جدة شاكر عبد العزيز وأحمد شرف الدين - تصوير : إبراهيم بركات : دعا صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة معهد الملك فيصل للدراسات الإسلامية إلى انتخاب أعضاء مجلس الشورى السعودي، وأكد خلال كلمته في منتدى جدة الاقتصادي أمس الأحد التي تناولت (المواطنة المزدهرة) وأكد أن هناك خللا كبيرا في سوق العمل بالمملكة سمح بوجود أكثر من (8) ملايين عامل غير سعودي. وأكد في الجلسة الثالثة التي أدارها تركي الدخيل مقدم قناة العربية أن القرارات الأخيرة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله) ستساعد على تحقيق طفرة كبيرة على صعيد سوق العمل خلال السنوات ال(15) المقبلة، مشيراً إلى أن المواطنة المزدهرة تعني الاعتماد بشكل كبير على أبناء وبنات الوطن المؤهلين لتحقيق النهضة الشاملة، خصوصاً أن السعودية تملك إمكانات بشرية كبيرة. واستغرب الفيصل وجود أكثر من (8) ملايين عامل (غير سعودي) في سوق العمل، وقال: لاشك أن ذلك يعني أن هناك خللاً في التخطيط والتنظيم، ولابد من وجود سياسات أكثر دقة من أجل تحقيق التوازن وتوطين الوظائف بما يسمح باستيعاب كل الشباب والفتيات خصوصاً أن الأرقام الرسمية تؤكد وجود آلاف الوظائف الشاغرة. من جانبه.. أكد غسان الكبسي الخبير في شركة ماكنزي أن الاحصاءات والأرقام تؤكد أن (80%) من العاملين في السوق السعودي موجودون في القطاع الحكومي، وأن هناك أكثر من (3) ملايين من مجموع الملايين الأربعة التي تمثل العمود الرئيسي لسوق الوظائف، وأشار إلى ضرورة وجود سياسات بديلة في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن القرارات التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تمثل الحزام الآمن للطبقة الوسطى والتي تحتاج إلى الكثير من الخطوات في الفترة المقبلة. من جانبه.. تحدث السيد أبو بكر باقادر وكيل وزارة الاعلام والثقافة عن الطبقة باعتبارها محدداً للدخل والامكانيات المادية الفردية، وقال إن مفهوم الطبقة بالتحديدات الحديثة لم يكن قائماً، والمجتمعات حتى تتطلع لأن تصبح من المجتمعات الحديثة طرأت عليها جملة من التغيرات المهمة، أبرزها معدلات التحضر العالية التي تشهدها هذه المجتمعات وانفتاحها على الدورة الاقتصادية والسياسية في العالم، وهذه العوامل جعلت المجتمعات ليست قادرة على البقاء في مرحلة الانتقال إنما ترنو لتصبح مجتمعات حديثة. واشار إلى أن المجتمع السعودي مجتمع انتقالي وما نشهده اليوم يتطلع إلى أن يكون لاعباً أساسياً في المجتمع الحديث، وحول أدوار الطبقة الوسطى في المجتمع الانتقالي قال إن الكتلة السكانية الكبرى تمثل 85% من سكان المملكة يقطنون المراكز الحضرية التي هي محور التنمية، وهي النواة الأساسية لمجتمع الغد في المملكة العربية السعودية، وفي هذا المجتمع هناك تحولات كبيرة لعل أهمها أن المجتمع بسبب الاستقرار الاقتصادي أصبح قادراً على أن يحدث تحولاً عميقاً، أصبحنا مجتمعاً يقوم على تطوير الذات ونتطلع إلى ظروف اقتصادية كبيرة، والنظرة لسلم الحراك الاجتماعي مؤشرة للأمام، وقال إنه نشأت طبقة وسطى حضرية ستمتد لتشمل كل أنحاء المملكة والطبقة الوسطى هذه تزامن معها الاستقرار والثراء وأصبحت استهلاكية بامتياز، وباتت طموحات الناس في أساليب المعيشة تتطلب منهم قدرات مالية عالية، وهذه ستكون من أهم الدوفاع إلى انخراط أعداد أكبر فأكبر تتطلع إلى الاحترام والمكانة الاجتماعية والتأثير الاجتماعي والمشاركة الاجتماعية بصورة عامة، بمعنى أن يصبح الناس أكثر مبادرة في المشاركة في حياتهم اليومية، ونحن نشهد تحولاً مهم جداً في حياة المجتمع السعودي، مشيراً إلى أن الأوامر الملكية الكريمة في يوم الجمعة الماضية هي واحدة من أهم المقدرات التي ستدفع نحو تسريع مرحلة وتيرة الطبقة الوسطى التي كنا نخشى أن تتلاشى، وهي طبقة محركة للمجتمع الحديث، وأضاف أن طموحات الناس وآمالهم في المملكة عالية لا تقل عما هو موجود في المجتمعات الحديثة. ودعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أصحاب الأعمال السعوديين على وجه الخصوص والخليجيين بشكل عام إلى ضخ استثماراتهم في بلاده، مشيراً إلى أن هناك أكثر من (200) شركة سعودية تعمل حالياً في الجمهورية التركية وتساهم في توثيق أواصر التعاون بين البلدين، مشدداً على حجم التبادل التجاري الموجود حالياً والذي لا يتجاوز (5) مليارات دولار لا يرقى إلى طموحات البلدين. جاء ذلك خلال الجلسة العلمية الثانية لمنتدى جدة الاقتصادي الحادي عشر أمس الأحد بعنوان (القائد العالمي) التي أدارتها ميشال حسين مقدمة البرامج في (بي بي سي)، وبدأت بكلمة لمعالي وزير التجارة والصناعة السعودي الأستاذ عبدالله بن أحمد زينل قدم خلالها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مشيراً إلى أنه أحد اللاعبين المهمين في المنطقة والذي قضي (10) سنوات في بدايته حياته لاعباً كرة قدم، مما قد يشجعنا إلى طلبه محترفاً في أحد الأندية السعودية (قالها ضاحكاً)، مشيراً إلى أنه انتشل بعبقريته بلدية اسطنبول حيث شهد له خصومه قبل أعدائه بنزاهته، وأكد أن مواقفه أدهشت العالم أجمع والتي وصفت أحياناً بالجريئة ومرات أخرى بالبطولة، ويفاجأ الجميع بمواقف مشرفة، وتعود الذكرى للدرس الذي ألقاه في منتدى دافوس لرئيس الوزراء الاسرائيلي بيريز، والتهديد التركي لاسرائيل وقطع العلاقات معها لمدة (3) أيام عندما سالت دماء الشهداء الأبرياء في اسطول الحرية. وبدأ أردوغان كلمته بتحية الإسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وعبر عن سعادته الكبيرة بتواجده في السعودية خلال منتدى جدة الاقتصادي الذي اعتبره منصة مهمة وعالمية لتناول قضايا ومسائل اقتصادية مهمة، وقال: أهنئ السعوديين على تنظيم هذا المنتدى الناجح وعلى حسن الضيافة والحفاوة. وأضاف: إذا ألقينا نظرة على منطقتنا سنجد أن المنتدى يكتسب أهمية كبرى حيث نأمل أن تساهم أفكاره في حل المشاكل الاقتصادية في منطقتنا وخصوصا في السعودية وتركيا اللذين يساهمان في السلام العالمي، حيث إن لدينا في تركيا والسعودية مواقف مشتركاً كدولتين كبيرتين في المنطقة وتعاملنا نموذج لسائر البلدان، ونأمل أن نرتقي بالعلاقات لأفضل المستويات ونوسع إطار تعاملنا، ونحن مستعدون لذلك. وقال أردوغان: السعودية كانت ضمن أكبر الدول المستثمرة في تركيا، وهناك 200 شركة سعودية تعمل لدينا، وحجم التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى 5 مليارات دولار، ثم تراجع عام 2008م مع الأزمة العالمية إلى 3 مليارات، وعاد إلى 4.5 مليار في العام الماضي وهي أرقام أقل من المطلوب، فنحن لدينا طاقة كبيرة لمضاعفة هذه الأرقام ويجب أن نحقق ذلك خلال فترة وجيزة، وكانت هناك اتجاهات في الماضي داخل تركيا إلى تقسيم رأس المال إلى أعراق وأقاليم، ففي تركيا بعض الجهات تقوم بحملات لقطع رؤوس الأموال العربية إلى تركيا، والتي اتجه بعضها بالفعل إلى أمريكا، وهذه العقلية تغيرت حالياً، ونجحنا في القضاء على هذه الأفكار، وأبوابنا في الوقت الحالي مفتوحة أمامكم.. حيث إن تركيا هي بلد أوروبي وآسيوي وأقليمي مهم بالنسبة لجميع دول المنطقة. وأضاف: ألغينا تأشيرات الدخول مع سوريا ولبنان والأردن ونجري مباحثات مع السعودية وإن شاء الله سنقوم بإلغاء التأشيرات بيننا، ونؤمن بأننا سنزيل جميع الحواجز الموجودة بيننا، وعلينا أن نعترف أن القرن العشرين شهد تغييرات كثيرة والقرن الحالي هو قرن التغييرات الكبيرة، وعلينا أن نقود هذا التغيير ونكون رواده ونضع المسار الصحيح أمام الشعب. وعاد رئيس الوزراء التركي للتأكيد على أن بلاده أحرزت تقدماً كبيراً في مختلف الميادين ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً خلال السنوات الماضية.. وقال: وضعنا أهدافاً يمكن أن نحققها وانجزناها ومازلنا مستمرين في هذا المنوال، حيث إن أهم عنصرين للاقتصاد والسياسة الخارجية هما (الأمن والاستقرار) فهذان المفهومان مهمان جداً بالنسبة لنا، وأي بلد ليس به استقرار أو أمن وثقة بين الشعب والسلطة لا يمكن أن يصبح فعالاً في السياسة الخارجية، وحكومتنا التي تولت السلطة من 8 سنوات تبذل قصارى جهدها لتحقيق أهدافها، وأنجزنا معظمها وتجاوزنا بعضها، ففي القطاع الاقتصادي والمالي قمنا بإعادة بنائهما وشخصنا المشاكل المزمنة وأصلحناها، وركزنا على تكون أهدافنا بعيدة المدى، حيث كانت السياسات الاقتصادية في الماضي متغيرة جداً والفساد منتشراً، وكانت الانتهازية كبيرة، والوضع غامضاً بالنسبة للمستثمرين. وتابع: في عام 2002 قبيل تولي الحكم كان حجم الاستثمار الكلي لبلادنا حقق زيادة بنسبة 2.5% خلال السنوات الماضية، وأؤمن أننا سنحقق نفس الرقم خلال العام الجاري، وهناك الكثير من الاستثمارات المباشرة دخلت تركيا في الفترة الماضية، وتمكنا من جلب استثمارات عديدة ساهم في تحقيق التطور الذي عاشته تركيا، وندرك أن المستثمرون يبحثون دائماً عن الاستثمارات في بلاد آمنة. ونوه إلى التعديلات الدستورية التي أجرتها بلاده في الفترة الأخيرة من أجل أن يكون هناك هناك نظام قانوني موثوق به، وقال: خضنا حرباً لمكافحة الجماعات غير الشرعية والعصابات، ونتبنى اصلاحات جذرية في الوقت الحالي، وخلال مرحلة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أصبحت تركيا قوة دافعة وأنجزت العديد من الاصلاحات وأصبحت مؤسساتها ومعاييرها توازي أفضل المعايير الأوروبية والعالمية، وقد واجهت تركيا بوصفها بلداً مسلماً مشاكل عديدة، حيث كانت بعض الدول الأوروبية ترفض ذلك، ومهما حاولوا تعطيل مسيرتنا فإننا نعمل من أجل شعبنا ومستقبل بلادنا في انجاز الاصلاحات دون توقف، ونؤمن أن انضمام بلادنا إلى الاتحاد الأوروبي يمثل اختباراً ضد صراع الحضارات. وعاد أروغان للتأكيد على السياسة الخارجية الفعالة لبلاده في السنوات الماضية، وقال: لا يمكن أن نحقق نجاحاً بدون سياسة خارجية ناجحة، وهنا نقول المثل الشهير لديكم (الجار قبل الدار) حيث لدينا مثال بنفس المعنى يقول ( لاتتخذ داراً بل أتخذ جاراً)، وفي الماضي كان مفهوم الجار يعني بيتاً بيتاً وفي عالم اليوم الآن أصحبت البلاد جيران بعضها البعض وقريبة إلينا بمثابة قرب الدار، وأي حادث يجري في بلد مجاور يؤثر علينا بشكل مباشر، والمثال على ذلك فإن الوضع غير المستقر في العراق أثر سلبياً على كل دول المنطقة وبخصوصاً تركيا، ونحن نهتم باستقرار وأمن المنطقة بقدر اهتمامنا باستقرار وأمن بلادنا، وعندما حدثت تغييرات في مصر وتونس تأثرنا بذلك، ونزلت دموع كل الاتراك لما نراه في ليبيا حالياً. وأكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردغان أن القضايا التي تواجه السعودية هي نفسها التي تواجه تركيا، وقال: هناك واقعة أتذكرها حيث أن مدون النشيد الوطني التركي تم احتجازه خلال الحرب العالمية الأولى وبقي في المدينة حتى تهدأ العواصف في الصحراء، وله مقولة ( لا يدخل العدو ما لم تدخل الفتنة) وفي هذه الأقاليم فإن قلوبنا وافئتدنا تدق بشكل جماعي ونحن دائماً نفرح ونحزن معاً ونفهم أن تاريخنا كان مشتركاً ومستقبلنا سيكون كذلك. وأشار أرروغان إلى أن تركيا لديها قدرة على الحوار مع جميع الدول في العالم وقال: يجب علينا أن نستمر في تعاون وتضامن، فهذه الإصلاحات التي نقوم بها في الداخل تساهم في استقرار ورفاهية المنطقة، فالدخل القومي التركي احرز تقدما وارتفع 230 ملياراً، وتقلص التضخم إلى 7% وقمنا بإصلاحات في مجال الزراعة والطاقة والعدل ونقوم ببناء ذلك، وبنينا في السنوات الثمانية الماضية 10800م من الطرق ذات المسارين، وأطلقنا القطار السريع ولدينا أمل أن نكون ضمن أفضل 10 اقتصاديات في العالم. وحذر رئيس الوزراء التركي اسرائيل من استمرار سياسة الدمار التي تمارسها في المنطقة، وتحدث عن التغييرات التي حدثت في المنطقة.. فقال: لقد حذرنا حكومتي مصر وتونس وقلنا لهم عليكم أن تستجيبوا لمطالب شعوبكم، ونفس الكلام وجهناه للحكومة الليبية، وقلنا لا يمكن الهجوم باستخدام الاسلحة الثقيلة ضد المدنيين، ودعونا إلى حوار مع الشعب ووقف إسالة الدماء، ومسار التحول في مصر وتونس حدث بدون دماء ونأمل أن تنهض البلدان سريعاً، على عكس ما يحدث في ليبيا حالياً، وفي كل الأحوال نحن لم نفقد الآمال ويمكننا أن نوقف الدماء والدموع في هذه المنطقة، وبإمكاننا أن نتغير ونغير، وأنهى كلماته بتقديم تمنياته الخاصة بنجاح منتدى جدة الاقتصادي، وشكر السعوديين على حسن الضيافة.