رغم الاختلاف شبه الكلي للأسباب الدقيقة وراء تلك الخلافات التي تحدث بيننا في الحياة، سواء في الرأي أو السلوك تنوعا كان أو تضادا إلا أنها جميعا تكاد تتطابق في وجود عنصر محرض أو محرك لها وهو «النوايا»! وقد يكون الأمر طبيعيا حين نفكر فيه للوهلة الأولى.. لكنه للأسف ليس كذلك!. فالطبيعي أن يحدث سوء الفهم بين طرف وآخر مهما كانت طبيعة العلاقة بينهما أو مدى عمقها، لكن من غير الطبيعي أن يتكرر ذلك ليتحول الأمر إلى التجريح ليس بالقول أو الفعل ولكن بالتفكير..!. فهذه النوايا التي قد تحلق بنا بسعادة لأعلى نقطة في السماء هي ذاتها التي قد تضرب الأرض بوجوهنا من شدة الوجع، فمجرد فكرة أو «وسوسة» تخفي حكما مسبقا على تصرف من قريب أو صديق يحمل كل معاني البراءة وبياضها هي مما يدمي القلب ويبكي العين! وإن كانت الكتب والصحف والبحوث والنقاشات قد أسهبت في ذكر وتصنيف الأزمات التي قد تواجهنا ووضعت لها ما يناسبها من حلول إلا أنها أغفلت واحدة من أهم الأزمات التي انتشرت هذه الأيام وهي أزمة النوايا! تلك الأزمة التي تبدأ بتفاصيل صغيرة نغفل عن كبح جماحها فتشعل فتيل الضيق، لتتراكم شيئا فشيئا لتكون النتيجة انفجارا قاتلا. وملامح هذه الأزمة تظهر بوضوح في مواقع التواصل الاجتماعي الذي كشف الكثير من الجوانب الخفية في نفوسنا أولا وغيرنا ثانيا، وأذكر أن فتاة أسرت لي قبل أيام بأنها فقدت صداقة جميلة قد بدأت ورودها تتفتح للتو لأن حماسها الكبير جرفها في تيار الأزمة فأطفأت نور العقل واستسلمت لتلك النوايا. وقبل أن أذهب أقول.. بأن الحديث يطول، ولكم تمنيت لو أني أملك القدرة على الغوص في أعمق نقطة في قلوب وعقول من أحب لأمسح بقايا الآلام وما حفرته الأيام. [email protected]