المدينة المنورة – خالد محمد الحسيني تصوير : إبراهيم بركات : «الجياشية» احد معالم «قباء» في المدينةالمنورة منذ عهد قديم بل قيل انها مكان «تجييش» واعداد الجيوش في بداية الإسلام المكان يغلب عليه الطابع المدني «القديم» والمتمثل في «البستان» أو «المزرعة» ولازالت كثير من المواقع تحتفظ بصورتها القديمة الجميلة الى هذا اليوم وان بقيت «الاثار» وذهب «الرونق» الا ان بقايا الصورة لازالت تتحدث عن السنين وقصص الناس في دار «الهجرة». من ايطاليا للمدينة قبل أكثر من نصف قرن ذهب «المديني» طالب عيسى المشهدي الى «ايطاليا» في بعثة دراسية وعاش هناك مع اول البعثات خارج البلاد وعاد «المهندس طالبا» لينضم الى الاوائل من المهندسين الذين عملوا لربط مدن وقرى وهجر الوطن ويذكر من زملائه جمال غزاوي ومحمد هلال سنبل والمرحوم عادل شيره وغيرهم كانت بدايتهم في وزارة المواصلات ثم النقل ونقلوا خبراتهم الى ارض الوطن واستمتعوا بالوقوف تحت «الشمس» وقسوة البرد ليرسموا خارطة حديثة لطرق الوطن ولازال المهندس طالب يذكر بالخير الوزراء محمد عمر توفيق وحسين منصوري يرحمهما الله ود. ناصر السلوم والذي عمل معهم سنوات زادت عن العقدين.. ثم جاء قراره بالتقاعد المبكر حباً في العيش والبقاء حيث عرف نفسه في المدينةالمنورة. مرحلة هندسية اخرى لكن المهندس المتقاعد لم يركن للراحة بعد تقاعده الى ما قبل اكثر من 20 عاماً ولان افكار التصميم والرسومات والتنظيم تعيش في داخله لجأ لمشروع فني آخر عمل فيه بخبرته واخرجه الى حيز الوجود. امسيات الجياشية منذ اكثر من ربع قرن يستقبل المهندس المشهدي ابن تاجر «القماش» الشهير في المدينة العديد من اصدقائه وزملائه واحبائه من اهالي «المدينة» الى منتدى يومي في «الجياشية» يلتقي فيه الطبيب والطيار ورجل الأعمال والضابط والمعلم والتاجر لقاءات بريئة واحاديث وذكريات من هنا وهناك تستمع اليها من رواد «الجياشية» وهي فعلاً لوحة او خارطة تواصل عمل على اعدادها المهندس طالب وشاركه في مرحلة منها عدد من ضيوفه وزواره سواء من المدينة او جدة او مكةالمكرمة وغيرها بل وضيوف المدينة من أي منطقة وعلى مدار العام. صالون للجميع واصبح «الجياشية» صالوناً للجميع يلتقون فيه مع ضيوفهم ويجددون فيه انواع الاطعمة وعبق «نعناع المدينة» وحلاوة «وردها» وطيب «تمورها» ومذاق انتاجها من الفواكه. أسماء ورموز هناك تستمع الى الحديث الجميل للشيخ يوسف الحيدري والمعروف هناك ب «ملك التمور» وقصص قديمة وماذا كان في المدينةالمنورة ويسرد العم محمد شيرة تجربته في وزارة الصحة والتي امتدت سنوات طويلة عاصر خلالها ثلاثة وزراء وتنصت «للعمدة» وهو ينقل تجربة اكثر من نصف قرن وكذا السيد «زهير حافظ» والمهندس « أحمد عثمان عبد الغفار» و»عبد القادر حمودة أبوفهد « أما شباب «الجياشية» فتراهم يستمعون لهذه التجارب باحترام شديد ويجدون خبرات يومية من هنا وهناك واحاديث لم يعهدوها وايام لم يوجدوا فيها إذاً فإن المنتدى «مدرسة» من الحياة. أيام باريس ولان منتدى «الجياشية» متنوع فان الحديث يتحول من الداخل الى الخارج والى اللواء «محمد حسن» الذي أمضى اكثر من 30 عاماً في باريس وسويسرا وحديثه عن تجربة الحياة خارج البلاد وعودته ليكون الاستقرار في المدينةالمنورة. أهل المدينة وأنت تستمع الى الروايات والمداخلات والقصص تتوقف امام اعتزاز اهل المدينة بانهم اهل دار الهجرة وانهم من اختارهم الله لمجاورة بيت وقبر رسوله صلى الله عليه وسلم الى جانب ما يتحدثون به عن «المطبخ المدني» وعلامات الحضارة وقدم العادات في الاكل والحياة وتنوع الفوائد في طيبة.. ويعدون انفسهم أصحاب «أولويات» وهم حقيقة أهل لذلك. شيء من ليلة في الاسبوع الماضي قضيناها في ضيافة «المهندس طالب» ومجموعة الجياشية الذين يشعرونك بالحفاوة والتقدير والاهتمام وحق لهم ذلك وهم جيران الرسول واحباؤه وهم الذين يفتحون بيوتهم وقلوبهم لكل قادم للمدينة وعلى مدار العام عرفوه او لم يعرفوه.. وهي لعمري قمة الحب والتواصل والتلاحم. خلق المدينة الصورة جميلة واللقاءات تتحدث عن خلق ونظام وتطبيق لمبادئ جميلة ورائعة هي «خلق المدينة» أو خلق أهل المدينة والذين يعتزون بأنهم يعيشون بل ويحرصون على السير في طريق رسمه المكان والزمان لهم. هنيئاً لأهل المدينة بها اختم بأن لقاء الجياشية يجمع ما بين الصورة القديمة وتصميم العمارة الحديثة في تمازج جميل مع موائد «المندي» والبخاري والعربي و»بريك» أهل المدينة المعروف.