يبدو أن اي عمل جديد تقدمه الموسيقى يعتبر خطأ جديدا في مجمل العمل الفني والكلمة المغناة المعبرة عن الهموم في جميع نواحي الحياة الصعبة كما يبدو أن التعبير بالموسيقى ليس أمراً غريباً أو غير مألوف، فالموسيقى التي تعزف مستخدمة الحواس تعطي لحناً جميلاً يتناغم مع اللحن الاصلي ويحاوره ويولد في الانسان الاحساس الذي يشتد ويتعاظم في النفس، فالمقطوعات تبرز تقنيات عزف منفردة وموهبات مميزة لكل من قدمها كعمل رائع له وفي محاولة منه لابراز تصورات نابعة من واقع الموسيقى معزوفة بحسب رؤى من يقدمها ومبرزة لشخصيته ومعتمدة على اسلوب التطوير احيانا بعيداً عن اي تدخل لغوي يرسخ دلالات معينة في اذن السامع كما هو الحال في الاغنية، وقد نستطيع ان نقول بأن الاغاني العربية هي التي تجمع بين المتعة والفائدة وذلك لما فيها من معان ترتقي الى عالم اللغة الفصيحة ومعايير التذوق الفني وتراعي المجتمع الذي نعيش فيه وبيئتنا الاسرية والقيم التي اكتسبناها الى زمن قريب، اما الآن فقد تغيرت الاوضاع بالنسبة للاغنية واصبحت تواجه من الازمات الكثير والكثير ولعل ازمة النص الغنائي واحدة من العوامل التي تسهم واسهمت بالفعل بشكل كبير في تردي حل الاغنية وهي تلك الازمة الناتجة عن التردي في الظروف الاقتصادية والسياسية عامة اضافة الى عتمة الرؤى المستقبلية وحتمية التطور العصري وايقاعه المتغير كما يصفها البعض، الامر الذي ادى الى بروز نصوص غنائية خالية من المضامين الهادفة وكذلك الضعف الواضح في الثقافة الموسيقية اللحنية والقصور الثقافي والمعرفي لدى كتاب الاغنية الحالية وربما لدى ملحنيها ايضا مقارنة بأغلب كتاب الاغنية في عصور سابقة اذ هم من الشعراء المثقفين والمتميزين الذين يمتلكون الادوات والمستلزمات النابضة بالايحاء والفعل المؤثر لابراز الاغنية بثوبها الجميل، وذلك من خلال الاستقبال الروحي والنفسي والثقافي الذي يكتب به قصيدته وتتبعه لقصيدته والتعرف الى اي المستويات ستصلها هذه القصيدة لحناً. واذا كنا قد غنينا وعزفنا ولحنا بالامس ما فيه من الابداع والروعة ما قعدنا على حجر الآن ونحن نستذكره ونتحسر على ما فيه من الروعة فهل هناك من وقت لنا الآن للجلوس على نفس الحجر وتأمل الواقع الغنائي واللحني لنا دون ان نشتعل غضباً وحسرة على ماضينا الغنائي واللحني. زينب محمد محمود صالح - جدة