علاقتنا بالورق علاقة جميلة ومتأصلة منذ الطفولة، إنها علاقة تكبر معنا يوماً بعد يوم. لن أقول بأنها بدأت بخربشاتنا ورسوماتنا البريئة عليها في المرحلة الإبتدائية، بل قبل ذلك بكثير، حين كنا نحبو ونتلصص لنمسكها بين أصابعنا ونمزقها بحماس ونحن نبتسم بشقاوة، وكأننا كنا ندرك أن ما نفعله تلك اللحظة هو تصرف خاطىء! ويوماً بعد يوم تطورت هذه العلاقة واتسعت دائرة ارتباطنا بالورق من خلال مراحلنا التعليمية المتنوعة وازداد احتكاكنا به في مناهجنا التي درسناها أوكتبنا التي قرأناها كمكتسبات ثقافية ومعرفية. لكن لنلقي نظرة على الشوارع والأرصفة مع بدء موسم الاختبارات .. ترى ماذا سنلاحظ؟ سنلاحظ أنها تكاد تغرق تحت كومة من الأوراق المتناثرة في كل مكان! فكثير من الطلاب والطالبات لا يشعرون بالارتياح إلا بعد ممارسة طقوس الاحتفال الخاصة بالانتهاء من اختبار مادة من المواد وذلك بالانتقام من الكتاب المدرسي أو الملخصات التي اجتهد في جمعها سواء برميها أو بتمزيقها وبعثرتها في الهواء! لا أعلم من المسؤول حقيقةً عن مشكلة عدم وعي الطلاب بأهمية حزمة الورق تلك التي حملت لهم بين طياتها علماً نافعاً، وإن لم يدرك الطالب قيمة الكتاب في مراحله التعليمية المبكرة فكيف ومتى ستتكون تلك العلاقة التي نسعى لخلقها بين الفرد والكتاب؟ ولما توقفت المدارس عن إلزام الطلبة بإحضار جميع كتبهم في نهاية العام لاستلام شهاداتهم؟ أليس هناك من هم بحاجة لها؟ وأين دور أولياء الأمور في انتقاد هذا السلوك وتقويمه؟ الرقي بالمجتمعات يبدأ دوماً بأمور بسيطة وقيم وسلوكيات نزرعها في حياتنا اليومية تصبح مع الوقت عادات جميلة تكبر معنا يوماً بعد يوم، فكيف نسعى لتنمية مستوى القراءة لدينا ونلقي باللوم على كل من لا يقرأ إن لم نزرع في قلبه منذ الصغر قيمة الكتاب! *كاتبة إعلامية [email protected]