أكدت بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، في تقريرها الجديد حول أحدث تطورات مشهد اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي حول العالم، أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) تسيّدت مشهد التكنولوجيا في عام 2023 بفضل إمكاناتها الواعدة بإحداث تحولات ثورية على مستوى العمليات التشغيلية وكفاءة الأعمال. وتظهر منطقة الشرق الأوسط نهجاً متميزاً في تبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، ويختلف هذا النهج – على نحو ملحوظ – عن الاتجاهات السائدة حول العالم. ووفقاً لنتائج الاستبيان الذي أجرته بوسطن كونسلتينج جروب، ففي حين أن 66% من قادة الأعمال حول العالم أعربوا عن عدم رضاهم أو تناقض في آرائهم في ما يتعلق بالتقدم المحرز في مجال الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن السيناريو في منطقة الشرق الأوسط مختلف، حيث توقع 61% من المديرين التنفيذيين في المنطقة تحقيق نتائج إيجابية من استخدامات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي على مستوى الإنتاجية، تزيد عن 10% في عام 2024. وأشار 54% من المديرين التنفيذيين في الشرق الأوسط إلى أن قدراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي/الذكاء الاصطناعي التوليدي تركّز حالياً على الاستخدامات والتطبيقات العملية، وتتخطى حدود التجريب المحدود لتشمل مبادرات أكثر شمولاً ونطاقاً. وقال ديفيد بانهانز، مدير مفوّض وشريك أول في بوسطن كونسلتينج جروب: "تشهد منطقة الشرق الأوسط تقدماً كبيراً على صعيد اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال إيلائها أهمية متزايدة لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي الأساسية والتركيز على تسخير البيانات باعتبارها ركيزة رئيسية لخلق قيمة فورية واستراتيجية. وإن أكثر ما يميز منطقة الشرق الأوسط في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي ويتيح لها تحقيق مكاسب ونتائج إيجابية كبيرة على مستوى الإنتاجية والابتكار، هو تركيزها المتزايد على تسريع مبادرات واستخدامات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي التي تتسم بسهولة الوصول إليها وقابليتها للتطوير وتستند إلى البيانات القابلة للتطبيق في مختلف تحديات الأعمال، هذا إلى جانب التحول المتسارع نحو النهج الرقمي المدعوم بالبيانات". في ضوء تقريرها الجديد الذي حمل عنوان "رادار مشهد الذكاء الاصطناعي: من الإمكانات إلى الأرباح مع الذكاء الاصطناعي التوليدي" ويستند إلى استبيان شمل 1406 مديرين تنفيذيين في 50 سوقاً و14 قطاعاً ومجالاً للأعمال، فإن 71% من المديرين التنفيذيين المشاركين قالوا بأنهم يخططون لزيادة الاستثمارات في مجال التكنولوجيا في عام 2024 – بزيادة قدرها 11 نقطة عن عام 2023 – ويخطط عدد أكبر (85٪) لزيادة إنفاقهم على الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي. وعلى صعيد تنمية قدرات القوى العاملة وتطويرها، تتصدر منطقة الشرق الأوسط الجهود المبذولة لتحسين المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مع المزيد من التركيز في هذا المجال، حيث أفاد 11٪ فقط من المديرين التنفيذيين في الشرق الأوسط بأن أكثر من ربع العاملين لديهم حالياً تلقوا تدريباً على أدوات الذكاء الاصطناعي. ويشير ذلك إلى الجهود المستمرة في المنطقة لتزويد القوى العاملة بالمهارات المطلوبة للتكيف مع مشهد الذكاء الاصطناعي. ومن جهته، قال مارك زاليسكي ، مدير مفوّض وشريك في بوسطن كونسلتينج جروب إكس: "مع استمرار منطقة الشرق الأوسط في تحقيق التفوق على صعيد اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، ينصب التركيز الرئيسي حالياً على بناء القدرات اللازمة لمواكبة متطلبات عصر الذكاء الاصطناعي وتعزيز التقدم في هذا المجال. وتمضي الشركات والحكومات في المنطقة بخطى ثابتة نحو تطوير هذه التكنولوجيا وتعزيز مهارات القوى العاملة لديها من خلال تبني نهج يرتكز على الإدارة الشاملة للتغيير، بدءاً بالقيادات. وقد أحرزت المنطقة تقدماً كبيراً في تدريب القوى العاملة لديها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن الرحلة نحو تحقيق الكفاءة الشاملة في عالم الذكاء الاصطناعي لا تزال مستمرة. ويشكل الالتزام بتطوير هذه التكنولوجيا وتنمية مهارات وقدرات القوى العاملة والموارد البشرية ضرورة حيوية لتحقيق نجاحات مستدامة". ضرورة مواكبة التطورات وتسريع المبادرات رغم إن نسبة صغيرة من الشركات تجني بالفعل ثمار استخدامات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي، إلا أن الشركات الأخرى إما تحاول اللحاق بالركب أو تقف وتراقب المشهد. وقال أكثر من 60% من المديرين التنفيذيين الذين شملهم الاستبيان إن شركاتهم لا تزال تنتظر معرفة كيفية تطور اللوائح الخاصة بالذكاء الاصطناعي، في حين نجحت 6% فقط من الشركات بتدريب أكثر من 25% من موظفيها على أدوات الذكاء الاصطناعي حتى الآن. وفقًا للتقرير، تدرك الشركات التي تبنت مبكراً تقنيات الذكاء الاصطناعي استمرارية تطور استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي والإمكانات التي تنطوي عليها في ما يتعلق بتعزيز الإنتاجية ودفع عجلة النمو الإجمالي. ويحدد التقرير العديد من الخصائص التي تميّز الشركات المواكبة لتطورات الذكاء الاصطناعي والشركات التي تزال تراقب المشهد، بما في ذلك: تستثمر الشركات التي نجحت في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز مستوى الإنتاجية وتحقيق معدلات نمو أعلى. من المرجح أن تشهد المؤسسات التي تخطط لاستثمار أكثر من 50 مليون دولار في الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي هذا العام تحقيق وفورات في التكاليف خلال العام 2024 بمقدار 1.3 مرة – كما أنها أكثر احتمالاً بمقدار 1.5 مرة لتحقيق وفورات في التكاليف تزيد عن 10%. تستمر الشركات التي نجحت في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين مهارات موظفيها بشكل منهجي وهادف. نجحت 21% من المؤسسات التي أنفقت هذا العام ما يزيد عن 50 مليون دولار على الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي بتدريب أكثر من ربع موظفيها. تدرك الشركات التي نجحت في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي التكاليف المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. لا تحظى تكلفة الاستخدام، والتي لها آثار خطيرة طويلة المدى، بالاهتمام المطلوب. ويعتبر 19% فقط ممن شملهم الاستبيان أن التكلفة هي مصدر القلق الأكبر في ما يتعلق باعتماد حلول الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي. تؤسس الشركات التي نجحت في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي علاقات وشراكات هادفة. 3% فقط من المديرين التنفيذيين يعتبرون الشراكات الموجودة مسبقاً أولوية عند البحث عن حلول الذكاء الاصطناعي. تطبّق الشركات التي نجحت في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي مبادئ الذكاء الاصطناعي المسؤول (RAI). كلّفت 27% من الشركات التي شملتها الدراسة والتي تستثمر أكثر من 50 مليون دولار في الذكاء الاصطناعي في عام 2024، الرئيس التنفيذي ليكون مسؤولاً عن استراتيجيات الذكاء الاصطناعي المسؤول الخاصة بها (مقابل 14% بشكل عام). وقال روبرت شو، مدير مفوّض وشريك في بوسطن كونسلتينج جروب إكس: "تنطوي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على إمكانات كبيرة لإعادة تعريف مشهد نماذج أعمال وعمليات الشركات في الشرق الأوسط، الأمر الذي من شأنه أن يخلق قيمة كبيرة للشركات والاقتصادات على نطاق أوسع. ويتطلب هذا التحول القائم على الذكاء الاصطناعي تبني استراتيجية ترتكز على مبدأ خلق"القيمة أولاً" ونهجاً مستمراً "لمواكبة التطورات التكنولوجية وإدارة التغيير" لتحقيق نجاحات مستدامة عبر مختلف القطاعات. وسيؤدي دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أنظمة أعمالنا ليس فقط إلى تحسين الكفاءات التشغيلية وإحداث تأثير إيجابي في الإيرادات، بل أيضاً إلى تحفيز تطوير نماذج أعمال جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي والتطور على مستوى المنطقة".