رفع مدرب البرتغال كارلوس كيروش شعار اثبات جدارته من خلال قيادة البرتغال الى الدور نصف النهائي لمونديال جنوب افريقيا 2010 على اقل تقدير، وقرر ان يحقق مبتغاه عبر اللجوء الى اسلوب ال"كاتيناتشيو" الايطالي لكنه حرق هذه الورقة وربما نفسه ايضا لانه مني بالفشل بعدما اصطدم "سيليساو داس كويناش" بعقبة الاداء الشمولي الرائع للمنتخب الاسباني في الدور الثاني.قرر كيروش الاحتكام الى الاسلوب الدفاعي البحت لانه اراد تحقيق مبتغاه الشخصي في الوقوف بوجه وسائل الاعلام المحلية التي رأت فيه الرجل غير القادر الى الارتقاء الى مستوى التوقعات، خصوصا بعد معاناة المنتخب في التصفيات المؤهلة الى العرس الكروي العالمي حيث احتاج الى الملحق الاوروبي ليحجز مقعده في النهائيات على حساب البوسنة. وعد المدرب البرتغالي بالتخلي امام ابطال اوروبا عن الاسلوب الدفاعي البحت الذي اعتمده امام البرازيل (صفر-صفر) في الجولة الثالثة الاخيرة من دور المجموعات لانه كان بحاجة حينها الى ضمان التأهل الى الدور الثاني من خلال نقطة التعادل، لكنه لم يف بوعده بتاتا وحافظ على حذره الدفاعي المشابه تقريبا لل"كاتيناتشيو" الذي اعتمده الايطاليون في السبعينات والثمانينات والذي اشتهر لاول مرة مع المدرب الارجنتيني هيلينيو هيريرا مع انتر ميلان خلال الستينات، حارقا ورقاته الهجومية المتمثلة بكريستيانو رونالدو وصانع الالعاب ديكو الذي بقي على مقاعد الاحتياط، ولييدسون وسيماو وهوغو الميدا الذي لعب وحيدا في خط المقدمة، معتمدا على الهجمات المرتدة وحسب رغم الترسانة الهجومية التي يتمتع بها. لعب كيروش بثماني دفاعي "مقنع"، لان الرباعي ريكاردو كوستا وريكاردو كارفالو وبرونو الفيش وفابيو كوينتراو الذي شغل مركز الظهير الايسر بدلا من دودا بعد ان لعب كجناح امام البرازيل بهدف ايقاف توغلات مايكون ودانيال الفيش، شغل الخط الخلفي ومن امامه قلب الدفاع بيبي ثم لاعبي الوسط راوول ميريليس وتياغو اللذين تولا مهام لاعبي الوسط المحوريين الدفاعيين ايضا، فيما تراجع الجناح سيماو الى المنطقة الدفاعية ايضا، في حين كانت المهام الهجومية محصورة بهوغو الميدا كرأس حربة وكريستيانو رونالدو على الجهة اليسرى، فوجد الاخيران نفسهما معزولين تماما رغم ان الاول قام بمجهود مميز واقلق الدفاع الاسباني بعض الشيء. اراد كيروش الاحتكام الى الاسلوب الدفاعي الايطالي، والمفارقة ان الايطاليين انفسهم هجروا هذا الاسلوب واكبر دليل على ذلك انهم تخلفوا في المباريات الثلاث التي خاضوها في الدور الاول قبل ان يتنازلوا عن اللقب الذي توجوا قبل اربعة اعوام.واجه كيروش حملة اعلامية كبيرة خلال التصفيات المؤهلة للعرس الكروي بسبب الاداء المتواضع الذي ظهر به المنتخب البرتغالي، واراد ان يحمي ظهره في النهائيات لكن انتهى به الامر ليكون موضع سخرية مجددا كما جر معه الى مهرجان الانتقادات كريستيانو رونالدو الذي "مر بالقرب من المونديال" بحسب صحيفة "بوبليكيو" الصادرة اليوم الاربعاء.رأت الصحف المحلية سابقا ان عيب المنتخب انه يقدم اداء جيدا مع كيروش لكنه لا يترجم افضليته امام خصومه الى اهداف، لكن الوضع كان مختلفا تماما في المونديال لان "سيليساو داس كويناش"، وباستثناء مباراته مع كوريا الشمالية المتواضعة، لم يهدد مرمى خصومه الا في حفنة من المناسبات لانه كان منشغلا باغلاق المنافذ وتشكيل السد الدفاعي الذي لم ينفع كثيرا امام المد الهجومي الاسباني. بدأت الانتقادات الموجهة الى كيروش منذ الجولة الثانية من التصفيات عندما خسرت البرتغال على ارضها امام الدنمارك 2-3، وسخرت صحيفة "آ بولا" حينها منه مشيرة الى ان اخر هزيمة لمنتخب بلادها على ارضه ضمن تصفيات كأس العالم تعود الى 15 عاما عندما كان حينها...بقيادة كيروش.وكان كيروش اشرف على منتخب بلاده بين 1991 و1993 وفشل في تأهيله الى مونديال 1994 في الولاياتالمتحدة، الا انه نجح هذه المرة في تجنب الاحراج والاقالة من منصبه بعد ان تجاوز رجاله الصعوبة التي واجهتهم في الجولات الاولى حين حققوا فوزا وحيدا في أول 5 مباريات، ليحتلوا المركز الثاني في المجموعة الاولى خلف الدنمارك، متقدمين على السويد الثالثة بفارق نقطة واحدة، فخاضوا الملحق وتخطوا البوسنة 2-صفر بمجموع المباراتين رغم غياب رونالدو بسبب الاصابة.وترى وسائل الاعلام المحلية بان البرتغال قدمت افضل العروض بقيادة البرازيلي لويز فيليبي سكولاري الذي انتقل الى تشلسي الانكليزي بعد قيادة "برازيل اوروبا" الى نهائي كأس اوروبا 2004 ونصف نهائي مونديال 2006، تاركا مكانه لكيروش الذي كان يشغل منصب مساعد مدرب مانشستر يونايتد الانكليزي اليكس فيرغوسون، لان الاول عرف كيف يدير المباريات وينهيها بالفوز "وهذا ما سيبقى عالقا في الاذهان"..لكن كيروش الذي يشرف على جميع المنتخبات البرتغالية (الاول والاولمبي والشباب) رغم ان تجربته كمدرب لم تكن ناجحة خصوصا مع ريال مدريد الاسباني (2003-2004) ومنتخب الامارات (1997-1999) ومنتخب جنوب افريقيا (2000-2002) اضافة الى منتخب بلاده الاول، وضع لنفسه هدفا بان يسكت هذه الانتقادات وان يكرر ما حققه سكولاري في 2006. "البرتغال هي بين المرشحين الاربعة الاوائل"، هذا ما قاله كيروش قبيل النهائيات، لكن الوضع تغير بشكل مؤكد بعد امسية امس الاربعاء وقد اكد "كيروش بانه مدرب دون طموح" بحسب صحيفة "دياريو دي نوتيسياش".أمل كيروش الموزمبيقي الاصل والمولود في الاول من مارس 1953 في نامبولا، ان تكون المغامرة البرتغالية الخامسة في النهائيات بعد اعوام 1966 (ثالثة) و1986 و2002 (خرجت من الدور الاول) و2006 (رابعة) ناجحة لكي يحذو حذو مانويل دا لوز افونسو وسكولاري اللذين هندسا وصول المنتخب الى دور الاربعة سابقا، لكنه مني بالاخفاق كما كانت حاله عندما كان لاعبا ما دفعه للتحول الى التدريب باكرا مع منتخب بلاده لدون 20 عاما، قبل ان يستلم المنتخب الاول من 1991 حتى 1993 عندما مني بفشل عدم التأهل الى نهائيات 1994. اراد كيروش ان يعتمد الاسلوب الاكثر "امانا" بالنسبة له شخصيا لكن ذلك لم يحم ظهره على الاطلاق واصبح مهددا بشكل فعلي في الاقالة من منصبه لان "البرتغال اقصيت بسبب اخطاء كيروش" بحسب "دياريو دي نوتيسياش"، و"ماذا فعلنا لنستحق ذلك؟" بحسب "بوبليكو".