عندما يتصدى المسؤولون الذين يديرون شؤون ليبيا خلال الفترة الانتقالية بعد الزعيم المخلوع معمر القذافي لفحص قائمة مهامهم الاكثر الحاحا فانهم سيتحدثون عن توفير المياه ودفع الرواتب أو تصدير النفط ويضيفون شيئا مختلفا تماما.. الا وهو دعم المصالحة.وربما كان التركيز على الصفح أمرا غير وارد على ما يبدو خلال اجتماعات عقدت في باريس يومي الخميس والجمعة عندما ناقش زعماء دوليون والادارة الجديدة في ليبيا مشكلات الديمقراطية والاستثمار والافراج عن الاموال الليبية المجمدة بالخارج. لكن نموذج العراق الذي غرق في الفوضى والقتال الدامي بعد الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003 اقنع الليبيين الذين يخططون للانتقال من الديكتاتورية والحرب ان احتياجات البلاد اكثر من كونها مجرد احتياجات يومية.قال عارف علي نايض رئيس لجنة اعادة الاستقرار في المجلس الوطني الانتقالي في مقابلة مع رويترز انه لا يمكن بناء دولة اذا لم تتحقق المصالحة ويسود الصفح. واضاف ان المصالحة رسالة يحملها جميع اعضاء المجلس الانتقالي والزعماء الدينيون والمجالس المحلية.وفريق اعادة الاستقرار الذي يضم حوالي 70 ليبيا بقيادة نايض على دراية كبيرة بالاخطاء التي اعقبت الاطاحة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين ما جعلهم يتأكدون من انهم لن يكرروا اخطاء اكثر فظاعة ومنها نهب المتحف الوطني في بغداد.وقال نايض انه سعيد للاعلان عن انه لم تتعرض متاحف في طرابلس للنهب مؤكدا على ضرورة حماية التراث الثقافي للبلاد. واضاف ان البنوك ايضا جرى تأمينها مبكرا. وعلى نقيض ما حدث في العراق حيث ساعد قرار أمريكي بحل وتسريح جميع افراد الجيش وحزب البعث في دفع رجال الى التمرد المسلح ستبقي طرابلس على جميع المسؤولين في عهد القذافي في مناصبهم لضمان الاستمرارية. وقال نايض إن التدمير والتفكيك مسار خاطيء مضيفا أنه من الافضل اتباع نهج محافظ حتى وان كان غير واف مع البناء عليه بتريث. ويمثل التركيز على المصالحة امرا طبيعيا بالنسبة لنايض بوصفه - وبخلاف عمله رئيسا لشركة لتكنولوجيا المعلومات وسفيرا للمجلس الوطني الانتقالي الجديد لدى الامارات - نشطا في مجال الحوار بين الاديان. وهو عضو بارز في مبادرة «كلمة سواء» للحوار مع الكنائس ويدير مؤسسة بحثية في مجال الاديان في دبي كما انه مدرس بمدرسة اسلامية في طرابلس مسقط راسه. وكان نايض موجودا في طرابلس عندما قمع الجيش أول احتجاج هناك في فبراير شباط واصدر مع علماء مسلمين اخرين فتوى تحض الليبيين على معارضة القذافي ثم غادر طرابلس ليبدأ تجهيز معونات دولية للمعارضة. وقال انه بدأ بفريق محدود في دبي ثم توسع الى شبكة من الليبيين المقيمين بالخارج. واعد ليبييون منفيون في البحرين ولندن وجنيف خططا للاقتصاد بينما تابع اخرون في تونس ومصر ومالطا الاحتياجات الانسانية. وعالج منفيون اخرون في الولاياتالمتحدة وبريطانيا قضايا حقوق الانسان والتعليم والمرأة بينما تولت مجموعة في دبي الشؤون اللوجيستية وركز لييبون في كندا وألمانيا ودول اخرى على الاتصالات. وعمل كل هؤلاء دون مقابل. وقال نايض إن علماء اسلاميين ومفكرين يساريين واسلاميين وسعوا مجموعة التخطيط التي وصفها بالشبكة. ومن عمله في مجال الحوار بين الاديان اختار نايض زملاء له في جامعات كمبردج وييل وبرنيستون للضغط على حكوماتهم لدعم المعارضة ضد القذافي.وبعد تأسيس المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي اسندت لمحمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الذي عين نايض رئيسا للجنة اعادة الاستقرار - مهمة ادارة الشبكة.