الشعر يعد ثقافة الشعوب , ولكل إقليم ٍ ثقافته الخاصة من ناحية المفردات المحكيّة الدارجة , ومهما تأثر هذاالإقليم بكلمات ٍ دخيلة ( لهجات بيضاء ) , يبقى عامل الثقافة المحليّة والعادات والتقاليد فيصلاً وحكماً على أي عمل . ولعل سر انتشار الشعر الشعبي هو أنه يحاكي الفرد حسب بيئته وإقليمه الذي يتحكم في إبراز ألوانه وأنواعه وأنماطه المختلفة بسهولة ٍ ويسر . بحيث يكون وصوله لدى المتلقي مقبولاً إلى حد ٍ كبير . من جهة أخرى يكون استخدامها أي المفردات من غير أهلها أمر قابل لسلبياتٍ كثيرة , على سبيل المثال لاالحصر.. إضافة بعض الكلمات التي تُفقد القصيدة جودتها وأهميتها ,أو تضمين ما يمكن أن يكون موغلاً في الخصوصية كأن يكتب شاعر جنوبيّ بلهجة ٍ إماراتية أو بحرينية ويضع الكلمات في غير محلّها , وكذلك أهل نجد والشمال والأقطار العربية , ذلك أن كلاً منهما يعكس ثقافة ً ولغةً مختلفة باختلاف المشارب . وما دام الشعر يعبّر عن لغة الناس ,فأعتقد أنه من غير المقبول تضمين القصيدة بمفردات لا تأتي إلا من باب الاستعراض !!! بل أرى أن هذا الفعل ولا أبالغ يعد ضعفاً في الشاعرية , وها كم من ضمن الشواهد بيت ٌيقول فيه محمّد النفيعي : هي كذا غير العروبة ما ذبحها يا خبر يا منيّل بستين نيلة ولو بحثنا في أكثر, لوجدنا أن الشواهد تجاوزت قانون الضبط والحصر ! من جهة أخرى: نجد في النادر من القصائد مفردات لا علاقة لها ببيئة الشاعر أبداً , وفي نفس الوقت لا نشك للحظة في تمكّن الشاعر من التقاطها , وربما جعلنا من جمال السياق وروعة الارتباط بين الأبيات نتنبأ بالمفردة قبل قراءتها ! وهذا في نظري منحى إيجابي وجيّد بشرط أن لا يتجاوز الشاعر في التكرار من باب التأكيد أو التجربة . ومن الإجحاف أن نعمم هذا ونعتبره من باب استعراض لغوياً فحسب ويتوقف هذا على قدرة الشاعر في توظيف المفردة وقدرته في تلك المفردة التي استجلبها للنص , وقد تعطي للمعنى ما لم تعطيه المفردة المماثلة لها في قاموس الشاعر إذا ما استخدمه في مكانها , ومن نادر الأمثلة الموجودة على جمال استخدام المفردات الموغلة في الخصوصية , ووضعها في مكانِ مناسب داخل القصيدة قول الشاعررشيد العميري: يعني على قولة أهل مصر(دغري) واحد على واحد يساوي اثنين