وظائف الحراسات الأمنية من الوظائف الحساسة في المجتمع، ولم تسلم من النظرة الدونية للعاملين فيها، وتقع الملامة على الشركات المشغِّلة في فتح الباب على مصراعيه لطالبي الالتحاق بتلك الوظيفة دون شروط وقيود، في غياب أهلية المتقدم للعمل وكفاءته من الناحية الأكاديمية أو من ناحية ملائمة الهندام الشخصي أو البدني، وكان السبب الرئيسي لعدم تطور نظرة المجتمع لهذه الوظيفة عن غيرها من الوظائف هو تدني المربوط الشهري وارتفاع عدد ساعات العمل السبب الذي كان كفيلاً بأن يبتر جذور الاستقرار الوظيفي، ويشلّ نموه، ويجعل منها وظيفة مؤقتة أو ثانوية يُحارب بها البطالة أو وظيفة موسمية للطلاب وكبار السن ، فلم يجدوا مفراً من نظرات الشفقة وتعاطف الناس التي وصلت بالبعض إلى إخراج الصدقات لرجال الأمن، وإحراجهم بها دون التأكد و تلمّس حاجتهم لتلك الصدقة . ويعود ذلك لعدة أسباب من أهمها عدم بوتقة تلك الوظيفة وشاغليها ولم تحظ باهتمام القطاعات الخاصة من حيث التطور والإنماء وإنما بقيت على ماهي عليه لفترة أجزم بأنها طويلة الأمد ،فترسّخت تلك الاعتقادات في العقول طوال تلك الفترة، على النقيض لم يكن هناك محاولات لتبديل الفكرة أو محوها، الأمر الذي جعل من العملية الأمنية محتكرة وسيادية على الجهاز الحكومي والذي صعب عليه إسناد و منح بعض الصلاحيات ، كتسليح رجال الأمن أو التفتيش وغيرها من المهام التنفيذية لتلك القطاعات الأمنية لعدم وجود تأهيل مهني للقوى العاملة وتطوير للمهارات من خلال الدورات التدريبية الخاصة والأمنية والتعليم المستمر لهم، وضبط محكم للعملية الأمنية ،و استمر توسع تلك الفجوة حتى تم تأسيس الشركة الوطنية للحراسات الأمنية في عام 2020 م و المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة بهدف تطوير وتنمية قطاع الحراسات والخدمات الأمنية الخاصة في المملكة العربية السعودية و الارتقاء بسياسة الأمن مع تجديد هوية رجل الأمن وتعزيز التكامل بين العناصر الأمنية، وفق استراتيجيات مدروسة ومحدّدة المعايير، و برأيي دخول شركة "سيف" لسوق العمل، كان بمثابة نقطة تحول لبلورة صورة رجال الأمن المبتذلة، وإنقاذها من التدهور الوظيفي الذي مرت به لفترة طويلة من الزمن، كما أن عنايتها امتدت لتشمل الأجور وبيئة العمل وكسب ولاء الموظفين، وفي وقت قياسي أصبحت منافساً قوياً و رائداً في تقديم الخدمات الأمنية وفق برتوكولات أمنية عالية الجودة، وأصبحت نموذجاً جديراً أن يحتذى به، متمنين أن نشاهد أمثلة حية ومماثلة لها في نفس القطاع .