في مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية وقف استاذ الجامعة على الربيعة في حلته الانيقة يشير إلى الابنية المتداعية والشوارع التي تعج بالقمامة وسط شعور باليأس والمرارة.وقال "يمكنكم ان تنظروا حولكم لتلاحظوا عدم حدوث اي تغيير. لا تنفق اي اموال على البنية التحتية ولا تصرف الرواتب." وترتفع حدة صوته في غضب وهو يقول كيف ان سكان بنغازي -مهد انتفاضة العام الماضي التي اطاحت بمعمر القذافي- لم يستفيدوا بأي مزايا حتى الان وانهم فقدوا احترامهم للحكومة الانتقالية ويستعر الغضب في بنغازي منذ اكتوبر تشرين الاول عندما انتقل المجلس الوطني الانتقالي الحاكم إلى العاصمة طرابلس بعد الاعلان عن تحرير ليبيا من حكم القذافي بعد 42 عاما. وبعد مرور اشهر على ذلك يقول السكان انهم يشعرون بالتجاهل والنسيان. وقال الربيعة بلغة انجليزية تتسم بالطلاقة "الحكومة تعمل بدون قضاء أو شرطة. نعرف انهم يحصلون على اموال من بيع اكثر من مليون برميل نفط يوميا ولكن السؤال هو اين تنفق (هذه الأموال)؟" وأضاف "لكن الاسوأ من ذلك هو تعيين اشخاص عملوا مع القذافي في الحكومة الانتقالية" مرددا شكوى كثيرين في بنغازي يقولون ان الفساد ومحاباة الاقارب اللذين اتسم بهما حكم القذافي لم ينتهيا بموت الدكتاتور. وتجاوز الشعور بالاحباط مداه يوم السبت عندما اقتحم حشد يطالب باستقالة الحكومة مقر المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي وهشموا نوافذ المبنى. وظل مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس محاصرا داخل المبنى لعدة ساعات. وقال شهود عيان ان المحتجين الذين حمل الكثير منهم أسلحة رشاشة وبيضاء اقتحموا البوابات المعدنية الرئيسية ودخلوا إلى ساحة المبنى. وحاول عبد الجليل تهدئة الحشد لكنه اضطر للرجوع إلى داخل المبنى بعد رشقه بزجاجات مياه. وأفادت انباء بانفجار قنابل محلية الصنع على مسافة 500 متر من المبنى. ورغم عدم نيتهم الايذاء يقول المحتجون انهم قصدوا توجيه تحذير للمجلس الوطني الانتقالي. وقال عبد الجليل يوم الأحد ان هذه الاحتجاجات قد تجر البلاد الى هوة بلا قرار. وأضاف ان هناك أمرا وراء هذه الاحتجاجات مشيرا الى انها لا تحمل خيرا للبلاد. وتقدم المجلس الوطني الانتقالي بعرض سلام للمحتجين تضمن استقالة صالح الغزال رئيس المجلس المحلي الوطني في بنغازي والتعهد باجراء انتخابات لاختيار بديل له في اعقاب الاحتجاجات ووعد باجراء انتخابات لاختيار بديل له. وأعقب ذلك على الفور اعلان عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي استقالته من منصبه. ويقول كثيرون في بنغازي انه يجب منع غوقة من العمل مع المجلس الوطني الانتقالي حيث كان يعمل سكرتيرا لنقابة المحامين اثناء حكم القذافي. وقوبل غوقة بعاصفة من الغضب من قبل طلاب غاضبين لدى زيارة جامعة في بنغازي. ومنذ الاطاحة بالقذافي ظهرت ميليشات مسلحة متعددة في ليبيا جذبت انتباه المجلس الوطني الانتقالي بالمعارك التي تدور بينها من حين لاخر ورفضهم نزع اسلحتهم والانضمام إلى قوة امن وطني. واصبحت القيادة الليبية مشغولة حاليا بأمر الاحتجاجات في بنغازي والحاجة إلى تهدئة مشاعر الغضب في المدينة التي يبلغ تعدادها نحو 700 الف شخص. وبالنسبة لحكومة انتقالية لم يمض على عمرها سوى شهرين تبدو مطالب سكان بنغازي صعبة التحقيق الان. وقال نبيل بركة (42 عاما) وهو عاطل عن العمل شارك في احتجاج يوم الأحد مع عشرات الاشخاص امام مقر المجلس الوطني "نحتاج إلى تعويض لعائلات الشهداء الذين قتلوا في الثورة وللمصابين." وأضاف " لا يوجد أمن .. الشوارع مليئة بالاسلحة. لا توجد شفافية عندما يتخذ المجلس قرارا دون ان يسأل احدا وباتت الحكومة تزخر بأشخاص موالين للقذافي." وفي ميدان الشجرة بوسط بنغازي تشارك مجموعة من المحتجين في اعتصام منذ اكثر من شهر. وقال سليمان عبدول مهندس عاطل عن العمل وقف امام لافتة تدعو الحكومة إلى افعال وليس وعودا "ماتت عائلاتنا من اجل هذه الثورة لكن الاوضاع خلال حكم القذافي كانت افضل في حقيقة الامر من الوضع الراهن. البنوك كانت تعمل ولم تكن هناك اي قمامة ولم يكن هناك اي خوف لدى الناس من كل الاسلحة الموجودة في انحاء البلاد."