دار نقاش طويل حول المصاعب التي يواجهها رجال الأعمال اليوم في ظل التحول الإقتصادي الكبير الذي يشهده العالم. أحدهم نصح بعدم الدخول في شراكات مع أي من رجال الأعمال والمستثمرين، وقال بالنصّ، "إِحذر من كلمة شوك، وهي شراكة، وكالة وكفالة." نعلم جيداً المصائب التي يقع فيها من يقوم بكفالة أي إنسان، خصوصاً في القضايا المالية، وكيف أن الكثير منهم انتهى به الحال بالإفلاس، أو السجن، والقصص على ذلك كثيرة، ونعلم أيضاً المصائب التي تقع على من يعطي وكالة، وكيف أن الكثير من الموكلين، وقعوا ضحايا للنصب، وخصوصاً سيدات الأعمال، والشواهد على ذلك كثيرة. إلا أن الشراكة هي ركن أساسي في الأعمال، وقصص النجاح فيها كثيرة، كما هي قصص الإخفاقات. إن الإستعانة بمستثمر كشريك، تعني الزيادة الفورية لرأس المال، والتدفق النقدي هو شريان الحياة لأي عمل تجاري، ومع الدعم المالي من المستثمر، يمكنك الحفاظ على سير العمل بسلاسة، كما أن المستثمر في الغالب لديه سنوات من الخبرة التجارية، وشبكة من الاتصالات المهمة. ويمكن أن يفتح هذا الأبواب أمام البائعين والموزِّعين والمصنِّعين والمعلنين وحتى العملاء المحتملين. ومن خلال الاستفادة من خبرة المستثمر واتصالاته، يمكن تحّسين إدارة العمل، والوصول إلى السوق بشكل كبير، ووضع الشركة في وضع يسمح لها بالنمو بشكل أسرع، وأكثر استدامة. مع الدعم المالي، والخبرة من المستثمر، يمكن أن يصبح الطريق إلى النجاح والنمو أكثر قابلية للتحقُّق، وتصبح القرارات التي بدت ذات يوم محفوفة بالمخاطر، أو بعيدة المنال، أكثر جدوى. يسمح لك رأس المال الإضافي، باغتنام فرص النمو، بشكل أسرع من الاعتماد على التدفق النقدي الحالي، أو التمويل الشخصي وحده. إنني أستمتع كثيراً بالجلوس مع كبار السن من روّاد الأعمال، وأجد في كلامهم الكثير من الحِكمة، إذ يقول رجل الأعمال الكبير السن، إن دعم المستثمر المالي، يقود إلى التخلي عن بعض السيطرة على العمل، وقد يكون التدخل إيجابياً، ولكن في كثير من الأحيان يكون على غير هوى رجل الأعمال الذي قد يضطر إلى الرضوخ لطلبات المستثمر، وهذا غير جيّد من وجهة نظره، ويؤكد على أن مشاركة المستثمر في الخطط والقرارات الإستراتيجية، يقتل الشغف في المضي قُدماً، وإلى النجاح، ويشدِّد على أهمية الإستقلال في جميع الجوانب الخاصة بالعمل، حتّى وإن كان ذلك صعباً. المستثمر لا يهمه أن تحقِّق أحلامك، بقدر ما يهتم بزيادة الإيرادات حتى يكون المشروع الخاص قابل للبيع بسعر جيّد، حتى يسترد رأس ماله مع ارباحه، فما تراه أنت حلماً، هو في الواقع فرصة للمستثمر لمضاعفة الربح على حساب مشروع العمر الذي كنت تخطط له منذ سنوات، واستشهد هذا الرجل بالمقولة الشهيرة، (إن مصير السفينة التي لها قبطانان، أن تغرق.) على صاحب المشروع، أن يكون هو المتحكِّم في عمله بشكل مطلق، وإن وجد المستثمر، -وهذا مستحيل في عالم الأعمال-، ممّن يرضى أن يموِّل المشروع دون التدخل فيه، فهذا أمر جيّد، علماً بأن إدخال شريك إلى أي مشروع، يعني خلافات لن تنتهي، وهذا يعيق أي تطوير، أو بناء للمشروع. قد أتفق نوعاً ما، مع كبير السن، في جزئيات كثيرة ممّا يقول، وبالرغم من أهمية جذب مستثمر لأي مشروع، فأنا أحب الأعمال التي تتخلَّلها المخاطر، فبدون مواجهة المخاطر، لا يمكن لأي إنسان أن ينمو، ويزداد صلابة. أعشق التحدّيات، وأعشق وضع الإستراتيجيات لأي مشروع جديد، أفشل في بعضها وأتعلم، وأنجح في بعضها الآخر، وأستفيد من تلك التجربة. كلا الخياريْن بالنسبة لأصحاب الأعمال، صحيحيْن، ويبقى أن تختار بين الطريق الصعب، ومواجهة المخاطر وحيداً، أو الأسهل في الحصول على شراكة استراتيجية، قد تقود إلى فقدان السيطرة على اتخاذ القرار.