افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزير أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس مؤسسة الفكر العربي أمس بالعاصمة اللبنانية بيروت ورشة عمل المؤسسة بمناسبة مرور عشر سنوات على إطلاقها . حضر افتتاح فعاليات ورشة العمل التي تستمر يومين، صاحب السمو الملكي الأمير محمد العبدالله الفيصل، وصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد الفيصل وأعضاء المؤسسة . وألقى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في بداية أعمال الورشة الكلمة التالية: إنه قبل عشر سنوات كانت هذه المنارة بيروت تحتفل في أزهى حللها عاصمة للثقافة العربية، وتشرفت بدعوة كريمة لإلقاء كلمة بالمناسبة دعوت فيها إلى قيام مؤسسة الفكر العربي بعدما راوح المشروع في خاطري أمدا ليس بالقصير. كنت كأي مواطن عربي أرى البون يزداد اتساعا بين عالمنا العربي وبين العالم الذي ركب قطار العصر وقطع أشواطا بعيدة في مجالات تطوير العلوم والتقنية وتسارع حركة العولمة تعلن عن ميلاد عالم جديد عالم الكيانات الكبيرة يمثله بجلاء قيام الاتحاد الأوروبي الذي أدركت دوله التحول العصري فتجاوزت كل ما كان بينها من خلافات وحروب. أما المشهد العربي بكل مقومات توحده فلا يزال جزرا شبه معزولة والجسور بينها هشة ومعدلات التنمية في معظمها تحتل ذيل القائمة عالميا مع أن مقوماتنا الطبيعية في ازدياد وعقولنا المهاجرة تشارك في صنع النهضة لغيرنا والعائق الأهم بزعمي هو غياب الدور التأثيري للمفكر في مجتمعه وشيوع تصنيفه بين موال للسلطة اومعاد لها أو منطو صامت تجاه الموقف برمته ولا شك أن مناخا كهذا قد أدى إلى غياب الفكر عن دوره الطليعي في قيادة المجتمع العربي إذا كانت محاولات التقارب العربي لا تزال تواجه العراقيل والمفارقات في مجالات عدة فإن مجال الفكر هو المشترك الأكبر لهذا التقارب. إن رعاية الفكر بتوفير آلياته وتفعيل منتجاته تحتاج إلى التمويل ومع الاعتمادات المتفاوتة للدول العربية لهذا الغرض والتي تبدو غالبيتها متواضعة فإن الكثير من رجال المال والأعمال العرب المدركين لمسؤوليتهم تجاه أمتهم يبحثون عن آلية يساهمون من خلالها في النهوض بها من كبوتها. من هنا جاءت دعوتي لاجتماع المفكرين و رجال المال و الأعمال العرب في مؤسسة أهلية توفر مظلة حرة للتفكير و الحوار تنظر في و سائل تطوير العمل العربي المشترك و تعيد المفكر إلى موقعه الطليعي في المنظومة الاجتماعية و تمهد الجسور بينه و بين السلطة لمصلحة المشروع النهضوي المنشود. استجابت نخبة كريمة من رجال المال و الأعمال للدعوة فانعقد المؤتمر التأسيسي في القاهرة مطلع يونيو 2001 حيث تم الاتفاق على حصة العضو المؤسس بمليون ريال تشكل في مجموعها وديعة يصرف من عائدها فقط مع الاحتفاظ برأس المال ضمانا لاستمرارية المشروع كما تم اختيار بيروت مقرا للمؤسسة و تشكيل لجنة علمية تحضيرية للاجتماع التالي. وفي أكتوبر 2010 شهدت بيروت الاجتماع الثاني الذي ضم مع المؤسسين نخبة كبيرة من مشاهير الفكر العربي في التخصصات المختلفة للنظر في نتائج الاجتماع التأسيسي و ما توصلت إليه أعمال اللجنة التحضيرية و انتهى الاجتماع على النظام الأساسي و الأهداف العامة السبعة للمؤسسة، واعتماد القاهرة المحطة الأولى للمؤتمر السنوي بنهاية العام 2002 والإعلان عن مسابقة لتصميم شعار للمؤسسة. انطلق العمل بنظام مؤسساتي و بالجهد الجماعي لكل أعضاء المؤسسة فتوالت مؤتمرات المؤسسة السنوية حول قضايا الساعة التي تهم العرب و زيادة في العناية بالمؤتمر أصبح مؤسسة بذاته تحت مظلة المؤسسة الأم كما نظمت المؤسسة ملتقى للتربية و التعليم العربي تحولت به مؤخرا مشاريع تطبيقية في المجال ذاته و أطلقت مبادرتها لنشر التعليم الرقمي في مشاريع تطبيقية في المجال ذاته و أطلقت مبادرتها لنشر التعليم الرقمي في المواطن العربية الأقل دخلا و بعد تنظيمها لملتقى الترجمة انطلقت إلى إصدار سلسلة سنوية تنقل تجارب الغير الناجحة في التنمية عموما. كما تصدر المؤسسة تقريرا سنويا عن التنمية الثقافية العربية و رغبة في إثراء الحوار العربي البيني أصدرت المؤسسة / حوار العرب/ دورية مطبوعة تعرض الأفكار على الساحة العربية بكل أطيافها ولتوسع دائرة المشاركة والتأثير تحولت المطبوعة إلى برنامج مرئي تبثه / قناة العربية/ تحت العنوان ذاته ويلقي نسبة عالية من المشاهدة والاهتمام ، ومن إحدى فعاليات هذه المؤسسة انطلقت مؤخرا الدعوة إلى عقد قمة عربية للثقافة اعتمدتها القمة العربية الأخيرة وكذلك أقامت المؤسسة شراكات مع عدة مؤسسات في اختصاصها وكما دعت الغير من الشرق والغرب لحضور فعالياتها كان لها في المقابل حضور في المؤتمرات العالمية التي شاركت في بعضها . وفي مجال اهتمامها بتحفيز الإبداع بدأت المؤسسة برصد جائزة لكل من الرواد والمبدعين والموهوبين العرب تحولت إلى / جائزة الإبداع العربي/ في سبعة أفرع بقيمة خمسين ألف دولار لكل فرع واهتمت بالشباب بتخصيص مناشط له ومواقع في المؤسسة ومنحة أولوية الفوز بالجائزة إذا توازت الأعمال. تجدر الشهادة بأنني في جولتي بعد المؤتمر التأسيسي للتعريف بالمؤسسة لدى القادة العرب وجدت الكثير من التفهم والترحيب والاستعداد لبذل العون وقد أوفى القادة بما وعدوا من خلال رعايتهم الكريمة ودعمهم لمؤتمرات / فكر/ ومنتدياتها وحضور كبار المسؤولين من رؤساء الوزراء والوزراء لفعالياتها والمشاركة في أطروحاتها وحواراتها وتمكين المؤسسة من عقد اللقاءات المفتوحة بين بعض رؤساء الدول والحكومات العربية والمفكرين والمثقفين وقد شهدت بيروت فخامة الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة ودولة الرئيس اللبناني رفيق الحريري يرحمه الله في لقاءين حين حاورهم المفكرون والمثقفون العرب في كل القضايا بشفافية وموضوعية قاربت كثيرا بين أطراف الحوار. ومنذ المؤتمر السنوي الأول في القاهرة أخذت المؤسسة زمام المبادرة بطرق كل ما يهم الشأن العربي دون استثناء بهدف استقصاء شفاف وشامل للأسباب لذلك طرحت الموضوعات التي لم تكن تحظى من قبل بطرحها أو المسكوت عنها لغير سبب فكان النظام البرلماني العربي والشورى والأديان السماوية والهوية العربية مثالين ضمن محاور مؤتمرها تم تواصل أمر فعاليات المؤسسة على النهج ذاته. لقد حرصت المؤسسة على ألا تخرج فعالياتها كما هو معهود بتوصيات قد تشوبها حساسية الإلزام بل بمجموعة أفكار مدروسة وجاهزة للتطبيق يخرج فيها ما يمكن من يحضر من المسؤولين فعاليات المؤسسة ومن تصله أبحاثها لعله يجد فيها ما يمكن أن يوظفه في موقعه بما يناسب الحال. وإنّ تنقّل مؤتمر/ فكر / وفعاليات المؤسسة الأخرى بين البلاد العربية قد أثمر عن حزمة فوائد من أهمها: التعريف بالمؤسسة مباشرة على أكبر رقعة جغرافية مستهدفة بما يعزز حضورها والتواصل بينها وبين المواطن العربي حيثما كان كما إن المؤتمرات الفكرية والثقافية التي لم تكن تحظى بالتشجيع في المشهد العربي نشطت حركتها وتعددت محطاتها ربما في ما يشبه التنافس الحميد. لعل من أهم ما يشجع مسيرة المؤسسة ويؤكد سلامة منهجها أن القضايا التي حظيت باهتمامها الفائق حتى خصصت لبعضها الملتقيات الدورية وأنتجت لخدماتها المشروعات التطبيقية ومنها التعليم والترجمة هذه القضايا نفسها تبنتها بالاهتمام والتطوير قرارات القمم العربية. بعد هذه القراءة لأهم خطوات المسيرة أتوجه بالشكر لبهيّة الحريري التي دعت لهذا اللقاء وما كان أحوجنا إليه لتقييم الماضي والتخطيط السليم للحاضر والمستقبل ووضع التصورات الكفيلة بتسريع حركة المؤسسة وتفعيل أثرها في خدمة أهدافها المتعلقة بمشروع النهضة العربية وكذلك للبت في اعتبار مؤتمر فكر 9 في بيروت هذا العام امتدادا لأعمال هذه الورش أم أن يكون المؤتمر قائما بذاته على عنوان آخر. كما لا يسعني، إلا أن أشكر كل الإخوة في مجلس الأمناء ومجلس الإدارة والأعضاء المشاركين والاستشاريين والأمانة العامة على جهودهم المخلصة وحرصهم الأكيد على نجاح المؤسسة وتطويرها. وأتمنى على ورش العمل أن تعتمد المصارحة والشفافية والدليل مظلة ثلاثية للنقاش وحتى نستغل وقت الاجتماعات القصير للوصول إلى تحقيق إنجاز أساسي يحدد الركيزة التي تنطلق منها المؤسسة في بداية عقدها الثاني. دعوني أيها الإخوة الأفاضل أقترح عليكم أن تقتصر نقاشاتنا في ورش العمل على مبحثين حصرا لاختيار الأفضل منهما الأول: أن تستمر المؤسسة على النهج القائم حاليا مع التطوير والتحديث الطبيعي لمناشطها.. والثاني أن تتحول المؤسسة إلى مركز للأبحاث والدراسات والعصف الذهني وتصدر عنه سنويا أبحاث وتقارير ثقافية واقتصادية وإعلامية وتعليمية واجتماعية وغيرها خاصة أن تقرير التنمية الثقافية العربية ومشروع حضارة واحدة قد لقيا قبولا واسعاً في الدائرة العربية بحيث يناقش المؤتمر السنوي (فكر) هذه التقارير مع مواصلة المؤسسة تحفيز الإبداع باستمرار تبنيها جائزتي الإبداع العربي وأفضل كتاب عربي وتعظيم تواصلها مع المواطن العربي من خلال البرنامج التلفازي حوار العرب. بعد ذلك جرى تكريم عدد من أمناء المؤسسة ومن بينهم صاحب السمو الملكي الأمير محمد العبد الله الفيصل وصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد الفيصل و بهيه الحريري وعدد من المفكرين ورجال الأعمال . كما أعلن عن انضمام عدد من الأعضاء الجدد للمؤسسة فيما صافح سمو الأمير خالد الفيصل عددا من المفكرين . ومن المقرّر أن تبدأ في وقت لاحق اليوم أولى جلسات ورشة العمل التي ستناقش استراتيجية العمل في ضوء الأهداف السبعة التي انطلقت منها المؤسسة . كما تناقش جلسات عمل الورشة على مدى يومين، مسيرة عمل مؤسسة الفكر العربي في عشر سنوات وما أنجزته واحتياجاتها للتطوير والرؤية المستقبلية للمؤسسة وبرنامج / فكر 9 / الذي ستستضيفه العاصمة اللبنانية بيروت في شهر ديسمبر المقبل والبحث عن آفاق التطوير .