في أحد الأيام القليلة الماضية انشغل تفكيري بموضوع قيادة المرأة للسيارة في المملكة، وأخذت أتساءل ترى إن سمح للمرأة بالقيادة هل سأجلس وراء المقود وأنزل للميدان وأذهب الى عملي بسيارتي؟! لكني وبالرغم من ولعي بالفكرة من باب التخلص من مشاكل السائقين وعدم ازعاج اي فرد من عائلتي بإيصالي لاي مكان أريده، إلا أني وجدت نفسي اضع شروطاً كثيرة ان توفرت سأسعد حقاً بالقيادة ودون تردد! قلت في نفسي سأقود ولكن حين يتم إزالة كل المطبات من الشوارع عدا الأماكن التي يجب ان تتوافر فيها كالمدارس والمستشفيات، وسأقود إن تعلم سائقو الحافلات وسيارات الأجرة القيادة بشكل صحيح، وسأقود إن توقف البعض عن الاتجاه من اقصى اليمين الى اقصى اليسار فجأة وبدون مقدمات، وسأقود إن توفرت شوارع خاصة للشاحنات المرعبة ذات الحجم الكبير التي أعتقد بأن سائقيها لا يدركون وجود غيرهم في الطريق، وسأقود إن تعلم الكثير من الإخوة اتيكيت القيادة فيستأذنك بالاشارة بيده حين يود أن يعبر بسيارته قبلك ويشكرك ملوحاً ايضاً ومبتسما بلطف حين تسمح له، وسأقود إن توقف البعض عن التلفظ بأسماء الحيوانات والمخلوقات الفضائية من نافذة سيارته ليجرح سائق آخر بها، وسأقود إن توقف البعض عن قطع الإشارة الحمراء وعن السباق في الطرق السريعة، وسأقود ان تم تطبيق عبارة " افضلية المرور لمن بداخل الدوار"، وسأقود إن توقف الصائمون عن القيادة بسرعة جنونية للحاق "بعزيمة" إفطار مع الأهل أو الاصدقاء! لم تنته الشروط التي وضعتها لنفسي للقيادة، لكني اكتفيت بذكر هذا القدر لأن مقالاً واحداً لا يكفي لذكرها جميعاً، الغريب حقاً أننا تعلمنا في مراحل مبكرة من الدراسة أن القيادة فن وذوق وأخلاق، إلا أن ما يجري في أرض الواقع يختلف تماماً وبشكل مخيف، ولا أفهم حقاً سبب السرعة الجنونية قبل موعد الإفطار في رمضان، فما المشكلة إن أفطر الإنسان في سيارته بتمرة وماء، وهو في طريقه إلى منزله وأكمل تناول طعامه مع عائلته وهو بصحة وسلامة ؟! لماذا يجازف بحياته وبحياة الآخرين ونحن في شهر الخير والبركة الذي نتعلم من خلاله معنى الصبر؟ القيادة مسؤولية كبيرة لا يدرك حجمها الكثير، ونحن بحاجة لتثقيف مستمر ومكثف للجميع بأخلاقياتها، فهي في النهاية سلوك تحكمه الأخلاق. * كاتبة ومذيعة