أكاد أجزم بأنه لا يوجد على هذه الأرض من عاش حياة خالية من الأزمات أو التجارب ذات المذاق المرّ، لكن ل"سناء" زميلتي تجربة من نوع مختلف ولكي لا يقال بأني أضخم الامور سأقول بأنها واجهت أزمة صغيرة في مقتبل حياتها المهنية، فهي إنسانة جميلة الروح وحاضرة الذهن من بيئة بسيطة جداً بالكاد سمحت لها بالعمل. كثيرا ما تُسِرُّ اليَّ بتفاصيل تفاجئني بها حيناً وتغضبني منها حيناً آخر، لكني لا أظهر غضبي في معظم الأحيان كي لا أؤثر على قراراتها خاصةً أني شعرت بعظم تأثيري عليها. في يوم من الأيام، ودون مقدمات تغيبت "سناء" عن العمل ولم أعرف الأسباب لكنها طمأنتني برسالة قصيرة أنها بخير لذا لم أزعجها بالسؤال، وبعد أسبوع وبرسالة قصيرة أخرى تلقيت دعوة منها لحضور عقد قرانها! وبعد أقل من ثلاثة أشهر على العقد عادت إلى العمل مطلقة! ورغم فضولي لمعرفة التفاصيل إلا أني احترمت خصوصية الأمر ولم أتطفل، لكنها وكعادتها أتت لتخبرني بالتفاصيل! قالت بألم: " أحببته بقوة لكنه يريد أن يحرمني من كل شيء أحبه! قدمت تنازلاً وتركت عملي الذي أشعر فيه بقيمتي وكياني لكن ذلك لم يكفه! غيور وغيرته مجنونة، يريدني أن أدور في فلكه أسخِّر حياتي كلها لأجله، حاولت إرضاءه وتخليت عن الكثير من أحلامي الصغيرة حفاظاً عليه لكنه لا ينفك يطلب المزيد فالمزيد ويدقق في أتفه الأمور ونحن لازلنا في بداية طريقنا لبناء حياتنا لكني لم أستطع التحمل شعرت بالاختناق معه ومنه وآثرت أن أنجو بنفسي من بين فكّيه !". ثم بكت بحرقة. هذه التفاصيل المبعثرة هي سيناريو لقصص تتكرر كل يوم لفتيات من مختلف المهن الإنسانية، يعملن لتحقيق ذواتهن وبناء مجتمعهن ويحملن طموحات كبيرة قد لا يستطيع استيعابها بعض الرجال مع أنها كانت مصدر إعجاب وجذب في بداية الأمر! وفي ظروف أخرى قد تقع الفتاة في حيرة من أمرها بين أن تقبل بمسنّ يترك لها حرية الاختيار حرصاً منه على كسب رضاها أو شاب يضع الأولوية لرغباته وما يراه مناسباً لظروفه ويرسم لها خارطة طريق..أو أن تبقى عزباء! تناسى البعض في عصر الانفتاح والعولمة أن الحب والأنانية متضادان و لا يمكن أن يجتمعا في قلبٍ واحد، فالعطاء والبذل والتضحية ومساندتنا لبعضنا البعض هي ما نسميها مظاهر الحب، ففي الحب نحلق بحرية ودون قيود، وننطلق إلى عوالم أكبر وأجمل، حين تحب لن تنظر خلفك لتخفي أثرك ولن تختنق بنبرات لوم أو تأنيب، بل ستشعر بدفء يدٍ تدفعك للنجاح أكثر فأكثر... فقط لا تفقد الأمل. كاتبة إعلامية