سلم الجيش الامريكي الى السلطات العراقية يوم أمس الخميس آخر السجون العراقية التي كان يسيطر عليها لينهي فصلا مشينا من الغزو الامريكي للعراق في عام 2003 الذي شهد احتجاز الآلاف دون توجيه اتهامات وأثار الغضب بعد الكشف عن تعرض نزلاء لانتهاكات. وسلم مسؤولون عسكريون أمريكيون نظراءهم العراقيين مفتاحا ضخما يرمز لمفتاح السجن في مراسم التسليم الرسمي التي أقيمت في عنبر بمعسكر كروبر القريب من مطار بغداد يوم أمس الخميس حيث يوجد آخر مركز اعتقال أمريكي في العراق. وقال المسؤولون الامريكيون انهم واثقون من أنه لن تحدث أية اساءة لمعاملة السجناء بعد نقل الاشراف للعراقيين. واعترف المسؤولون أيضا ببعض الاخطاء التي ارتكبت في السابق. وقال الميجر جنرال ستيفن لانزا المتحدث باسم القوات الامريكية في العراق للصحفيين قبل مراسم التسليم «بصراحة تامة تعلمنا من تجاربنا هنا.» وأضاف «تعلمنا من تجاربنا هنا ما يتعلق بعمليات الاحتجاز وعدم قدرتنا على أن نكون مستعدين لما واجهناه.» واعتقلت القوات الامريكية ما يقرب من 90 ألفا في السنوات السبع الماضية اما للاشتباه في أنهم من المسلحين الاسلاميين السنة أو أعضاء في ميليشيات شيعية. واحتجزوا لأشهر أو لسنوات دون توجيه اتهامات لهم قط في سجون مثل كروبر أو سجن معسكر بوكا الذي أغلق في العام الماضي وهو مجمع مبان مترامي الاطراف في الصحراء الجنوبية بالقرب من الكويت. وأدى الكشف في عام 2004 عن أن السجانين الامريكيين أساءوا معاملة السجناء العراقيين في سجن أبوغريب على مشارف بغداد وأهانوهم جنسيا الى اغضاب كثير من العراقيين وربما أدى ذلك الى تنامي الهجمات المسلحة في ذلك الوقت. وأمضى عدد من الصحفيين من بينهم مصور فوتوغرافي ومصور تلفزيون من رويترز شهورا في مركز اعتقال تابع للجيش الامريكي دون ابلاغهما حتى بالشبهات المتعلقة بهما. ولم يعد من حق الجيش الامريكي احتجاز عراقيين بموجب اتفاق أمني وقع في عام 2008 يمهد الطريق لانسحاب القوات الامريكية تماما من العراق بحلول نهاية عام 2011 . وسيبقى سجن معسكر كروبر مفتوحا لمدة عامين على الاقل في ظل السيطرة العراقية ولكن سيعاد تسميته ليصبح اسمه معسكر الكرخ. ويشيع التعذيب واساءة المعاملة في أرجاء مراكز الاعتقال العامة العراقية حيث السجون مكتظة والاعترافات وليست الادلة هي الاساس للادانة. ولكن وزيرة حقوق الانسان في العراق وجدان ميخائيل قالت انها كانت تشعر بالارتياح لقدرة وزارتها على مراقبة معاملة السجناء في سجن كروبر وغيره من السجون الامريكية السابقة. وقالت إن نقل الإشراف على السجون يعني نهاية نظام للقضاء العسكري احتجز بموجبه الجنود الناس لدواع أمنية فقط وليس بسبب جرائم ارتكبت. وقالت ميخائيل لرويترز أثناء مراسم التسليم «الآن هناك قدر من حكم القانون.» وأضافت الوزيرة التي كانت تتحدث بالانجليزية «هذا شيء عظيم جدا.. وتاريخي بالنسبة لنا أن نغير السيطرة في كل هذه المنشات من سيطرة أمريكية أو أجنبية الى سيطرة عراقية.» ولكن الجيش الامريكي لن ينسحب تماما من الاشراف على السجون في العراق. وسيواصل السجانون الامريكيون بطلب من السلطات العراقية احتجاز حوالي 200 من بين 1500 نزيل في سجن كروبر من بينهم متشددون من تنظيم القاعدة ومسؤولون سابقون في عهد الرئيس العراقي الذي أطيح به. وقال الميجر جنرال جيري كانون نائب القائد الامريكي لعمليات الاعتقال في العراق «من الواضح أن هناك عناصر من النظام السابق ومن القاعدة بين هؤلاء النزلاء.. انهم محتجزون خطيرون للغاية جرى اكتشافهم بين هؤلاء النزلاء.» ولم يقدم كانون ولا وزير العدل العراقي دارا نور الدين بهاء الدين تفسيرا لسبب المعاملة الخاصة لهؤلاء السجناء المأتين. وثمانية من هؤلاء السجناء المئتين مسؤولون سابقون في حكومة صدام حسين صدرت ضدهم أحكام بالاعدام. ومن بين المسؤولين الآخرين وزير الخارجية الاسبق طارق عزيز الذي سلم بالفعل لسلطات السجن العراقية. وقال وزير العدل العراقي في مراسم التسليم إن من سيبقون مع القوات الامريكية قد يتم تسليمهم للعراقيين.