من الطبيعي أن يسيطر موضوع المساس بمكافأة طلاب الجامعات على حديث الناس في الأيام الماضية ، ذلك أن من أكثر ما يثير الناس ويجلب غضبهم هو المساس بأمورهم المادية، فالمال عصب الحياة. ومازالت الناس تتذكر ذلكم الحديث الشهير من مسؤول في مؤسسة التقاعد عندما قال إن تناقص مدخرات صناديق التقاعد والتأمينات ،مرده أن معدلات أعمار المتقاعدين آخذة في الارتفاع ما يعني أنهم يعيشون سنوات أكثر وبالتالي يحصلون على مزيد من رواتب التقاعد والتأمينات.. وتتذكرون أن عاصفة شديدة من الغضب ثارت حينها ضد ذلكم المسؤول. اليوم يتكرر السيناريو ذاته بحق طلبة الجامعات عندما اقترح أحدهم إلغاء مكافآت طلبة الجامعات، وفرض رسوم على الدراسة الجامعية. نكاد نجزم أن كل من تلقى تعليماً جامعياً ،كانت المكافأة البسيطة تعني له شيئاً كبيراً ،وكانت تشكِّل مورداً مالياً يعيل منه نفسه ،ولا نبالغ إن قلنا إن كثيراً من طلبة الجامعات كانوا يساعدون أسرهم بشراء بعض الاحتياجات من المكافأة التي كان يحصلون عليها، بل إن بعض الأسر تفرح عندما ينتظم إبنها في الجامعة لكي يساعدها في مأكل وملبس ممّا يفيض من مكافأته، بل كان بعض الطلبة يقتر على نفسه ليمنح والديه وإخوته ما تستقيم به حياتهم في حدودها الدنيا. تماماً كما كان السكن الجامعي المجاني ، أحد أهم المحفِّزات على مواصلة التعليم الجامعي لطلبة كانوا يأتون من قرى ومناطق نائية إلى مدن كبيرة حيث يتركز وجود الجامعات. وفي الوقت الذي يتمنى فيه طلبة وطالبات الجامعات أن يتم رفع قيمة المكافأة حتى تتسق مع ارتفاع تكاليف المعيشة العالمي، تظهر مثل هذه المقترحات التي تصادم رغبات المجتمع وتنغِّص عليهم. وفي السياق نفسه ،فإن المتقاعدين يعانون من جمود رواتبهم بشكل صارت تكاليف المعيشة تشكّل معه ضغطاً على رب أسرة توقفت علاوته السنوية، وصارت تكاليف المعيشة ومصروفات البيت تقلقه في فترة تقاعده. يحدث هذا في وقت تنصح فيه وزارة الصحة المتقاعد بالاسترخاء والراحة والسياحة في الأرض وممارسة الرياضة والتنزه في الثلث الأخير من عمره. إن استمرار العلاوة السنوية للمتقاعدين، بات مطلباً صحياً وحياتياً ومعيشياً وأسرياً، فالمتقاعد إن اطمأن إلى دخل شهري تقاعدي مريح له ولأسرته ،فإنه سينطلق في بهجة الحياة ،وستخف عليه الضغوط الأسرية والحياتية ،وبالتالي تتراجع احتمالات إصابته بأمراض مزمنة تحتاج للعلاج. وهذا يقود إلى أن يتناقص عدد المتقاعدين الذين يضغطون على النظام الصحي الوطني ،وتتراجع تبعاً لذلك الحاجة إلى ميزانيات ضخمة للعلاج من أمراض التقاعد المزمنة. آخر الكلام: ما يدفعه صندوق التقاعد من علاوة سنوية، يعود إلى صندوق الرعاية الصحية.