إن نظام -حق الإعتراض- وكما يسمى الفيتو، قد منح للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وأمريكا، حق إبطال أي قرار، إذ يكفي اعتراض دولة واحدة من هذه الدول لمنع صدور أي قرار وبدون إبداء الأسباب، حتى وإن وافقت عليه الدول الأربع عشرة الأخرى. وعلى ما يبدو اعتمد هذا النظام من التصويت لتشجيع بعض الدول للمشاركة في الأممالمتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، وحتى لا تخسر بعض الامتيازات في حال شاركت بمنظمة تحترم الديمقراطية، ولأن الفيتو ساعد أمريكا على تقديم أفضل مساندة لإسرائيل بإفشال أي قرار يلزم الأخيرة بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية أو حتى إدانتها في استخدام القوة المفرطة، كما في حرب لبنان 2006 وغزة 2008، مما أدى إلى تأكيد الشك بمصداقية الأممالمتحدة. ويبدو أن من يتمتعون بالفيتو قرروا استخدامه لحماية مصالحهم وحلفائهم وأهدافهم، على غرار ما فعلت أمريكا مع الكيان الصهيوني؛ ولم يعد للديمقراطية وحقوق الإنسان وحماية المدنيين أية فرصة في الدعم في حال تقاطع ذلك مع مصالح من يتمتع بحق النقض- «الفيتو»- والعكس صحيح؛ ولأن لكل زمن متغيراته ولكل متغيرات زمنية متطلبات يجب الإذعان لها، فإن حق النقض لا يتناسب مع متطلبات الشعوب العالمية في الوقت الحاضر، فزمن الحرب العالمية الثانية ليس كزمن 2011 و2012 الذي تمتلك فيه حق النقض الشعوب فقط- والمقصود في المضمون وليس في الشكل الذي لا زال قائما- وليس الدول الخمس دائمة العضوية- التي تعرف ذلك- لكنها تحاول استغلال ما يمكن استغلاله من الوقت للحصول على أكبر المكتسبات لأنها أكثر من غيرها باتت تعرف النهايات، لكن في العجلة الندامة، والهرولة وراء الكسب قد لا تأتي إلا بالسلبيات والندم، ولنا شواهد في الثورات العربية الناجحة، إذ بدأت تلك الدول تنحني أمام الثوار من أجل توقيع بعض العقود في مصر وتونس..إن مفعول الفيتو لم يعد مجديا، فالعراق تم احتلاله خارج إطار الشرعية الدولية، ولو استخدم الفيتو لما كبح جماح أمريكا من احتلال العراق، وقبلها فلسطين، واستحداث ما يسمى مجموعة الاتصال بشأن ما، يشكل تجاوز الزمن للفيتو. لذلك من باب المثالية سأقول إنه يجب إلغاء نظام الفيتو، ومن باب الواقعية سأقول على العرب بناء التحالفات المبنية على المصالح ولو أن الطاقة البديلة تهدد النفط لكن لنحقق المكتسبات ما دام النفط ما زال في حيويته قبل أن يركع أمام الطاقات الأخرى- على غرار لنستغل الفيتو ما دام موجودا- مما يؤدي لركوع منتجيه، وللوضوح أكثر يمكن دعم أية قضية تحت الطاولة في وجود التحالفات، ولا يمكن دعمها أكثر فوق الطاولة في حال وجود الفيتو، ولنا في ليبيا خير شاهد. مما يعني وبوضوح أن الفيتو قد انتهت صلاحيته ضمنيا، ولم يتمتع إلا بسمعته الخاوية إعلاميا، وسنرى في المستقبل القريب تأكيد ذلك وخصوصا مع الفيتو المزدوج الأخير في الأممالمتحدة، وبما أن الفيتو لم يعد يواجه الأغلبية يعنى ذلك أنه منتهي الصلاحية وقد برز انتهاء تلك الصلاحية في محافل عدة.