أعتقد أن الدورات التدريبية، ولا أساليب التطوير ممكن أن تفيد في القضاء على الأخطاء الكوارثية التي تحصل من الحكام في الملاعب السعودية؛ لأن القضية في نظري ليست مستوى فنياً بقدر ما هي ثقافة مجتمع يكون الحكم جزءاً منه يتشرب الفكر الخاطئ منذ نعومة أظفاره، فالمسألة ليست قدرات تحكيمية من الممكن أن يخطئ فيها ويصيب، وتكون هذه الأخطاء عفوية، لكنها تعتمد على شجاعة الحكم ونزاهته وقدرته على الإنصاف وإعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم. والمصيبة التي لا تستطيع لجان التطوير أن تفعله هو أن تزرع في نفوس الحكام العدل والمساواة بين الأندية، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها وندس رؤوسنا في التراب وندعي أنها غير موجودة، إننا نشاهد إجحافاً واضحاً من الحكام مع أندية تجاه أخرى وخاصة تلك الأندية التي تمتلك النفوذ والإعلام وهو ما يجعل الحكم يمارس قانوناً جديداً وهو الشك من صالح هذه الأندية، فمن يسقط داخل منطقة الجزاء فلابد من احتساب ضربة جزاء لصالحه حتى لو كان سقوطه لا يمت لضربات الجزاء بصلة، ولكن فكر الحكم وشخصيته المؤدلجة مسبقاً هو ما يجعله يحتسبها دون التفكير بدقة حول صحتها، لكنه يرى أن احتسابها سوف يبعد عنه الضغوط والمشاكل حتى لو كان ذلك على حساب الأندية الأخرى التي سوف تتضرر من هذه القرارات. ويحتج الحكام دائماً بنجاحهم خارجياً ويرون أن ذلك صك براءة لقدراتهم، ولكني أرى أن ذلك أكبر إدانة لهم، فعدم ارتكابهم لأخطاء في المباريات الخارجية دليل على كفاءتهم ومهارتهم في قيادة المباريات إلى بر الأمان والسبب أنهم تعاملوا مع الفريقين بمبدأ المساواة وعدم الميل مع فريق دون آخر، وهو الشيء الذي ينعدم عند بعضهم حينما تكون قيادته داخلياً ويطالب البعض بأن يكون هناك حسن نية في التعامل مع أخطاء الحكام، ونحن مع هذا التوجه ولكن بشرط أن تكون هذه الأخطاء عفوية وغير مقصودة وقد يتحجج البعض عن كيفية الفرز بينهما وأن الإنسان لا يمكن أن يدخل في قلوب الآخرين ليعرف نواياهم، ولكني أقول لهؤلاء إن أخطاء الحكام المقصودة تتضح حينما يكيل الحكم بمكيالين أو بعبارة أوضح حينما تتكرر الأخطاء من الحكم تجاه فريق دون آخر، فهل من المصادفة أن ينصف الحكم فريقاً ويمنحه ضربات جزاء مشكوك في صحتها ويسلب حق آخر له ضربات جزاء صحيحة لا يمكن احتسابها ثم يغضب الحكام حينما تطالب الأندية بحكام أجانب متحججين بقدراتهم ووجود أخطاء من قبل الحكام الأجانب، متجاهلين عدم ثقة الجماهير بقدرة الحكام المحليين على الإنصاف، وقد يكون هناك عوامل أخرى متداخلة كانت سبباً في افتقاد الحكام للثقة لعل من أهمها عدم تعاون الأندية معهم والضغوط الإعلامية التي تواجههم والحكم الضعيف هو من يفتح على نفسه باباً حينما يستجيب للحملات النفسية التي تمارس ضده.