كثير ما تختلط علينا تعريفات لصفات وربما تنفصل بعد اختلاطها لتظهر لنا تعريفات جديدة كاللون الرمادي الذي يظهر بعد اختلاط الاسود بالابيض.. فاذا اخذنا الانانية و النرجسية مثال وعرفناهما نجد ان الانانية هي الفردية الشرسة وحُب التمّلك والغيرة الجنونية التي تدفعُ الإنسان إلى إرادة السيطرة على أملاك الغير بدون حق والأنانية هي احد الأمراض النفسية المدمرة لصاحبها.. فالأناني لا يحب احد أكثر من نفسه حتى ابنه ومصلحته فوق مصلحة أهل بيته. والأناني بالطبع غير محبوب اجتماعيا وحضوره غير مريح.. في حين ان النرجسية هي مرحلة انتقالية لحب الذات المبالغ فيه والنرجسية كما قال علماء النفس في مرحلة الطفولة ليست مرضاً ولكنها مرحلة من مراحل النمو يتخلص منها الإنسان تدريجياً في رحلة عمره وتصف مدرسة التحليل النفسي النرجسية بأنها مؤشر مهم للثقة بالنفس وإعداد للذات واحترامها ولكن بحدود معينة، وان مسالة تجاوز الحدود باتجاه الزيادة يؤدي إلي الغرور وبدوره فان الغرور المستمر يؤدي إلي الأنانية، هذا في حالة ارتفاع درجة النرجسية لدى الفرد،أما في حالة انخفاضها فذلك يعني عدم ثقة الفرد بقدراته ومهارته واحتقاره لنفسه مقارنة بالآخرين،وبالطبع أفضل درجات النرجسية هي الوسط كما هو في حالة درجة حرارة الجسم الطبيعي للإنسان وهي 37 درجة مئوية،فارتفاعها يؤدي إلي الخطورة على صحة الإنسان وكذلك انخفاضها تحت المستوى. وللتذكير فقد أطلقت هذه التسمية "النرجسية" على اسطورة في الميثولوجيا الإغريقية القديمة تقول بأنه كان هناك طفلاً وسيماً جداً اسمه " نرسيس "، كانت أمه إحدى الحوريات، وكان أبوه النهر. و كان هناك عراف اسمه " تريزياس " قد تنبأ لهذا الطفل الوسيم بأنه سوف يعيش طويلاً شريطة ان لا يرى وجهه أبداً، وتقول الأسطورة بان احد أعدائه غرر به يوماً وأخذه إلى بحيرة،وحينها رأى نرسيس وجهه منعكساً على ماء البحيرة، فأعجب جداً بجماله ثم بدأ يذوي ويموت وتحول في ساعته إلي زهرة النرجس التي أصبحت منذ ذلك الوقت رمزاً للحب المفرط أو دلالة للعاطفة التي يسيطر عليها طرف عل الآخر، ومن هنا جاءت التسمية في اللغة العربية النرجسية أي بمعنى (الحب المفرط للذات) وطالما اننا ذكرنا النرجس فلابد من تعريفه: فالنرجس أحد أكثر الزهور شعبية في العالم ,, وخاصة في ألمانيا وهو نوع من الأبصال المزهرة في الربيع وتنمو بسهوله، تمتلك رائحة عطرية مخدرة تدغدغ الشعور وتداعب الأعصاب ولكن لا ينصح بشمها كثيراً. ذكره الشعراء كثيرًا ومدحوه وشبهوا العيون الفواتر به لانكساره وميله ووجوده في المكان يضفي عليه شيء من الجمال ونصيحة خبراء الزهور والعطور بشراء النرجس وزراعته في البيت فيا نرجس مين يشتريك.. وفي البيت ممكن يخليك. خلاصة القول يا جماعة.. النرجسية ليست هي الانانية المذمومة ولكنها صفة لابد من تحجيمها اذا كانت موجودة... د/ فاطمة الزهراء