نعود معكم اليوم مجددا لنقلب في صفحات"شعراء لم ينصفهم التاريخ" مع الباحث الدكتور محمد بن راضي الحسيني في أرث شاعر ضرير هو سَمْرَان بن ريّض العزيزي المطيري –يرحمه الله-، والذي يصدق عليه مقولة : "كل ذي عاهة جبار"، فليس عنّا ببعيد بشار بن برد وأبو العلاء المعري والحصري القيرواني، حيث تؤكد الأبيات التي تم جمعها لهذا الشاعر أننا أمام تجربة شعرية لا تقل إبداعا وإقناعا عن سابقاتها، ويميزها كذلك قاموسها الشعري المتدفق كبساطة ذلك الزمن الذي ارتبط فيها الشاعر ببيئته المحيطة. يؤكد الدكتور محمد بن راضي الحسيني، وهو الخبير في شعراء تلك المنطقة بحكم إلمامه بكثير من جوانب أرثها الشعبي إلى جانب تخصصه الأكاديمي الذي قدم خلاله عدد من الدراسات أن بن ريّض والذي توفي قبل سنوات من أسرة شاعرة فأخوه الشاعر المشهور نجا بن ريض الشهير بنجا الماشي، ولعلنا نرى الامتداد لهذه الأسرة ماثلا في الشاعر الشاب المبدع علي الريض وهو ابن نجا بن ريض المذكور، وكذلك نجد هذه الشاعرية ماثلة في أحد شباب هذه الأسرة وهو الشاعر راشد فارس. تراوح شعر سمران بن ريض بين الغزل والهجاء، فمن جميل غزلياته: ونتي ونّة غريب(ن) جوازاته غدت طب له في ديرة(ن) لا قريب ولا كفيل ما جداه ألا ليا زلّت العبره نهت ذاكر(ن) ديرة هله ياسعد يعول عويل والبلا من جادل(ن) جت تخطّى ووقفت خدها نفنوف(ن) أبيض وفيه ردوع نيل شوف عيني يوم حمر الشفايا رقرقت والثنايا حب رمان والمحجر ذليل وقوله كذلك في أبيات يمتدح فيها امرأة من جاراته كانت تحتفي به عندما يزورهم من باب الأخوّة والجيرة، يقول: يا (غزيّل) عن الموت وين أغديك وين أودّيك يا المشخص الغالي يختلف خاطري يوم أنا ما أوحيك وإن سمعتك تقهويت فنجالي اكتبيني تراني في حال أخيك تاقي العقل بالسد رجّالي هرجة الناس يا العذب لا تغويك لا تقرّبك من جال الأنذالي ويروي الدكتور بن راضي موقفا للشاعر سمران بن ريض حين ذهب إلى أناس لديهم عمل فانشغلوا عنه، فمر به صاحب سيارة حينها وأقلّه إلى الجهة التي يريدها، فقال داعيا على أولئك بسيل يجثهم من مكانهم مستثنيا صاحب السيارة الذي أقلّه واسمه (خمّاس): عسى الله يشيل النمره اللي ورا رايان بنوّ(ن) يجيها العصر غاشيه ربّاني يشيل المكينه والصنادق مع الرديان ويخلي المنازل من سليمان والثاني يجيهم ما جا اهل الكسر مع ايسر الصفران يعدّيهم اقصى ذخر والصبح ما باني و(خمّاس) ما هو عندهم بادين له شان اليا جا الين النزل ينقال ما كاني ومن قصصه انه كان في سفر مع جماعة ومع أحدهم جلد شاه مدبوغ اشتراه بربع ريال وسقط أثناء الطريق مما أحزن صاحبه، فاستاء الشاعر من حزن صاحب الجلد لأنه في نظره لا يستحق بينما الذي يستحق الحزن هو فراق الحبيبة: تشتمت من جلد شاريه من راع القصيم مزعلك ياشين بلحيل واهوه جلد شاه حيسفي يا صاحبي كان حسّفك اليديم مشتريه بربع والا الغضي غالٍ شراه شبه منعى مغزل(ن) يوم ذب مع الخريم يوم لاذ العصر بالجول والريح اقتفاه وعلى أمل بعون الله لمن يقف على هذه الحلقة من ذوي الشاعر ، ويحتفظ ببعض نصوصه أن يزودنا بها أو يحاول أخراجها لرفد مكتبتنا التراثية بمزيد من التجارب، وإلى حلقة أخرى قريبا مع شاعر أخر ظلمه زمنه الذي لم يوثق قصائده في الوقت الذي ظل بعضها متناثرا في صدور بعض الرواة. [email protected]