المدينة المنورة - المحررة الثقافية : قال الدكتور محمد نجيب العمامي أستاذ مشارك في جامعة القصيم إن الرواية العربية منذ بداياتها الأولى حتى الآن لها مذاهب كتابة كثيرة كالرواية التاريخية والرومنطيقية والواقعية والذهنية ورواية الحساسية الجديدة أو الرواية التجريبية ورواية السيرة الذاتية حيث اقتضى تطور الأدب العربي بعد اشتداد عود هذا الجنس الأدبي الوافد إلى انقراض أصناف من الروايات وحل محلها أخرى. وضمن ما أضافه في محاضرته التي ألقاها في نادي المدينة الأدبي وادارها عمر الرحيلي عن (هيمنة الخطاب الواقعي على السرد العربي الحالي ) أن نجيب محفوظ هو الروائي العربي الذي أستطاع أن يكتب في مذاهب كثيرة للرواية خلال عدة قرون وان هزيمة حزيران 1967 كان لها دورا في انتفاض الرواية الواقعية في مصر أواخر الستينات وظهور حركة قوية تدعو إلى قطع كل صلة بهذه الراوية. وامتدت الحركة إلى لبنان وتونس والمغرب وغيرها فيما أشار العمامي إلى المأخذ الأساسي على الرواية الواقعية وهو عجزها عن تجديد أساليبها وتوسلها لقواعد كتابة تبسط الواقع وتسطحه حيث تنفي أي دور للقارئ في الإسهام في إنتاج معاني النص. وبين أنعدة روايات ظهرت في مجال الراوية العربية المعاصرة وهيمنت على الساحات . مثل روايات إدوار الخراط وصنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وإلياس خوري وجبره إبراهيم وفرج الحوار وصلاح الدين بوجاه ومحمد براده. لانتمائهم إلى مايعرف بالحساسية الجديدة أو التجريب أو الرواية الحداثية وقال فيهم الدكتور محمد الباردي إن مايفرق بين نصوصهم أكثر مايجمع بينهما وهي نصوص رافضة لمفهوم السلطة الأدبية وهي أشبه بالجزر المستقلة في محيط لا سواحل له، وأسهب العمامي في توضيح الخطاب الواقعي منطلقات ومقومات . وحقيقة الخطاب الواقعي والبحث عن أسباب هيمنة الكتابة الواقعية . وتطرق الى ترسيخ الحكاية في الوقع أو تجذ يرها بما يقتضي ترسيخ الأحداث في الواقع بان تكون الأحداث عجيبة لا أسطورية أو خيالية وإنما من جنس الأحداث التي تحصل للبشر في الواقع مستشهدا برواية (خاتم) لرجاء عالم. وقال إن هيمنة الكتابة الواقعية ظاهرة لفتت نظر بعض الدارسين العرب ومنهم محمد القاضي وسعيد يقطين فسعيد أورد رأي للمستشرق ستيفن غوث بين فيه أن الرواية العربية تشهد عودة إلى طرائق الكتابة التقليدية لمرحلة ما بعد الحداثة والمتمثلة في الواقعية النقدية . أما يقطين فستشهد بقول لروجرألن. حول الشهرة المنقطعة النظير التي لقيتها روايات - ذاكرة الجسد- لأحلام مستغانمي وعمارة – يعقوبيان- لعلاء الأسواني - - وبنات الرياض - لرجاء الصانع. رغم ظهورها في مناطق مختلفة من العالم الناطق بالعربية وتوسل أصحابها بمقاربات سردية متباين بعضها عن بعض حيث أنها نأت بنفسها عن الغموض والألغاز والتعقيد، مشيرا العمامي ان يقطين أورد هيمنة الخطاب الواقعي إلى سببين هي التأثر بالغرب وما اسماه في موضع أخر إغراقا في التجريب بالنسبة إلى الرواية التي سعت إلى تعويض الرواية الواقعية وتقويض أسسها. عكس القاضي الذي حمل مسؤولية تقهقر الرواية العربية وارتدادها إلى أساليب الكتابة الواقعية أطرفا عديدة هي: الروائي – والقارئ – والناقد - والناشر والغزو الثقافي. وتوصل العمامي إلى أنهيمنة الرواية الواقعية الحالية تعود إلى مقومات الخطاب الواقعي من تجذير للحكاية في الواقع وشفافية الخطاب ووضوحه وكثافة الأخبار وإيهام بامحاء الذات الراوية وهيترد أيضا إلى القارئ المنشغل بواقعة وما فيه من سلبيات وإلى الروائي الباحث عن التأثير في المجتمع مما يحمله على تغليب الرسالة وعلى التضحية بهاجس البحث عن أشكال تعبير جديدة . متوقعا العمامي أن الرواية الواقعية ستواصل هيمنتها ما لم تتغير الظروف التي أسهمت في هذه العودة وتلك الهيمنة وتلقي العمامي في نهاية محاضرته مداخلات حول مدي الشفافية في الخطاب الواقعي في ظل ما يبذله الواقعيون من جهد في تكوين المفردات اللغوية وتركيبتها وصورها المجازية والإستعارية وما يلجئون إليه من الرمز ومن المسئول عن ارتداد الرواية العربية للواقعية و متى تتوقف عن هيمنتها .