل لأسرتي وليس بمقدوري استئجار مسكن لهم بسبب وضعي المادي. خطاب الرد من جانبه قال الناطق الإعلامي لقيادة حرس الحدود بمنطقة جازان العقيد عبدالله بن محفوظ إن الرد على تساؤلات "الوطن" بشأن وضع تلك القرى من اختصاص لجنة حرم الحدود، مشيرا إلى أن قائد حرس الحدود اللواء عبدالعزيز بن محمد الصبيحي وجه خطابا للجنة للرد على تلك التساؤلات. فيما أكد مساعد مدير التربية والتعليم للشؤون المدرسية بمحافظة صبيا علي بن حسين الذروي أنه بشأن ما يخص مدرسة آل يحيي وزيدان، فقد تم التوجيه من قيادة حرس الحدود بالتوقف عن تنفيذ المشروع وعمل الإجراء اللازم، مؤكدا حرص الإدارة على تذليل جميع الصعوبات ووصول التعليم لجميع القطاعات والاهتمام بتنفيذ عدد من المشاريع التعليمية في جميع قطاعات المحافظة، مبينا أن مدارس القطاع الجبلي تعتبر ضمن أولويات تعليم صبيا، وقد حظيت بعدد من المشاريع التعليمية المختلفة للبنين والبنات. خطط مدروسة إلى ذلك، اتصلت "الوطن" بالرئيس التنفيذي لجهاز الهيئة العامة للسياحة والآثار بمنطقة جازان رستم الكبيسي للوقوف على أسباب عدم زيارة فرع الهيئة للأماكن والقرى الأثرية بجبال آل يحي وآل زيدان؛ حيث أوضح أن جهاز السياحة يسير وفق خطط مدروسة بدأت بالتركيز على مسارين المسار الأول يشمل جزيرة فرسان؛ حيث تم تطوير مرسى الغدير وقرية القصار، وشاطىء الحصيص، والقلعة العثمانية، إضافة لتطوير وتهذيب جزيرة دمسك ومحمية الغزلان. وأشار الكبيسي إلى أن المسار الثاني يركز على مدينة جازان ويشمل القرية التراثية ومرسى الحافة والواجهات البحرية. وأكد الرئيس التنفيذي لجهاز الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمنطقة أنه بعد الانتهاء من المسارين سيتم الانتقال للعديد من المناطق الجبلية بداية بمحافظة فيفا وبني مالك والعارضة وغيرها من الأماكن السياحية، لافتا إلى أن التركيز على مواقع دون غيرها بهدف الجودة وعدم التشتيث في عمل مشاريع الهيئة. وأضاف الكبيسي أن القلاع والحصون بالمناطق الجبلية هي ضمن اهتمام وأولويات جهاز الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمنطقة. أطفال من جبال آل يحيى ينظرون لقراهم التي حرمت من التطور مسن مصاب بمرض في وجهه ويريد العلاج (تصوير: سلطان الفيفي) شابان يحاولان رفع مولد المياه بعد تعبئة الخزان من أحد الأودية "جيب" يحاول الصعود لجبال آل يحيى