إنها الواحدة والنصف ظهراً كنت اشرب الشاي المر بصعوبة تقريباً.. و تقريبا اقرأ الجريدة.. و تقريباً أشاهد برنامج عن قضايا المرأة عبر احد القنوات الفضائية وتقريباً استمع الى صوت جارتي المطلقة وهو يضج في أرجاء العمارة.. مرة تتخاصم مع حارس العمارة.. ومرة تصرخ في أوجه الأطفال.. ومرة تتعارك مع نساء والرجال معاً.. الكل تخاصمت معهم.. حتى مع نفسها تخاصمت.. الخصومة لديها نكهة خاصة تتلذذ بها.. .. إن لم تتشاجر مع احد.. تصب بالصداع النصفي.. هكذا جارتي المطلقة في دوامة الخصم ودوامة المشاجرات الفكاهة. حياتها لا تكفي لتدوين تفاصيلها ما اقتنيته من كشكول مذكرات عادية! جارتي لا يمكن للنصيحة أن تكون ماحقة فيها ما لم ينطبع في قلبها صفاء النفس.. وسمو الروح ورقة الوجدان.. ولمحة الخاطر.. وانتباهه الضمير بموعظة حسنة.. لأنها تمتلك الخصومة المعادية لكل شيء.. أو أنها لا تتعرف بإصلاح ذات البين، ولا يمكنها التمتع بحلاوة الكلام.. لان بلعومها ملتهباً دوماً.. فهي تحتال لذلك بإيقاد نيران العداوة في قلوب الجيران.. فإذا اشتعل اللهب في داخلها.. استمتعت برؤية نفسها وهي تحرق حاضر الجيران على بكرة أبيهم.. وقد تنعت الرجال بالعبيد.. والجاريات للنساء.. والتجريج من لسانها كأسوط الظالمين على ظهور الضعفاء فنفسها متعالي.. أو مختالة فخورة بتحريرها من قيود الرجل.. أو. قالوا لي الجيران ها هي مملكة الموتى بشدقيها، وأنا في أمعائها الغليظة، وسرعان ما تتغوطك إلى الحجيم وبئس المصير.. فعرفت وأيقنت ان المرأة المطلقة.. ما من جنة تعيش فيها برغد ولا من جحيم بان تعتدل فيها.. أيقنت وأيقنت وتأكدت أنها نزهة ناقصة عقل وغليظة لا تساوي قيمة حبة شعيرا.. نزهة حقدا وضغينة.. وقد خرجت للتو من ملكوت رجل عصامي.. وما من أحلام تشابه معه إلا حلم ما تعيشه بإفراط وإسراف كأن الطلاق واضح وأن صوتها ينهش كالسرطان "أنت الجسر والماشية وجمهرة معابر بلا ضفاف". يكفي ياقلمي ذلك في جارتي المطلقة.. فإن دونت أكثر سأصافح الضغائن.. فاني احتبس الغل في أفئدتي.. وأتلمس متنفسا في وجوه من يقع معي في شجار.. فلا أستريح إلا إذا أرغي وأزبد وآذي وافسد واحقد كل إنسان.. لهذا اعتبرت تصرفات جارتي المطلقة أنها من العدم تنتمي لرونقه وصفائه وعطالةٍ هي كل ما تطمح، وأنها مجرد نزهة ثورية ضد التسامح والآلفة إلى حد الضغينة تلك الشرارة المفتعلة، في علاَّقة الأخطاء ومخافتها على هدي نورها الذي ما كان له أن يضيء ما لم يعتِّم كل شيء في داخلها من وراء ما جرى لها من خلفيات.. ومشاكل وقسوة طليقها الذي لا يذكر أن المودة والرحمة اجتمعت بينهما.