قررت ذات ليلة أن أخرج عن كينونتي وأتوشح ثوب الهمام (نحول ) وأدور في الآفاق عن محبوبتي ( زينة ) فلبست ثياباً توهمتها تخفيني عن الأنظار , وأخذت في اللف والدوران مردداً : زينة أين أنت ؟! وفيما أنا أجول وقع نظري على منظرٍ عجيب غريب , ما رأيته طوال حياتي , ولا خطر على بالي بتاتاً , لقد رأيت وسمعت الآتي : فتاة لم تتجاوز الربيع , تكاد لا تستر عورتها , تتناقل بين مثيلات لها ,دونها جمالاً وحشمة !! فتقول : لماذا أراكن متبرجات أيتها الفاتنات ؟! قالت إحداهن : كي نوقع بأكبر قدر ممكن من البشر في حبالنا . قالت : يالكن من صائدات , ولكن ألا تخفن من عقاب البلدية أو الصحة مثلا ً ؟! قلت في نفسي : وما دخل هاتين الجهتين في الأمر , وأخذت في الاقتراب منهن أكثر , فوقع نظري على مجموعة بجوارهن أكثر غنجاً ودلالاً وتحللاً , فسرت بدون هدى إليهن , واختبأت بجوار شجيرة لأسترق النظر , تماماً كما يتسلل شعاع الشمس بين أوراق الخميل شتاءً , فإذا بي أرى أكواب مشروبات منتشرة هنا وهناك ,ذات لون أحمر قان , وإذا بالفتيات الصغيرات , يردن مثنى وثلاث ورباع , ويرتشفن حد الثمل , وإذا بهن يعربدن في الكلام , فتقول إحداهن : لم أطعم هكذا مذاقاً منذ خرجت للحياة . وترد الأخرى : كأن الضحية قادم من خارج البلدة , وما هي إلا لحظات , حتى وفدت قادمة فاتنة , قد أسدلت قذلتها على خدٍ يلتمع من ضوء القمر , وتردد كلاماً لم أسمعه إلا في قناة فرنسية سمعتها مرة بالمصادفة , فازداد عجبي لأقع على ظهري من غرابة ما حدث بعد ذلك , مجموعة مع مدربة على ما يبدو تمارس ألعاب الدفاع عن النفس , وهذه المرة كلهن عاريات , فلم أستطع تركيز نظري من حيرة أمري , وسمعت القائدة تقول : أخرجن كل مساء وكل صباح , فلن يحصل لكن مكروه بتاتاً , فالبلدية مشغولة بالتحفير والتشجير , وموظفوها بالشخير , وأما الصحة فأخطاء منسوبيها كفيلة بحياة وردية أبدية , وردت عليها إحداهن : ولكن فرق الرش تنتشر قبل الغروب وقبل الشروق , فصاحت فيها : لا تخافي فالمرشوش لا يعدو كونه ماءً معطراً بالورد والكادي لم يتغير منذ كنداسة جدة , وبحيرة مسكها الشهيرة . قالت إحداهن : لكننا نخاف على أنفسنا . فردت عليها بصوت هز شعر رأسي : لا عليك وابدئي بهذا , ولم أنتبه إلا على وخزة إبرة وصلت عظم ساقي , فقمت من مكاني وعاد لي رشدي , لأنقل لكم هذا المقطع من حفل تدشين جامعة البعوض الدولية للغات والعلوم الماصّة ,بإحدى زوايا حوشنا المفتوح. ( جميع التعليقات على المقالات والأخبار والردود المطروحة لا تعبر عن رأي ( صحيفة الداير الإلكترونية | داير) بل تعبر عن وجهة نظر كاتبها، ولإدارة الصحيفة حذف أو تعديل أي تعليق مخالف)