جوشير مرض وراثي خطير ينتشر في كافة أرجاء العالم ولكنه يكثر في الدول ذات النزعات القبلية التي تشدد على زواج الأقارب من الدرجة الأولى، وقد يصيب نحو عشرة آلاف شخص مريض في العالم من الاطفال والبالغين، كما يولد الطفل المصاب بمرض جوشير غالبا من زواج أبوين حاملين للمرض بنسبة %25 ، أو أن يكون احد الأبوين مصابا بنسبة %.50 والسبب في تسمية المرض بجوشير نسبة إلى الطبيب الفرنسي فيليب شارلز أرنست جوشير، الذي وصف المرض وهو طالب في كلية الطب لأول مرة عام 1882 م من مريض كان يعاني من كبر حجم الطحال والكبد، واستطاع طبيب ألماني عزل المواد الشحمية من طحال المريض وبعد عشر سنوات استطاع الطبيب الفرنسي التعرف على هذه المواد والتي وجدت في كريات الدم الحمراء والبيضاء . يبين الدكتور عبد الرحيم قاري استشاري أمراض الدم والأورام أن هذا المرض عبارة عن تراكم بعض المواد الدهنية داخل الخلية بسبب نقص إنزيم يقوم بهضم هذه المواد والذي يرجع عدم وجوده لعوامل وراثية مما ينتج من هذا التراكم كبر الخلايا ومنعها من القيام بعملها الطبيعي . ويوضح ان تراكم خلايا جوشير قد يكون في الطحال والكبد ونقي العظام، كما يمكن ان تتراكم في الجهاز اللمفاوي والرئتين والجلد والعين والكلية والقلب والجهاز العصبي . وينوه قاري ان تراكم خلايا جوشير في الطحال يسبب التضخم والزيادة في نشاط الطحال وبالتالي يزيد حجمه 25 مرة مما يؤدي الى انتفاخ البطن حيث يبدو بطن المصاب شبيها ببطن السيدة الحامل، كما يؤدي الى فقر دم نتيجة تكسر كريات الدم الحمراء ونقص الكريات يؤدي الى الوهن والشعور بالتعب وتدني مستوى الطاقة وضعف الهمة . ويعاني بعض المصابين بنزف الأنف الشديد واللثة والنزيف المصاحب للعادة الشهرية شديد وطويل المدة . وفي حال وقوع المريض يصاب بكدمات زرقاء فورا و تظهر بقع مسطحة أرجوانية اللون حول العينين، وقد يتأخر نمو الأطفال ويتأخر بلوغ الفتيات حتى سن العشرين، وعند عدم مواجهة المرض فإن الحالة قد تؤدي الى الموت . ويشير الدكتور عبد الرحيم أن علاج هؤلاء المرضى يتمثل في زرع نخاع أو تعويض الأنزيم المفقود حيث أمكن بالتقدم العلمي وبتطور التكنولوجيا الحيوية استطاع العلماء اكتشاف دواء فعال وهو عبارة عن تعويض الأنزيم المفقود في مريض جوشير بمادة تسمى " اميجلوسيراز " وقد بينت الأبحاث أن هذا النوع المتطور قد قلل الكثير من الأعراض وعلامات مرض جوشير واستطاع ان يحد من تطور المرض، وقد عولج بهذا الدواء مايقارب 12000 حالة على مستوى العالم .