استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في قصره بالرياض أمس وفداً رفيع المستوى من جمهورية مصر العربية الشقيقة برئاسة معالي رئيس مجلس الشعب الدكتور محمد سعد الكتاتني ومعالي رئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد فهمي ويضم عدداً من أعضاء مجلسي الشورى والشعب وأبرز القيادات السياسية وممثلي القطاعات في جمهورية مصر العربية. وبدأ الاستقبال بتلاوة آيات من القرآن الكريم. بعد ذلك ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الكلمة التالية: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة والأخوات أشقائنا في جمهورية مصر العربية. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إن التاريخ المشترك بين بلدينا والقائم على وحدة الدين والنصرة في الحق ليس صفحة عابرة يمكن لأي كائن من كان أن يعبث بها. بل هو بالنسبة لنا أولوية لا تقبل الجدل أو المساومة عليه، أو السماح لأي فعل أن يلغيها أو يهمشها، فهي تقوم في حالة الخلاف على أسس العتب لا على قواعد الخصومة. إن العتب بين الأشقاء باب واسع تدخل منه العقلانية والوعي فاتحة المجال لأي التباس قد يشوب تلك العلاقة، ليقول لها إن مصر بهمومها وآمالها وطموحاتها لها في قلب المملكة المكانة الكبيرة والعكس صحيح. أيها الإخوة والأخوات: إن ما حدث في الآونة الأخيرة من تداعيات في العلاقة بين البلدين أمر يؤلم كل مواطن سعودي ومصري شريف، وما قرارنا باستدعاء السفير وإغلاق السفارة إلا لحماية منسوبيها من أمور قد تتطور لا تحمد عقباها. من مملكة الملك عبدالعزيز رحمه الله أقول لكم أسعدنا حضوركم الذي يعبر عن مكارم الأخلاق المستمدة من عقيدتنا الإسلامية، فأهلاً بكم في وطنكم حكومة وشعباً. وأمام هذا الموقف النبيل لا يسعني غير أن أقول لكم بأننا لن نسمح لهذه الأزمة العابرة أن تطول، وكلي أمل أن يقف الإعلام المصري والسعودي موقفاً كريماً وليقل خيراً أو يصمت. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعد ذلك ألقى دولة رئيس مجلس الشعب بجمهورية مصر العربية الدكتور محمد سعد الكتاتني كلمة أشار فيها إلى أن الوفد المصري الذي يعكس جميع طوائف الشعب ومكوناته قدموا لأشقائهم في المملكة العربية السعودية ليعبروا عن عمق العلاقة بين الشعبين السعودي والمصري وليعبروا عن تقديرهم للمملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعباً. وقال: "إن الشعب المصري تربطه بالشعب السعودي أواصر متينة وعميقة عبر التاريخ لا يمكن أن تتأثر بحادث عابر يتم هنا أو هناك. إننا ومن منطلق العلاقة القوية بين شعبينا لا بد أن نتجاوز هذه الأحداث العابرة ولا ندعها تعكر صفو العلاقات بين البلدين". وأضاف يقول: "إن المملكة العربية السعودية تهفوا إليها القلوب والأفئدة لأن الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة أعز مقدسات المسلمين، والشعب المصري يكن تحية إعزاز وتقدير للمملكة العربية السعودية التي وقفت معه في المواقف التي كان يحتاج فيها لدعم الأصدقاء، ولقد وقفت المملكة العربية السعودية بقيادة الملك فيصل في حينه في حرب 73 مع أشقائهم في مصر وكان لهذا الدعم أثر بالغ في سير المعركة مع العدو الصهيوني وأيضاً بعد ثورة 25 يناير كانت المملكة العربية السعودية من أوائل المبادرين بالدعم لأشقائهم في مصر". وتحدث دولته عن الجالية المصرية في المملكة التي تعد من أكبر الجاليات على الإطلاق في الخارج مؤكداً أنها تنعم برعاية الأشقاء في المملكة العربية السعودية. وقال في ختام كلمته "إن سحب السفير السعودي من القاهرة للتشاور أمر يعز علينا كمصريين، وهذا الوفد الذي جاء ليؤكد على عمق العلاقة بيننا يرجو منكم أن يعود السفير معنا وعلى نفس الطائرة إلى القاهرة ليباشر عمله". إثر ذلك ألقى رئيس حزب الوفد الدكتور سيد بدوي شحاته كلمة قال فيها "أتينا اليوم لنؤكد حقيقة معلومة ويقيناً ثابتاً وهي أن شعب مصر بكافة فئاته وطوائفه وانتماءاته يهوي إلى المملكة العربية السعودية بأفئدته شعباً وأرضاً وقيادة وأن مصر والمملكة العربية السعودية على مدار تاريخها كانت أساس قوة وعزة لهذا الوطن العربي والأمة الإسلامية". وأضاف يقول "إذا كان حدث عارض قد أساء إلى أشقائنا في المملكة فقد أساء إلى الشعب المصري أكثر مما أساء إلى الشعب السعودي". وأشار الدكتور سيد بدوي إلى أن الثورة التي قامت في مصر كانت زلزالاً عنيفاً هزّ أركان المجتمع المصري وكانت له توابع تتمثل في بعض الانفلات الإعلامي وبعض التخبط بين فئات الشعب في بعض التصرفات التي لا تعبر ولا تمثل ولا تدل على أصالة شعب مصر وعلى عمق العلاقات التي تربط بين مصر والمملكة العربية السعودية وهذه كلها أمور عابرة ستزول بزوال توابع زلزال الثورة العظيمة التي قام بها شعب مصر. وأكد رئيس حزب الوفد أن العلاقة بين المملكة العربية السعودية ومصر التي تضرب جذورها في أعماق التاريخ علاقة ثابتة وقوية وأن البلدين بوحدتهما وتقاربهما هما أساس نهضة وقوة الأمة العربية والإسلامية. وشدد على عدم قبول ما حدث وأنه حدث عارض أزعج المصريين جميعاً مؤكداً أن المملكة العربية السعودية ومصر سيظلان عينان في رأس الأمة العربية وقائدان لهذه الأمة ليحققا قوتها ونهضتها ولو كره الكارهون. ثم ألقى ممثل الكنيسة الأرثوذكسية الأنبا مرقص كلمة أعرب فيها عن شكر جميع أعضاء الوفد لخادم الحرمين الشريفين على استقباله لهم مؤكداً عمق العلاقة التي تربط بين الشعبين السعودي والمصري وما يجمعهما من روابط كثيرة. وقال "إذا حدثت مشكلة تعطينا فرصة للحوار ، والحوار يعطي فرصة للتقارب ، والتقارب يزيد الإنسان حباً ، ونحن لا نشك أبداً أن هذا الحدث الذي مر لا بد أنه سيزيد علاقة الشعب السعودي والشعب المصري ترابطاً وحباً وتنمو العلاقة وتزداد يوماً بعد يوم". وأضاف في ختام كلمته يقول "نحن جميعاً لنا رجاء كبير أن تعيدوا مرة أخرى السفير الذي يحظى بحب جميع المصريين إن شاء الله سريعاً حتى تذوب هذه الأمور التي حدثت وإن شاء الله لا تتكرر مرة أخرى". عقب ذلك ألقى ممثل الأزهر الشيخ الدكتور مجدي عاشور كلمة أعرب فيها عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على حسن الاستقبال وكرم الضيافة التي وجدها أعضاء الوفد في المملكة. وقال "إن الله سبحانه وتعالى عندما ذكر الأمن والأمان اختص به أصحاب هذه البلاد بما فيها من بيت الله الحرام وقال تعالى (ومن دخله كان آمنا) وكذلك الصنو الآخر عندما ذكر مصر قال (وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) فنرجو أن يعم الأمن والأمان والسكينة بيننا وبين إخوتنا جميعاً في المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً لنعود إلى الاستقرار وإلى طمأنينة النفس، وكذلك عندما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا فتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمة ورحما). وأضاف فضيلته يقول "ندعوكم أن تفعّلوا هذه الوصية أكثر مما تفعّلونها فنحن في حاجة إليها الآن، وإنكم عندما دعوتم معالي السفير فكأنكم أخذتم منا عضواً لأننا أمة واحدة إذا اشتكى منها عضو تداعى لها سائر الأعضاء بالسهر والحمى". وأردف في ختام كلمته قائلاً "نرجو عفوكم وفضلكم وكرمكم الذي عهدناه وأن نبقى مع المملكة العربية السعودية بكل عزها وكرمها والتي نكن لها كل احترام وتوقير من بين الدول العربية". بعده ألقى ممثل التيار الإسلامي الشيخ محمد حسان كلمة أكد فيها حبّ شعب مصر لبلاد الحرمين التي فيها قبلتهم ويشرف ثراها باحتضان أطهر جثمان لذروة تاج الجنس البشري محمد صلى الله عليه وسلم. وقال "نعم نحب هذه البلاد تديناً، نحب هذه البلاد حباً نتقرب به إلى الله جل وعلا ونجدد به طاعتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وقف مخاطباً مكة زادها الله تشريفاً يوم هجرته وهو يقول (ما أطيبك من بلد وأحبك إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك) ولما هاجر إلى المدينة زادها الله كرامة قال صلى الله عليه وسلم (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد) بل ودعا لها بضعفي ما بمكة من البركة فقال (اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة) فهذا الحب متعمق في قلب التاريخ وفي جذور الحضارة". وأكد فضيلته أنه لا يمكن أبداً لأزمة عابرة أو لكلمات غير مسؤولة هنا أو هناك أن تنال من هذا الحب أو تنال من هذه العلاقة القوية المتينة. وأشار إلى أن هذا الوفد المتعدد الأطياف المختلف الفكر والثقافات جاء ليؤكد عمق العلاقات وقوتها وأنه لا يمكن البتة أن تتزلزل أو تتزعزع ويطلب عودة سفير خادم الحرمين الشريفين إلى مصر وتعود العلاقات بين الشعبين الشقيقين وبين البلدين كما كانت وأقوى مما كانت، لافتاً إلى أن مصر الآن تمر بأزمة عميقة تحتاج إلى وقفة شقيقتها المباركة المملكة العربية السعودية إلى جوارها. بعد ذلك أعلن دولة رئيس مجلس الشعب المصري الدكتور سعد الكتاتني دعوة خادم الحرمين الشريفين لأعضاء الوفد لتأدية العمرة والمبيت الليلة في مكةالمكرمة، شاكراً لخادم الحرمين الشريفين هذه الدعوة الكريمة المباركة. حضر الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة وأصحاب السمو الملكي الأمراء ومعالي رئيس مجلس الشورى وأصحاب المعالي الوزراء وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية وعدد من المسؤولين.