ثمة نقاش قائم في الأروقة السياسية والأكاديمية حول مستقبل المؤسسة الإسرائيلية ويثير هذا النقاش جدلا سياسيا حول المضامين والأسس التي ينبغي أن تقوم عليها التسوية السياسية في المفاوضات التي تجري بين الدبلوماسية الإسرائيلية والفلسطينية، وعلى هذا الأساس طرح العديد من الأكاديميين والسياسيين والمفكرين منظومة مختلفة من الأطروحات والاقتراحات والتي قدمت على شكل نصائح للمفاوضين من كلا الطرفين بشأن حل الصراع العربي الإسرائيلي والمعروف بالقضية الفلسطينية ولكن كل هذه الاقتراحات ما زالت بين الأخذ والرد عند متخذي القرار السياسي، بالإضافة إلى ذلك فقد تعرضت هذه الاقتراحات إلى موجة كبيرة جدا من الانتقادات وأثارت جدلا سياسيا وأكاديميا. ومن أبرز الأطروحات والمقترحات التي قدمت من قبل بعض الأكاديميين والسياسيين فيما يتعلق بحل الصراع بين الطرفين خيارات مثل حل الدولتين أو الدولة الواحدة وخيار الدولة ثنائية القومية. وفي الحقيقة فإن التحولات التي حصلت في المفاهيم السياسية والاستراتيجية لمنظمة التحرير الفلسطينية فتحت المجال أمام هذه المقترحات، فقد تبنت حركة فتح ومنظمة التحرير منذ نشأتها في العام 1965 خيار الكفاح المسلح لتحرير فلسطين التاريخية والانتدابية من قبضة الحركة الصهيونية ولكن الظروف التنظيمية والسياسية التي حدثت أثرت على أيديولوجية منظمة التحرير وبدأت تظهر ملامح التغير في خطابها السياسي في بداية سنوات السبعين وتحديدا بعد حرب أكتوبر رمضان عام 1973. عكس التحول في مطالب حركة فتح ومنظمة التحرير من أقامة دولة ديمقراطية وعلمانية على كل أرض فلسطين التاريخية إلى إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع أو على الأراضي التي تحرر من الاحتلال الإسرائيلي ومن ثم جاءت التسويات في أوسلو والمطالبة بالتمسك بمبدأ حل الدولتين بحدود عام 1967 والتي كانت بخلاف الميثاق الوطني الفلسطيني وسببت في التصدعات والانشقاقات التنظيمية والحزبية بين الفصائل الفلسطينية وكذلك أتاحت الفرصة وأعطت المساحة لنشوء مثل هذه التصورات والاقتراحات على أساس إنهاء حالة الاحتراب بين الفلسطينيين والإسرائيليين والوصول إلى نوع من المصالحة التاريخية. أدى التحول في المفاهيم السياسية والذي أعتبره البعض تغييرا تكتيكيا وخطة مراحل إلى تغيير في لهجة خطاب منظمة التحرير الممثلة للفلسطينيين وفتح المجال للتفاوض والتوصل للتسويات بعد تخلي المنظمة رسميا وفعليا عن خيارات المقاومة والكفاح المسلح التي أعلنت عنه وتأسست من أجله مما أفقد المنظمة مصداقيتها وشعبيتها وفتحت المجال للتنازل بصورة أكبر وللإستسلام للضغوطات الخارجية وللمطالب الدولية، وفي اطار هذه التسويات والمفاوضات قدمت هذه التصورات التي أثارت جدلا واسعا داخل المجتمع الاسرائيلي بكافة مركباته الاجتماعية والسياسية، فهناك من رأى بأن دولة فدرالية ثنائية القومية فلسطينية وإسرائيلية من شانها أن تنهي الصراع التاريخي الذي طال قرونا من الزمان. وتقوم فكرة ثنائية القومية على شكل من أشكال التعايش بين جماعتين قوميتين في دولة واحدة ومن خلال إطار موحد يضمن اعترافا وتوافقا وتضامنا بين الجماعتين من خلال دستور يقوم على المساواة والعدالة والهوية المدنية والمواطنة بشكل متكافئ بين الطرفين بحيث يحظى كل شعب بحكم ذاتي واستقلالية ذاتية فيما يتعلق بالشؤون الداخلية مع إقامة برلمان تمثيلي مشترك وحكومة إدارية واحدة مكونة من وحدات فدرالية صغيرة تدير شؤونها الداخلية بشكل مستقل تخضع للحكم المركزي ويمنح حق النقض "الفيتو" لكلا القوميتين فيما يتعلق بالقضايا الأساسية والجوهرية في مواضيع يتم الاتفاق عليها، وتلغى جميع القوانين التي تعرف إسرائيل كدولة يهودية وتغير تلك القوانين التي تعطي أفضلية لليهود، وقد أثار هذا الطرح موجة شديدة من الانتقادات في الجانب الإسرائيلي .