قد تفاجأ الحامل، عندما تعلم أن طبيبها، رتّب لإجراء تحليل، يظهر إذا ما كانت مصابة بحالة مزمنة من حالات التهاب كبد نوع باء. منذ نهاية ثمانينيات القرن الميلادي الماضي، أصبح هذا التحليل يُعمل بشكل روتيني خلال الحمل. و ذلك بغض النظر عن تاريخ الحامل المرضي ، بمعنى: هل سبق لها أن أصيبت بالتهاب كبد من نوع باء أم لا من قبل ؟ أو هل سبق أن اشتكت من أعراض تجعل شبهة حدوث هذا الالتهاب في الماضي قائمة؟ و ربما لو تأكد للطبيب أنه قد سبق لها أخذ كل جرعات التطعيم ضدّ التهاب الكبد الوبائى، فإنه سينصح بنفس الإجراء الذي سبقت الإشارة إليه، إذ رغم أن التطعيم، يُفترض أن يُعطى مناعة دائمة ، أي طوال العمر، إلا أن هناك شكوكاً معتبرة في أن مستوى المناعة النشيطة الناشئة عن التطعيم، قد يضعف مع الوقت. ولذا فإن كل المعرّضين للإصابة بفيروس التهاب الكبد فئة باء، ينصحون بعمل تحليل تقاس فيه درجة المناعة عندهم، و لو وُجد أنها منخفضة، يعاد تطعيمهم إما بإعطاء جرعة تنشيطية، أو بإعادة التطعيم بكامل جرعاته، علماً بأن الفئة المعرّضة لهذا الخطر تشمل كل من يتعامل مع سوائل الجسم ، كالجراحين الذين قد يصابون خلال إجراء عملية جراحية لمريض حامل للفيروس أو عامل في المختبر، مهمته أن يفحص الدم ، و يمكن أن تنتقل العدوى عن طريق الإتصال الجنسي، أو استعمال إبر ملوّثة، كما يحدث بين مدمني المخدرات، علماً بأن هناك توصيات بإعطاء الجميع مهّما كان عمرهم، التطعيم في حالة عدم التأكد من تعاطيه مسبقاً، بغضّ النظر عن عوامل الخطورة، فليست كل عوامل الخطورة، ممّا يمكن الإفصاح عنه. و قد أعلنت منظمة الصحة العالمية عن برنامج عالمى يشمل الدول منخفضة الدخل و الدول متوسطة الدخل للتخلُّص النهائى من التهاب الكبد الوبائى فئة باء بحلول عام 2030م. و في حالة الحامل، فإن الأم الحامل للفيروس أو المصابة بالتهاب الكبد المزمن فئة باء، تنقل الإصابة إلى طفلها خلال تعرضه للسوائل المهبلية وهو فى طريقه للحياة الدنيا. عادةً ما يتم إعطاء الطفل الجرعة الاولى من التطعيم قبل مرور أربع وعشرين ساعة على الولادة، و هذه الجرعة تستفز الجهاز المناعى للجسم ليكون أجساما مضادّة لفيروسات التهاب الكبد، و هذا ما نسمّيه المناعة النشيطة ، و لكنه خلال الفترة بين أخذ التطعيم و تكوين الأجسام المناعية المضادة، يكون قابلاً للالتهاب ، و لذا فإنه في حالة كون الأم حاملة للفيروس، أو لديها حالة مزمنة من التهاب الكبد باء، فإنه لا يكفى لحماية الطفل مجرد اعطاء التطعيم، بل يتعين اتخاذ إجراء إضافى، و هنا نقوم بإعطاء الطفل سائلاً يحتوي على أجسام مناعية مضادّة، جاهزة للتصدّى للفيروس، وهذا ما يسمى بالمناعة السلبية ، وكلمة السلبية تعنى أن الجسم لم يجهزها بنفسه، وهى تعمل في الحال و ينتهي مفعولها بعد فترة، و بالتالى فإنها تحمي الطفل خلال الوقت الذي يستغرقه لإنتاج المناعة النشطة إستجابةً للتطعيم. إن الإصابة بالتهاب الكبد فئة باء المزمن، تعرِّض الإنسان إلى تشمع الكبد و سرطان الكبد و الوفاة المبكِّرة. ولذا فإن حماية الطفل، تقتضى معرفة حالة الأم خلال الحمل، تمهيداً للتصرف الوقائى الصحيح.